رئيس مجلس النواب: إعادة التوازن في العلاقة الإيجارية يتوقف على التزام الحكومة بتوفير وحدات بديلة

آخر تحديث: الإثنين 30 يونيو 2025 - 12:06 م بتوقيت القاهرة

صفاء عصام الدين

• جبالي: نحن أمام تحد جديد وصفحة جديدة سيذكرها التاريخ للمجلس

قال رئيس مجلس النواب، المستشار الدكتور حنفي جبالي، إن تطبيق أحكام مشروع الإيجار القديم وضمان فعاليته على أرض الواقع في إعادة التوازن المنشود في العلاقة الإيجارية لا يقف عند حدود نصوصه ولكن يتوقف بدرجة أساسية على التزام الحكومة بما تعهدت به في توفير وحدات بديلة للمستاجرين أو الذين امتد إليهم عقود الإيجار لا سيما لافئات الأولى بالرعاية، مضيفًا "لا يتصور أن يترك مواطن بلا مأوى أو يزاح من مسكنه دون أن يجد بديلأ يحفظ له كرامته ويصون أمنه".

وأضاف قبيل مناقشة المشروع في الجلسة العامة اليوم: "إننا أمام تحد جديد، وصفحة جديدة سيذكرها التاريخ لهذا المجلس، لتصديه لهذه الأزمة التي عزفت المجالس السابقة بكل ما لها وما عليها عن التصدي لها لما فيها من صعوبات جمة لم يكن لأي منا يد في صناعتها وإنما فرضتها الظروف الاستثنائية الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد، في حقبة تاريخية معينة جعلت سلطات الدولة تغليبًا للصالح العام تخرج عن جميع المبادئ المستقر عليها من حظر التعدي على الملكية الخاصة ومبدأ سلطان الإرادة في التعاقد وعقود الإيجار بحسب طبيعتها عقود رضائية ومؤقتة".

وتابع جبالي "اتخذت أحكام القضاء في حينه هذه الظروف والمبررات كأساس في أحكامها إلى الحد الذي وصفت فيه ان عدم تدخل المشروع في وقتها كان سيترتب عليه تشريد ألاف الأسر وتفتيت بنية المجتمع وإثارة الحقد والكراهية بين فئاته ما استلزم تدخل المشرع لما يصون للمجتمع أمنه وسلامته"

وبشأن تباين الأحكام عبر السنين قال جباليس "مع تغير الظروف الاقتصادية العليا طورت المحكمة الدستورية في أحكامها ومبادئها وتدخلت للحد من الامتداد القانوني على مراحل وصولا لتقييده في الجيل الاول فقط ونجد أن المحكمة الدستورية العليا دأبت في جميع الأحكام على التأكيد أن قوانين الإيجار القديم استثنائية، لا تمثل حلًا دائمًا ونهائيًا للمشكلات المترتبة على هذه الأزمة".

وقال "بصدور حكم الدستورية الأخير وبرغم من تعلق محل النزاع بثبات القيمة الإيجارية أكدت في حكمها على طبيعة قوانين الإيجار الاستثنائية وأنها قوانين مؤقتة مهما استطال أمدها، وأكدت حق المشرع في التدخل وتنظيم الامتداد القانوني وتنظيم تحديد القيمة الإيجارية واعتبرتهما من خصائص كافة القوانين الاستثنائية التي يملك المشرع مراجعتها دوما فلايستعصي على التنظيم التشريعي".

والتالي نص كلمة رئيس مجلس النواب:

الزميلات والزملاء أعضاء مجلس النواب الموقر..

لا يخفى على حضراتكم أهمية مشروع القانون المعروض اليوم، ليس فقط لأنه يمس قطاعاً كبيراً من أبناء الوطن من الملاك أو من المستأجرين، وإنما لأننا اليوم أمام تحدٍ جديد ضمن تحديات سبق بتوفيق من الله وعونه أن اجتازها هذا المجلس بعزيمة وثبات وحكمة شهد بها الجميع.

