الهجرة البيضاء.. رحيل أطباء المغرب تحد يواجه القطاع الصحي

آخر تحديث: الثلاثاء 29 يوليه 2025 - 10:35 ص بتوقيت القاهرة

الرباط - الأناضول

- ما بين 600 و700 طبيب مغربي يهاجرون سنويا أي 30 بالمئة من الخريجين الجدد
- معدل الأطباء في المغرب لا يتجاوز 7.3 أطباء لكل 10 آلاف نسمة مقابل 13 طبيباً بالمتوسط العالمي
- ميزانية قطاع الصحة ارتفعت بنسبة تفوق 65 بالمئة منذ 2021
** رئيس نقابة المنظمة الديمقراطية للشغل علي لطفي:
- هجرة الأطباء تأتي بهدف البحث عن وضع أفضل
- دول أوروبية تستقطب الكفاءات الطبية لسد العجز الحاد في الموارد البشرية
- المناطق القروية الأكثر تضررا من نقص الكوادر الصحية والبنية التحتية المتدهورة

تتزايد المخاوف في المغرب من تفاقم ظاهرة هجرة الأطباء إلى الخارج، في ظل إقرار رسمي بأنها تمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع الصحي، رغم محاولات حكومية لتحسين أوضاع العاملين في هذا المجال.

وقال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، في كلمة ألقاها مؤخرا بالبرلمان، إن "هناك أسبابا دفعت عددا من الأطر (الكوادر) الطبية لمغادرة المستشفى العمومي بحثا عن فرص أفضل"، مستدركا بالقول إن "الحكومة عملت على الرفع من أجور الأطباء خلال السنوات القليلة الماضية."

وأكد أخنوش أن الحكومة "لم تتردد منذ بداية ولايتها في الشروع بتطوير ظروف العاملين الصحيين"، مشيرا إلى أن "الحكومة عقدت سلسلة من الاجتماعات المثمرة مع النقابات، والتي توجت بالعديد من المكتسبات الهامة".

وعدد من هذه المكتسبات "زيادة الرواتب الشهرية للأطباء بـ 3800 درهم (380 دولار)، وتسريع الترقيات للممرضين، ورفع تعويضات الأخطار المهنية لتصل إلى 1400 درهم (140 دولار) شهريا لفائدة الأطر الإدارية والتقنية".

ورغم هذه الإجراءات، تواصل أعداد الأطباء المغادرين للبلاد في الارتفاع، حيث تشير بيانات المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) إلى أن ما بين 10 آلاف و14 ألف من الأطباء المغاربة يعملون بالخارج، مقابل 23 ألف طبيب فقط يمارسون في المملكة.

** هجرة اضطرارية

ويأتي ذلك وسط تحذير أطباء ونقابيين من "الهجرة البيضاء" التي تجعل الكوادر الطبية تهاجر اضطرارا وليس اختيارا، وذلك بحثا عن ظروف أفضل، لتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية، وسط إغراءات من دول أوروبية تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية.

واعتبر رئيس نقابة المنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي أن "الأطباء يهاجرون بحثا عن وضع أفضل"، وهو ما يتقاطع مع "حاجة الدول المستقبلة لتغطية العجز لديها."

وأوضح لطفي للأناضول، أن دولا أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا تعمل على استقطاب أطباء وممرضين بسبب العجز في الكوادر الطبية لديها، موضحا أن موجة هجرة الأطباء "ليست ظاهرة مغربية فحسب، بل تهم دول العالم النامي".

وأضاف أن "الدولة المغربية تنفق أموالا طائلة على تكوين (تأهيل) الأطباء، ما يستوجب اعتماد حوافز فعالة لوقف هذا النزيف"، داعياً إلى إعادة النظر في النظام الأساسي للأطباء وخلق آليات جديدة للحفاظ عليهم داخل البلاد.

** عجز حاد

وبحسب مؤسسة "أساتذة الطب بالقطاع الحر" (غير حكومية)، يعاني المغرب من عجز كبير في الكفاءات الطبية، إذ لا يتجاوز معدل توفر الأطباء 7.3 أطباء لكل 10 آلاف نسمة، مقارنة بـ23 طبيبا حسب المعايير المعتمدة من منظمة الصحة العالمية، و13 طبيباً كمتوسط عالمي.

وأشارت المؤسسة في تقرير سابق إلى أن ما بين 600 و700 طبيب مغربي يهاجرون سنويا، وهو ما يعادل نحو 30 بالمئة من إجمالي الخريجين الجدد من كليات الطب في البلاد.

كما حذر الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، المشارك في الائتلاف الحكومي، من خطورة استمرار هجرة الأطباء، قائلا في لقاء حزبي، في فبراير الماضي إن "المغرب يفقد سنويا ما بين 600 و700 طبيب لصالح دول أجنبية"

** المناطق الهشة

ولفت لطفي إلى أن حاجة بلاده من الأطباء تفوق 30 ألف طبيب، وسط انتظار تخرج الأطباء من كليات الطب الحديثة، والعمل على الرفع من عدد الخريجين لسد النقص، وتوفير العدد الكافي من الأطباء.

وحذر رئيس نقابة المنظمة الديمقراطية للشغل من التأثيرات السلبية المتفاقمة لهجرة الأطباء على المناطق القروية، التي تعاني أصلا من نقص في الخدمات الصحية، وغياب أطباء أمراض النساء والتوليد، وغيرهم من الأطباء المتخصصين.

واعتبر أن استمرار نقص الأطباء في هذه المناطق يهدد بارتفاع معدلات الوفيات في صفوف النساء الحوامل والرضع، خاصة مع ضعف البنية التحتية الصحية، وقلة الممرضين والأطر الطبية المؤهلة.

** تأهيل القطاع

ورغم التحديات، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش على جدية التزامات حكومته في "إحداث تحول هيكلي للقطاع الصحي"، موضحاً أن "تأهيل قطاع الصحة ليس مجرد إصلاح قطاعي، بل هو قاطرة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية".

وأشار إلى أن ميزانية قطاع الصحة شهدت ارتفاعا غير مسبوق، إذ انتقلت من 19.7 مليار درهم (نحو ملياري دولار) في عام 2021 إلى 32.6 مليار درهم (3.2 مليارات دولار) في عام 2025، أي بزيادة تفوق 65 بالمئة خلال الولاية الحكومية الحالية.

وتسعى الحكومة، بحسب أخنوش، إلى مواكبة هذا التطور برفع عدد الخريجين من كليات الطب، واستكمال مشاريع الكليات الجديدة، لتوفير العدد الكافي من الأطباء وتغطية العجز المتراكم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved