يستقبل المتحف المصري الكبير، اليوم السبت، وفودًا دولية رفيعة المستوى في حدث بارز تشهده مصر، أُعدّت له استعدادات مكثفة على مختلف المستويات، ليجسّد المتحف بذلك رسالته بوصفه هدية مصر للعالم، ورمزًا لعظمة الحضارة المصرية القديمة التي لا تزال تبهر العالم حتى اليوم. ُ
ذكر أن المتحف المصري الكبير أُنشئ بجوار منطقة أهرامات الجيزة، ليكون أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من مختلف عصور التاريخ المصري القديم، من بينها كنوز الملك توت عنخ آمون كاملةً والمكوّنة من 5398 قطعة، والتي تُعد من أبرز وأندر المجموعات الأثرية على مستوى العالم.
ودائمًا ما كانت الحضارة الفرعونية مصدر إلهام للعالم، ولا سيما لأبنائها الذين نهلوا من تراثها العظيم وعبّروا عنه في أعمالهم وإبداعاتهم، ومن أبرزهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، الذي اتخذ من مصر القديمة مشروعه الأدبي الأول في بداياته، مجسّدًا من خلال رواياته مثل رادوبيس وكفاح طيبة صورة الإنسان المصري في مواجهة الزمن والطغيان، وسعيه الأبدي نحو الحرية والخلود.
ويقول نجيب محفوظ ضمن حديثه في كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" لرجاء النقاش الصادر عن دار الشروق، "أول جائزة أدبية حصلت عليها في حياتي هي جائزة "قوت القلوب الدمرداشية" للرواية فهذه السيدة كانت محبة للأدب، ونظمت مسابقة في فن الرواية عام 1940، كانت جائزتها 40 جنيهًا مصريًا، وشُكِّلت لجنة تحكيم المسابقة من بعض أعضاء مجمع اللغة العربية، وأذكر منهم: طه حسين، وأحمد أمين، وفريد أبو حديد. تقدّم للمسابقة عدد كبير من الأدباء الشبان، وفزت أنا بالجائزة الأولى مناصفة مع علي أحمد باكثير عن روايته "سلامة"، بينما فزت عن روايتي "رادوبيس"، وحصلت على نصف الجائزة الأولى وهو مبلغ عشرين جنيهًا مصريًا، وقد كان هذا المبلغ في ذلك الوقت، لو تعلمون، عظيمًا، يقارب "أعراض الثراء" الآن. وقد يكون سكان العباسية كلهم علموا بالأمر".
وأضاف، "لم يكن مبلغ الـ20 جنيهًا هو المهم، بل كان الأهم منه أن الجائزة ساهمت في رفع روحي المعنوية إلى حد كبير. ففي تلك الفترة تعرضت للفشل وأنا أحاول نشر رواياتي في الصحف".
وفي موضع آخر، اخترت طريق الرواية رغم صعوبته، وتركت طريق الفلسفة رغم سهلته بالنسبة لي، حيث كنت قد كونت أساسًا متينًا في الدراسات الفلسفية. وصعوبة الطريق الذي اخترته تعود إلى عدة أسباب، أهمها: أن الأدب العربي كان يفتقر إلى فن الرواية بشدة، وكان التراث الروائي الموجود في ذلك الوقت محدودًا للغاية، والأعمال الموجودة قليلة، وهي أقرب إلى فن "السيرة الذاتية" مثل "عودة الروح" لتوفيق الحكيم و"زينب" للدكتور محمد حسين هيكل، و"الأيام" للدكتور طه حسين. كما أن هذا الطريق كان يقتضي مني قراءاتٍ واسعة في الأدب العربي والعالمي على حد سواء.
وكانت الرواية هي الفن الذي وجدت نفسي فيه، وكانت أعمالي الأولى عبارة عن روايات تاريخية كتبتها تأثرًا بقراءاتي في التاريخ الفرعوني القديم، خاصة أعمال "رايدر هاجارد" صاحب الرواية المعروفة "هي أو عائشة"، والذي حصل على لقب "سير"، وأعمال "هوك كين" الأديب الإنجليزي الذي اشتهر بالكتابة عن التاريخ الفرعوني، وزار مصر وأقيم له احتفال مشهور في دار الأوبرا، وكتب أحمد شوقي قصيدة احتفاءً به. بالإضافة إلى سلسلة الروايات التاريخية المعروفة لجورجي زيدان، والتي أوحت إليَّ بكتابة تاريخ مصر كاملًا من خلال الأعمال الروائية، وهو المشروع الذي لم يتوقف ولم يتم.