أطلقت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، الحوار المجتمعي الوطني حول تغيّر المناخ، بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة، وذلك ضمن جهود تحديث الخطة الوطنية للتكيف (NAP)، في فعالية موسعة شهدت حضور ممثلين عن عدد من وكالات الأمم المتحدة والجهات الشريكة، بالتزامن مع احتفالات يوم البيئة العالمي 2025.
الوزيرة أكدت أن هذا الحوار يأتي ضمن برنامج الحكومة الممتد لثلاث سنوات، ويهدف إلى دمج فئات المجتمع المختلفة في نقاش شفاف وتشاركي حول التغيرات المناخية وآثارها، مشيرة إلى أن التركيز الأساسي سيكون على مفاهيم المرونة والصمود والتكيف، باعتبارها أولويات وطنية لمصر في المرحلة الراهنة.
وقالت فؤاد، إن الحوار ينطلق من قناعة بأن التصدي لآثار تغير المناخ يتطلب مشاركة مجتمعية واسعة، خاصة مع التفاوت في طبيعة المحافظات بين ساحلية وزراعية وسياحية، مشددة على أن الهدف هو الاستماع لصوت المواطن، من الصياد في رأس غارب إلى المزارع في الدلتا.
وأضافت: "هذا الحوار ليس شعارات، بل جزء من سياسات داعمة لتحقيق انتقال أخضر عادل لا يترك أحدًا خلف الركب"، مؤكدة أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة خلال السنوات الماضية، مثل إنشاء سدود الحماية وتعديل نظم صرف الأمطار، بدأت تؤتي ثمارها، مستشهدة بما حدث في الإسكندرية مؤخرًا حيث خفّت آثار موجة الطقس العنيفة نتيجة الاستعدادات السابقة.
وشددت الوزيرة، على أهمية إشراك المجتمع المحلي في تصميم وتنفيذ السياسات المناخية، قائلة: "نحن لا نريد أن تكون السياسات بمعزل عن الناس، بل أن تنبع من احتياجاتهم"، موضحة أن الحوار سيغطي 18 محافظة ويستند إلى نتائج استطلاعات الرأي التي نفذها المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة".
وأكدت أن الحكومة قطعت شوطًا في تهيئة الأطر التشريعية والمؤسسية للعمل المناخي، من خلال استراتيجية التنمية المستدامة 2030، والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، وخطة المساهمات المحددة وطنيًا، فضلًا عن بناء قدرات الوزارات على دمج المناخ في سياساتها.
من جهتها، وصفت إيلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، المبادرة بأنها "إعلان واضح بأن المتضررين من تغير المناخ يجب أن يكونوا في صميم صياغة الحلول"، مشيدة بالدور الريادي لمصر في ملف المناخ، وخاصة بعد استضافتها لمؤتمر COP27، وهنأت وزيرة البيئة على تعيينها أمينة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، معتبرة ذلك تتويجًا لمكانة مصر المتنامية في الحوكمة البيئية العالمية.
وأضافت بانوفا، أن الحوار هو تجسيد لتعاون وثيق بين الأمم المتحدة والحكومة المصرية، ويهدف إلى إشراك المجتمعات المحلية في مناقشة قضايا حيوية مثل الأمن الغذائي، وارتفاع مستوى سطح البحر، وإدارة المياه، ودور المرأة في العمل المناخي، والتعليم البيئي، مؤكدة أن العملية تستند إلى "الحكمة الجماعية للمجتمع المصري".
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور محمد بيومي، مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس فريق المناخ، أن الحوار المجتمعي هو جزء لا يتجزأ من إعداد الخطة الوطنية للتكيف، والتي يُموّل إعدادها من الصندوق الأخضر للمناخ، ويشارك فيها مختلف الوزارات ووكالات الأمم المتحدة، بهدف تقديم تقييمات دقيقة لآثار تغير المناخ على القطاعات الحيوية.
وأشار إلى أن ما سيخرج من الحوارات سيكون ضمن مدخلات خطة العمل الوطنية، وسيتم التوسع فيها لتصل إلى القاعدة الشعبية خلال العامين المقبلين، بناءً على طلب مباشر من وزيرة البيئة.
وشهدت الفعالية عرضًا لنتائج استطلاع رأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، حول وعي المواطنين بتغير المناخ قبل وبعد استضافة مؤتمر COP27، إلى جانب عرض فيلم قصير استعرض واقع آثار تغير المناخ في مصر وخطط التكيف المنفذة على الأرض.
وتعتزم وزارة البيئة بالتعاون مع شركائها من وكالات الأمم المتحدة، تشكيل شبكة من "دعاة المناخ" على المستوى المحلي، وتعزيز إدماج قضايا الاستدامة في سياسات القطاعات الأكثر تضررًا، من خلال حوار مفتوح يشمل الوزارات، والمجتمع المدني، والشباب، والمجتمعات المحلية، والقطاع الخاص، وأعضاء البرلمان.
وفي ختام كلمتها، أعربت الوزيرة عن أملها أن يصبح هذا الحوار منصة دائمة لتبادل الخبرات، وبداية لتوافق وطني شامل على سياسات قادرة على تحويل التحديات المناخية إلى فرص تنموية حقيقية.