تفكيك للمؤسسات الداخلية وصدامات مع الشرق الأوسط.. كيف أمضى ترامب أول 100 يوم من ولايته الثانية؟
آخر تحديث: الأربعاء 30 أبريل 2025 - 11:51 ص بتوقيت القاهرة
محمد حسين
منذ دخوله البيت الأبيض في يناير الماضي، بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عازم على إعادة صياغة مفهوم السلطة التنفيذية بالكامل، فخلال أول 100 يوم من ولايته الثانية، شنّ ترامب هجمات متتالية على مؤسسات الدولة، وأصدر سلسلة من الأوامر التنفيذية التي أربكت النظام السياسي الأميركي، وفاقمت المخاوف من انزلاق البلاد نحو حكم الفرد.
وفي واحدة من أبرز اللقطات الرمزية، علّق ترامب لوحة عملاقة له وهو يرفع قبضته الدامية عقب محاولة اغتياله في تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا، قبالة صورة الرئيس السابق باراك أوباما، في مشهد يوحي بتحدٍ صارخ للماضي، وتكريس لصورة الرجل الذي "نجا ليحكم"، بحسب مجلة التايم الأمريكية.
- تفكيك الدولة
مع بداية ولايته، أصدر ترامب أوامر أعاقت عمل وزارات كاملة، وأطاح بأكثر من 100 ألف موظف فيدرالي، وأطلق حملة ترحيل جماعي طالت حتى بعض المهاجرين الذين دخلوا البلاد بشكل قانوني، وجرى شحنهم دون محاكمة إلى دول أخرى بموجب قوانين تعود للقرن الـ18.
في 9 أبريل، استخدم ترامب وزارة العدل لاستهداف شخصيات اعتبرها خصومًا سياسيين، بينهم مسئولين سابقين في إدارته الأولى، ككريستوفر كريبس ومايلز تايلور، كما عيّن محامين موالين له في مناصب قضائية بارزة، بينهم ألينا حبا، محاميته السابقة، وعيّن في واشنطن شخصية من مناصري نظرية "سرقة الانتخابات" لرئاسة أكبر مكتب نيابة عامة في البلاد.
-صدام مع القضاء
رغم تأكيده احترام أحكام القضاء، تجاهل ترامب أمرًا من المحكمة العليا بإعادة مهاجر رُحّل خطأً إلى السلفادور، ودعا إلى عزل القاضي الذي أصدر الحكم، وعبّر رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، عن قلقه النادر بتصريح علني ينتقد فيه تصرفات الرئيس.
-استهداف الداخل.. وابتزاز الخارج
ترامب وسّع دائرة المواجهة لتشمل الجامعات، وشركات المحاماة، ووسائل الإعلام، مطالبًا إياها بتغيير سياساتها مقابل وقف هجماته، على سبيل المثال، عدّلت جامعة كولومبيا مناهج دراساتها الشرق أوسطية لتجنب قطع تمويل اتحادي بنحو 400 مليون دولار.
-حرب تجارية تضرب الاقتصاد العالمي
في السياسة الخارجية، أعلن ترامب حربًا تجارية جديدة فرض فيها رسومًا جمركية وصلت إلى 145% على الواردات، ورفض تحذيرات خبراء السوق والبنك الفيدرالي، معتبرًا أن "الولايات المتحدة متجر كبير وأنا أضع الأسعار".
وتجابه الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة رسوماً جمركية تصل إلى 245%، وردّت بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 125% على الواردات الأمريكية، ويستعد المستهلكون والشركات والأسواق لمزيد من حالة عدم اليقين مع تزايد المخاوف من ركود عالمي، وعلى الرغم من ذلك، أكدت حكومة الرئيس الصيني، شي جين بينج مراراً وتكراراً انفتاحها على الحوار، لكنها حذرت من أنها ستقاتل حتى النهاية إذا لزم الأمر.
وقالت ماري لوفلي، خبيرة التجارة الأمريكية الصينية في معهد بيترسون في العاصمة الأمريكية واشنطن، لبرنامج "نيوز آور" على بي بي سي في وقت سابق من هذا الشهر، بأن القيادة الصينية قد "تكون مستعدة تماماً لتحمل الألم لتجنب الاستسلام لما تعتقد أنه عدوان أمريكي".
-انقلاب على الدستور
يرى مراقبون، منهم أستاذ القانون بجامعة هارفارد جاك جولدسميث، أن ما يقوم به ترامب ليس مجرد تجاوزات منفردة، بل "خطة ممنهجة لإعادة صياغة القيود الدستورية"، بما يفتح الباب لصراع خطير بين السلطة التنفيذية والقضاء الفيدرالي، وبينما يصرّ ترامب على أنه ينفذ ما وعد به ناخبيه، تحذر أصوات عديدة في الداخل الأميركي من أن ما يُبنى خلال هذه الأشهر الأولى قد يغيّر شكل الجمهورية الأميركية لعقود مقبلة.
-ريفييرا الشرق الأوسط.. أحلام ترامب العقارية على حساب الحق الفلسطيني
لم تتوقف طموحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية عند إعادة رسم خرائط التجارة أو النفوذ العسكري فحسب، بل امتدت إلى اقتراحات وصفت بأنها أبعد ما تكون عن الواقعية السياسية.
ففي واحدة من أكثر الأفكار إثارة للجدل، طرح ترامب خطة لتحويل قطاع غزة إلى وجهة سياحية عالمية، أطلق عليها اسم "ريفييرا الشرق الأوسط"، عبر تهجير سكان القطاع الفلسطينيين واستبدالهم بمشروعات سياحية مطلة على البحر.
ولاقت تلك الدعوة استنكارا واسعا، وعلى رأسها موقف الرئيس عبدالفتاح السيسي رئس الجمهورية الذي جدد في مرات عديدة تأكيده على رفض أن خطة تستهدف التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، والتي تقف مصر أمامها كسد منيع حماية للحق الفلسطيني والأمن القومي العربي.