ونحن اليوم أمام صفحة جديدة سيسطرها التاريخ لهذا المجلس لتصديه لهذه الأزمة التى عزفت المجالس السابقة بكل ما لها وما عليها عن التصدى لها لما فيها من صعوبات جمة، أزمة لم يكن لأى منا يد فى صناعتها، وإنما فرضتها الظروف الاستثنائية، الاقتصادية والاجتماعية التى مرت بها البلاد فى حقبة تاريخية معينة، جعلت سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية فى حينه، وتغليبًا للصالح العام، تخرج على جميع المبادئ المستقر عليها فى الدساتير والقوانين المتعاقبة من حظر التعدى على الملكية الخاصة، ومبدأ سلطان الإرادة فى التعاقد، وأن عقود الإيجار بحسب طبيعتها هى عقود رضائية ومؤقتة، على نحو أقحمت فيه الدولة نفسها فى خضم العلاقة التعاقدية وجعلتها على خلاف طبيعتها غير محددة المدة، وجعلتها تورث لغير مالكها من المستأجر الأصلى إلى زوجه وابنائه وأقاربه نسبًا ومصاهرة حتى الدرجة الثالثة فيما يعرف بالامتداد القانونى، وذلك كُلهِ تغليبًا لمبادئ أخرى اقتضتها ظروف الحال وعلى رأسها التضامن الاجتماعى، وقد اتخذت أحكام القضاء فى حينه هذه الظروف والمبررات كأساس فى أحكامها، إلى الحد الذي وصفت فيه أن عدم تدخل المشرع في وقتها كان سيترتب عليه تشريد آلاف الأسر وتفتيت بنية المجتمع وإثارة الحقد والكراهية بين فئاته بما يهدر مبدأ التضامن الاجتماعي بما استلزم تدخل المشرع بما يصون للمجتمع أمنه وسلامته.

وبتطور هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية نجد أن المحكمة الدستورية العليا طورت من أحكامها ومبادئها فى أحكامها المتعاقبة منذ عام 1995 حتى عام 2002 حيث تدخلت للحد من هذا الامتداد القانونى على مراحل وصولاً لتقييده فى الجيل الأول فقط، ونجد أن المحكمة الدستورية العليا دأبت فى جميع الأحكام على التأكيد على أن قوانين الإيجار القديم استثنائية يتعين النظر إليها دوما بأنها تشريعات طابعها التأقيت مهما استطال أمدها، وأنها لا تمثل حلا دائما ونهائيا للمشكلات المترتبة على هذه الأزمة، بل يتعين دوما مراجعتها من أجل تحقيق التكافؤ بين مصالح أطراف العلاقة الإيجارية، فلا يميل ميزانها في اتجاه مناقض لطبيعتها إلا بقدر الظروف التي أملت وجودها."

وطبعًا لو كان مجلس الشعب وقتها أعمل سلطته وتدخل لتقليص هذا الامتداد قبل صدور أحكام المحكمة الدستورية العليا كنا هنجد بعض القانونيين وقتها كما نرى اليوم هيقولك تدخل غير دستورى "يعنى دستورى من المحكمة الدستورية العليا لكن غير دستورى من المشرع صاحب الاختصاص الأصيل").

وبصدور حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير في القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية دستورية بجلسة 9/11/2024 وبالرغم من تعلق محل النزاع بثبات القيمة الإيجارية، إلا أن المحكمة أكدت في حكمها على طبيعة قوانين الإيجار الاستثنائية وأنها قوانين مؤقتة مهما استطال أمدها، وأقرت صراحة حق المشرع في التدخل وتنظيم (الامتداد القانوني لعقود الإيجار) وكذا (تحديد القيمة الإيجارية) حيث اعتبرتهما من خصائص كافة القوانين الاستثنائية التي يملك المشرع مراجعتها دوما فلا يعد أى منهما حكماً مطلقاً من أي قيد، وكلتاهما لا تستعصي على التنظيم التشريعي.

وبهذا اجمالاً أكون قد أوضحت التطور الذى شهدته هذه القوانين الاستثنائية فى ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعاقبة.

وختاماً أوجه حديثي إلى الحكومة.. مؤكداً على أن تطبيق أحكام هذا المشروع وضمان فعاليته على أرض الواقع في إعادة التوازن المنشود بين طرفي العلاقة الإيجارية، لا يقف عند حدود نصوصه وأحكامه، وإنما يتوقف بدرجة أساسية على التزام الحكومة بما تعهدت به من توفير وحدات بديلة للمستأجرين أو من امتدت إليهم عقود الإيجار المخاطبين بأحكام هذا القانون لاسيما الفئات الأولى بالرعاية منهم، فلا يتصور أن يُترك مواطن بلا مأوى أو ان يُزاح عن مسكنه دون أن يجد بديلاً آمناً ومناسباً يحفظ له كرامته الإنسانية ويصون للمجتمع أمنه وسلامته.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved