بعد فاجعة الطريق الإقليمي.. الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية تطالب بقرارات لحماية العمالة الزراعية
آخر تحديث: الأحد 29 يونيو 2025 - 2:50 م بتوقيت القاهرة
أوضحت الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية خروج آلاف النساء والفتيات والأطفال يوميًا في أرجاء مصر للعمل في جني المحاصيل وأوجه أخرى من الأنشطة الزراعية، أيا كانت ظروف الطقس، في بيئة عمل لا تشمل أي حماية قانونية أو ضمان اجتماعي أو صحي أو وسائل حماية خاصة بالسلامة والصحة المهنية. وشددت على أن شهيدات المنوفية يجب أن يكن الفداء الأخير بعد عقود من نزيف دماء ضحايا الطرق من النساء والأطفال العاملات في قطاع الزراعة في مصر.
وربطت الجمعية في بيانها الصادر اليوم بين فاجعة حادث فتيات طريق المنوفية العاملات في الزراعة، الذي راح ضحيته 18 فتاة وطفلة من قرية كفر السنابسة بمركز منوف بمحافظة المنوفية، وأوضاع العمالة الزراعية، خاصة غير المنتظمة من النساء والفتيات والأطفال.
واعتبرت أن "النساء والأطفال الذين يعملون في الزراعة، ظلوا مستثنين من الحماية القانونية في كافة قوانين العمل التي صدرت في مصر منذ أول قانون عمل صدر سنة 1944 حتى القانون قبل الأخير رقم 12 الصادر في 2003، حيث تم استثناؤهم بنصّي المادتين رقم (97) ورقم (103)، وهو ما جعل هذا القطاع لعقود طويلة تحت وطأة الاستغلال بلا حقوق تمامًا، فلا حد أدنى للأجر، ولا إجراءات سلامة وصحة مهنية، ولا تأمين صحي، ولا تأمين إصابات عمل، ولا الحقوق الخاصة بتنظيم النساء والأطفال مثل غيرهم في قانون العمل".
وشددت على أن هذا الحادث ينبئ عن نوع جديد من الحوادث الكارثية، إضافة إلى ما اعتادت عليه آذان المسؤولين من حوادث على الطرق الزراعية أو غرق عاملات الزراعة من الفتيات والنساء في الترع بوسائل نقل بدائية غير آمنة، حيث كان نطاق الزراعة داخل زمام القرى، أما هذا الحادث فهو يُعبّر عن دخول نمط جديد في العمل الزراعي وهو الأراضي المستصلحة في الصحراء، فجاء على طريق سفر سريع داخل سيارة ميكروباص، مما يكشف عن زيادة معدلات الخطورة أثناء مواسم الغرس ومواسم الحصاد بانتقال أعداد كبيرة من العاملات الزراعيات لمسافات طويلة تتعدى المائة كيلومتر وتصل أحيانًا إلى ساعتين أو أكثر على الطرق السريعة.
وقال البيان: "ليس من العدالة أن تتحمل النساء والأطفال كافة آثار ضعف المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، بينما يجني المستثمرون والسماسرة ثروات طائلة من وراء كدّهن بلا رقيب ولا حسيب، في غياب تام لرقابة الدولة، ولا يمكن أن يكون ما حدث إلا جرس إنذار بعد أن باتت دماء الفتيات ضحايا هذه الحوادث جزءًا لا يتجزأ من أرشيف الحوادث السنوي، مما يضع الدولة بمؤسساتها والمشرّع ومنظمات المجتمع المدني، نقابات وجمعيات، أمام مسؤولية دستورية".
وشدد البيان على أن الدستور ضمن مساواة المواطنين وعدم التمييز بينهم، وجعل العمل حقًا لكل مواطن، فما البال بمواطنات عملهن الأساسي هو تأمين سلة الغذاء، أي أنهن الجزء الرئيسي من منظومة الأمن الغذائي لمصر، مضيفًا: "نحن الآن أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية تشترط ضرورة مراجعة بيئة العمل التي تخص العاملات في هذا القطاع، نساء وفتيات، ليس بإصدار قوانين وقرارات فقط، بل بسياسات تضمن تفعيلها".
ولفت إلى أن هذا الحادث جاء بعد صدور قانون العمل الأخير رقم 14 الصادر في مايو 2025، الذي ألغى الحظر الذي كانت تفرضه قوانين العمل السابقة، وشمل ضمن نطاقه النساء والأطفال العاملين في الزراعة البحتة، وشدد على أن "لا يمكن أن يظل العاملون في القطاع المسؤول الأول عن الأمن الغذائي في مصر بدون تنظيم أو حماية وبدون حقوق، إذ يؤدي هذا القطاع واجبه بالمشاركة في تأمين سلة الغذاء للمواطنين".
وأكد: "يجب أن تكن هؤلاء الشهيدات الفداء الأخير بعد عقود من نزيف دماء ضحايا الطرق من النساء والأطفال العاملات في قطاع الزراعة في مصر". وطالبت الجمعية في بيانها بمراجعة شاملة لبيئة وظروف العمل في قطاع العمالة الزراعية، ووضع آليات شاملة واضحة لحماية قانونية واجتماعية، وتطبيق العقوبات الواردة في القانون الحالي على ما تم مخالفته، والإسراع في إصدار القرارات الوزارية المنظمة للعمالة الزراعية والسلامة والصحة المهنية، تضمن حماية خاصة للعاملات والحد من عمالة الأطفال بهذا القطاع. كما طالبت بزيادة أعداد مفتشي العمل في المزارع الجديدة، وتشديد الرقابة من قبل مفتشي العمل على المزارع المتواجدة خارج زمام المحافظات في الأراضي المستصلحة الجديدة، واعتبار المستثمرين أفرادًا أو شركات شركاء في المسؤولية القانونية عن مثل هذه الحوادث طالما لم يتبعوا الإجراءات القانونية السليمة في تشغيل العمالة الزراعية المؤقتة أو الموسمية.