يعاني سكان قطاع غزة من أزمة إنسانية متفاقمة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع في 7 أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن استشهاد نحو 60 ألف شخص، وإصابة أكثر من 140 ألفًا، إلى جانب نزوح ما يقارب مليوني فلسطيني، أي غالبية سكان القطاع، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
تتضاعف المعاناة اليومية مع استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد، حيث أُغلقت المعابر من الجانب الإسرائيلي، ومنع إدخال المساعدات الغذائية والطبية والوقود لفترات طويلة. وقد أسفر هذا الوضع عن نقص حاد في الغذاء، وانتشار المجاعة، لا سيما بين الأطفال وكبار السن. وبلغ عدد ضحايا المجاعة حتى الآن 162 شخصًا، بينهم 92 طفلًا، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
الاحتياج الغذائي اليومي في غزة
وفقًا لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يبلغ عدد سكان غزة حاليًا نحو 2,114,301 نسمة، موزعين كالتالي:
الأطفال من 0 إلى 4 سنوات: 15% (317 ألف طفل تقريبًا)
الأطفال دون 15 سنة: 27% (575 ألف طفل تقريبًا)
الأطفال دون 18 سنة: 32% (677 ألف طفل تقريبًا)
الفئة العمرية 18–60 سنة: 21% (440 ألف شخص تقريبًا)
كبار السن فوق 60 سنة: 5% (106 آلاف شخص تقريبًا)
وبحسب موقع "الطبي"، فإن احتياج الفرد اليومي من السعرات الحرارية يتراوح بين 1000 و2300 سعر حراري حسب العمر. وبناء عليه، يحتاج سكان غزة إلى نحو 17 مليار سعر حراري يوميًا.
وتُوزع هذه السعرات على ثلاث مجموعات غذائية رئيسية:
الكربوهيدرات (45%): نحو 2000 طن يوميًا
البروتينات (10%): نحو 423 طنًا يوميًا
الدهون (20%): نحو 380 طنًا يوميًا
وبالتالي، فإن الاحتياج الغذائي الكامل لسكان القطاع يقدّر بنحو 3000 طن يوميًا.
عدد الشاحنات المطلوبة يوميًا
وفقًا لموقع DHL Global Forwarding، تستطيع الحاوية القياسية بحجم 20 قدمًا نقل ما يقرب من 30 طنًا من المواد الغذائية، مما يعني أن سكان غزة يحتاجون إلى نحو 100 شاحنة غذائية يوميًا لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
ومنذ بدء الحرب وحتى اليوم، أي خلال 630 يومًا، كان يفترض أن تستقبل غزة نحو 63 ألف شاحنة غذائية على الأقل.
لكن بحسب تصريح المتحدث باسم الحكومة لقناة العربية، فإن ما دخل فعليًا لا يتجاوز 35 ألف شاحنة، محملة بـ 500 ألف طن من الغذاء، أي نصف الكمية المطلوبة تقريبًا.
آثار العجز الغذائي
أدى هذا النقص الحاد إلى تدهور كبير في الأوضاع المعيشية داخل القطاع. فقد أصبحت العديد من العائلات تعتمد على وجبة واحدة بسيطة يوميًا، وأحيانًا لا تتوفر حتى هذه الوجبة.
ويعاني الأطفال من سوء تغذية واضح، كما يفقد كبار السن القدرة على مقاومة الأمراض بسبب ضعف المناعة الناتج عن قلة الغذاء.
النساء الحوامل والمرضعات يواجهن صعوبات شديدة في توفير الغذاء اللازم، ما يؤثر سلبًا على صحتهن وصحة أطفالهن.
كما أن المستشفيات والمراكز الصحية لا تمتلك ما يكفي من الأغذية الطبية للحالات الحرجة، مثل الأطفال المصابين بسوء التغذية، أو مرضى السرطان، أو أصحاب الأمراض المزمنة.
تحميل الاحتلال المسؤولية
تحمّل المؤسسات الحقوقية والإنسانية الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تعمّد تجويع سكان القطاع، من خلال فرض حصار طويل الأمد، ومنع إدخال كميات كافية من الغذاء، وعرقلة جهود المنظمات الإغاثية.
وتطالب هذه المؤسسات بفتح المعابر بشكل فوري ودائم، والسماح بدخول الحد الأدنى من المساعدات اليومية المطلوبة لإنقاذ السكان من المجاعة، والحد من الانهيار الصحي.
إن الوضع في غزة اليوم لا يتعلق فقط بالأرقام، بل بحياة يومية يغمرها العجز والانتظار. فكل شاحنة لا تدخل، تعني أطفالًا جائعين، وأمهات عاجزات، ومرضى بلا دواء، وسكانًا محاصرين يُحرمون من أبسط حقوقهم في الحياة.