ثلوج وشتاء في يوليو وأغسطس.. حكاية عام غياب الصيف عن العالم
آخر تحديث: الإثنين 28 يوليه 2025 - 11:27 ص بتوقيت القاهرة
أدهم السيد
تسببت الموجة الحارة الاستثنائية التي تشهدها مصر في انزعاج الكثيرين، إذ تمنى البعض زوال فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارى، لكن تلك الأمنية ليست بعيدة عن الواقع إذ شهد العالم عدة سنوات على مدار عصور متباعدة غاب فيها الصيف وحل الشتاء في ذروة يوليو وأغصطص؛ مسببا الأجواء الغريبة واللون الأحمر في السماء، ومن أشهر تلك السنوات عام ١٨١٦ الاستثنائية، حيث عاش العالم أقرب تجربة شتاء صيفي كانت لها آثارها المستمرة حتي الآن.
وتسرد جريدة "الشروق"، معلومات وردت بكتاب العصر الجليدي الصغير.. كيف يصنع المناخ التاريخ؟ ودورية الجديد في الفيزياء، الجغرافية العلمية، ودورية 7Seas Press ، أهم وقائع خلال السنة التي غاب صيفها عن العالم.
*ظاهرة الشتاء البركاني
يحدث الشتاء في مواسم الصيف بسبب الغيوم البركانية، إذ يرتفع رماد البراكين مطلقا سحابة من غاز ثاني أكسيد الكبريت في طبقات الجو العليا؛ لتشكل تلك الغازات سحابة عاكسة لأشعة الشمس ليصل القليل من الأشعة لسطح الأرض، وينتج عن ذلك هبوط بدرجات الحرارة وتجربة الشتاء البركاني.
وتجدر الإشارة إلى أن تلك ظاهرة استثنائية غير مرتبطة بأغلب الثورانات البركانية، ولا تقاس بقوة الثوران البركاني.
*واقعة سنة ١٨١٦ وسنة بلا صيف
اشتهرت سنة ١٨١٦ بعام بدون صيف، حيث حدث ذلك نتيجة ثوران بركان طنبورة الإندونيسي في إبريل ١٨١٥ العام السابق للظاهرة، إذ تكتلت غيوم ثاني أكسيد الكبريت، وظهرت تأثيراتها مع صيف العام التالي، حين هبطت درجات الحرارة وانتشر الضباب الشتوي المميز، واكتست شمس الغروب باللون الأحمر القوي غير المعتاد، وهطلت الثلوج في يونيو وواجهت المحاصيل عاما قاسيا.
*شتاء حزين
واجهت دول أوروبا وأمريكا تحديدا عن بقية دول العالم كوارث إنسانية، فحينها وقعت المجاعات، وانتشرت حوادث الهجرة الجماعية الإجبارية، فضلًا عن أحداث الشغب نتيجة تلف المحاصيل بسبب اختلال الطقس وقضمات الصقيع التي أهلكت محاصيل الحبوب المستخدمة في الغذاء اليومي؛ لترتفع الأسعار ويهاجر أهل غرب أمريكا إلي شرقها، وتخلو مدن بريطانية من أغلب سكانها وتمتلئ شوارع فرنسا بأحداث الشغب غير المسبوقة منذ الثورة الفرنسية، فيما عمت المجاعة جميع البلدان المذكورة.
وتسببت الموجة الباردة الاستثنائية في وقوع الأوبئة، إذ أدى تعطل منخفض الهند الموسمي الشهير بحرارته بنمو جراثيم الكوليرا عند نهر الغانج الهندي، وتصاعد وباء قوي وصل حتى موسكو الروسية، لكن في غرب أوروبا فقد أدى فيضان الأنهار لوقوع وباء التيفوئيد في دول إيطاليا وسويسرا وما حولها.
*الدراجة ورواية مصاص الدماء.. إبداعات الصيف الشتوي
وترك ذلك الصيف البارد الاستثنائي آثارًا مستمرة على الثقافة البشرية، إذ حرم الصيف البارد أسرة لورد بيرون وماري شيل من المصيف المعتاد ليتفرغوا للقراءة المنزلية ثم الخروج بأشهر روايات الأشباح في العالم، وهما الرواية الملهمة لقصة مصاص الدماء وكتبها لورد بيرون، وقد كتبت ماري شيل خلال نفس العزلة رواية فرانكنشتاين.
فيما أدى الصيف الشتوي لكساد محاصيل الشوفان المستخدم كعلف للخيول ما ألهم العالم الألماني كارل درايز لإيجاد بديل صناعي للخيول؛ ليخترع أول دراجة في العالم وكانت تسمي بحصان درايزن وتطورت ليستمر استخدامها حتى الآن، ولم تقتصر اختراعات الصيف الشتوي على الدراجة، إذ ألهمت أحداث المجاعة العالم الألماني جاستس فون ليبج لدراسة واختراع الأسمدة الكيماوية التي اعتمد البشر عليها لاحقا كبديل أعلي كفاأة من الأسمدة العضوية القديمة.