أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ توليه منصبه في أواخر يناير 2025، عن سلسلة من السياسات المتعلقة بالهجرة، تستهدف بشكل رئيسي الحد من الدخول غير القانوني إلى الولايات المتحدة، وهو ما كان أحد الوعود الأساسية في حملته الانتخابية.
ومع ذلك، امتدت هذه الإجراءات لتشمل تقييد قنوات الهجرة القانونية، مثل تعليق عملية طلب اللجوء عند الحدود الأمريكية-المكسيكية، وإلغاء رحلات الطيران للاجئين الذين تمت المصادقة على أوراقهم مسبقًا.
تأثير السياسات على سوق العمل
أشار خورخي لويري، المدير التنفيذي للبرامج في المجلس الأمريكي للهجرة لموقع سي إن إن، إلى أن "الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة، وهذه السياسات قد تترك عواقب وخيمة على العديد من الصناعات". وفي الوقت الذي أكد فيه ترامب في السابق على ترحيبه بالمهاجرين القانونيين، مشيرًا إلى ضرورة استقطاب "الأشخاص المؤهلين"، كشف مؤخرًا عن برنامج "البطاقة الذهبية" الذي يتيح للأجانب الأثرياء العيش والعمل في البلاد.
ومع ذلك، حذر خبراء من أن الهجرة القانونية قد تشهد تراجعًا ملحوظًا خلال ولاية ترامب الثانية، نتيجة بيئة معادية للمهاجرين ناتجة عن السياسات والرسائل الإعلامية للإدارة. وأوضحت ميليسا لوبيز، مديرة مؤسسة "إستريلا ديل باسو" للخدمات القانونية للهجرة في إل باسو، أن "الوضع هادئ بشكل مفاجئ" مقارنة بخبرتها التي تمتد لأكثر من 17 عامًا.
التحديات الديموجرافية والاقتصادية
مع انخفاض معدلات الإنجاب بين الأمريكيين وتقدم السكان في العمر، تواجه صناعة الرعاية الصحية حاجة متزايدة إلى عمال لدعم كبار السن، بينما تعاني صناعات مثل البناء والزراعة من نقص في العمالة الشابة. ويرى الاقتصاديون أن الهجرة تمثل الحل الأمثل لتلبية احتياجات الاقتصاد الأمريكي، في تناقض مع موقف البيت الأبيض الذي يعتبرها مشكلة.
تراجع الهجرة القانونية
بحسب سي إن إن، شهدت الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة انخفاضًا في عام 2020 بسبب قيود جائحة كورونا، لكنها ارتفعت بشكل حاد في السنوات التالية. ووفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي، بلغ عدد المهاجرين القانونيين حوالي 2.8 مليون شخص في العام الماضي، بما في ذلك اللاجئين وحاملي تأشيرات العمل، مساهمين بنسبة 84% من نمو السكان في 2024.
ومع ذلك، أفاد تقرير من معهد "كاتو" بأن المستويات المرتفعة الحالية للهجرة تمنح إدارة ترامب "مساحة أكبر لفرض القيود" بهدف استرضاء القاعدة القومية. ويتوقع ديفيد بير، مدير دراسات الهجرة في المعهد، فرض مزيد من القيود بحلول صيف 2025، بما في ذلك احتمال استخدام أوامر صحية عامة لتصنيف المهاجرين على الحدود الجنوبية كمخاطر صحية.
التوقعات الاقتصادية
تتوقع "أليانز تريد" أن تنخفض الهجرة القانونية إلى النصف تقريبًا بحلول عام 2026، مما قد يؤدي، مع عمليات الترحيل الجماعي، إلى انخفاض نمو السكان بنسبة 0.2%. وأشارت جينيفر باباي، مديرة الدعوة والخدمات القانونية في مركز "لاس أمريكاس" للدفاع عن المهاجرين، إلى أن عملية التقديم للهجرة ستصبح "أكثر صعوبة"، مع تأخيرات متوقعة بسبب نقص الموظفين والتمويل.
الأثر الاقتصادي
في عام 2023، كان هناك 47.8 مليون مهاجر في الولايات المتحدة، بقوة شرائية تبلغ 1.7 تريليون دولار، وساهموا بدفع 652 مليار دولار كضرائب، وفقًا للمجلس الأمريكي للهجرة. ومع ذلك، تشير توقعات "أليانز تريد" إلى أن تشديد ترامب على الهجرة قد يخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 2% بحلول 2026. كما قدرت مؤسسة "بروكينغز" أن النمو قد ينخفض بنسبة 0.4% هذا العام إذا استمرت القيود ونفذت الإدارة 3.4 مليون عملية ترحيل.
تأثير على الصناعات
يمثل المهاجرون أكثر من 20% من العاملين في قطاعات الزراعة والبناء والنقل والخدمات العامة، وفقًا للمجلس الأمريكي للهجرة. وأوضح جيوفاني بيري، أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، أن "الأسواق العمالية في هذه الصناعات مشدودة للغاية، وبالتالي فإن التقييد العنيف للهجرة لن يحقق النمو الاقتصادي الذي يسعى إليه ترامب". وأضاف أن نقص العمالة قد يرفع أسعار الغذاء والإسكان والسياحة، لا سيما مع تزايد المتقاعدين وزيادة الحاجة إلى العمالة المهاجرة لدعم الاقتصاد.