معرض حسن حشمت في برلين: نحات الشعب بين الإرث الثقافي والتجديد الفني

آخر تحديث: الإثنين 30 يونيو 2025 - 1:57 ص بتوقيت القاهرة

برلين- محمد مجدي:

لأول مرة في ألمانيا، يقدم مركز ليبنيز لدراسات الشرق الحديث بالتعاون مع "الديوان – البيت العربي للثقافة في برلين"، معرضًا مخصصًا لأعمال النحات المصري حسن حشمت (1920–2006)، في الفترة من 4 يوليو حتى 1 أغسطس 2025. وقالت سونيا حجازي، نائبة رئيس مركز ليبنيز، إن المعرض سيفتتح بمحاضرة للمؤرخة الفنية نادين نور الدين، بعنوان "نحات الشعب: إرث حسن حشمت في البورسلين"، حيث يسعى المعرض إلى استكشاف حشمت من خلال أعمال أصلية نادرة، وصور فوتوغرافية، ومواد أرشيفية، ومقتنيات من مجموعات خاصة.
وقالت حجازي: "نحن الآن في طور اكتشاف أعماله الفنية حول العالم"، مشيرة إلى أن حشمت ليس أول من صنع تماثيل من البورسلين في العالم. فالصينيون قاموا بذلك منذ قرون، والألمان بدأوا في القرن التاسع عشر.
ويدعو المعرض الزوار لاكتشاف إرث حشمت الفني مجددًا، ويقدم شهادة حيّة على غنى وتعدّد أوجه الفن العربي الحديث. يُعدّ حشمت من أبرز النحاتين في مصر الحديثة، ورغم تأثيره الكبير، ظلّ لفترة طويلة منسيًا في السرديات الفنية العربية والعالمية. ويجمع عمل حشمت بين تأثيرات الإرث الفرعوني وثقافة الشعب، ويعكس من خلال لغة تشكيلية حديثة يوميات المصريين، وقيم الكرامة الإنسانية، إلى جانب تفاعله مع رموز من المسيحية والإسلام.
منذ طفولته، قرر حشمت، الالتحاق بمدرسة الفنون التطبيقية في القاهرة. وفي عام 1957، حصل على منحة من الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي (DAAD) للدراسة في مدينة "زيلب" البافارية، الشهيرة بصناعة البورسلين (هوتشنرويتر وروزنتال). ومنذ ذلك الحين، أصبح البورسلين أحد خاماته المفضّلة إلى جانب الخشب والحجر. التزامًا بشعاره "فنٌّ للملايين"، صمّم منحوتات صغيرة من البورسلين تجسّد الحياة اليومية للمصريين، دون مبالغة أو استعلاء، بل برقيّ وكرامة.
وكانت مجسّمات نساء من نوع "الفلاحة"، وأزواج عشاق، وراقصين مستوحين من نجوم تلك الفترة مثل فريدة فهمي ومحمود رضا، أعمالاً تصل فكريًا وعاطفيًا للجميع – بل وكان بمقدور الناس اقتناؤها مقابل 30 قرشًا فقط في السبعينيات.
إلى جانب ذلك، أنجز حشمت أعمالًا بتكليف من الدولة، مثل إعادة تصور تمثال نفرتيتي، الذي قُدم كهدية رسمية من الدولة المصرية خلال زيارات رئاسية. طوال حياته، كان حشمت فنانًا عالميًا، عمل في الشرق والغرب خلال الحرب الباردة، وأقام معارض من بوسطن إلى دلهي، ونفذ أعمالًا في بلجيكا وألمانيا ومصر. لا تزال بعض منحوتاته الضخمة معروضة في الساحات العامة، منها النصب التذكاري في مدينة هاسلت البلجيكية، الذي يخلّد ذكرى 23 مبشرًا قُتلوا خلال ثورة السيمبا في الكونغو، عمل ذو دلالة سياسية وإنسانية متجددة.
كما لا يزال تمثاله الشهير "انطلاقة مصر" الذي كان يزين ميدان الجلاء دائما، قبل نقله إلى متحفه في حالة مهترئة، وأُعيد ترميمه على يد ماري لويس بشارة، وأُعيد نصبه أخيرًا بجماله الكامل في أحد الميادين في مدينة العاشر من رمضان العام الماضي.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved