تعرف الجمعية الأمريكية للطب النفسي القلق بأنه رد فعل فطري، يظهر عندما يواجه الإنسان ضغوطا أو موقف يشعره بالتهديد، وقد يكون بدرجة بسيطة أمرا إيجابيا لأنه يساعدنا على الانتباه والاستعداد. لكن في بعض الحالات يتحول القلق من إحساس طبيعي عابر إلى حالة مرضية تعرف باضطرابات القلق، والتي تتميز بوجود خوف مفرط أو توتر دائم لا يتناسب مع الموقف الفعلي. وهذه الاضطرابات تعد من أكثر المشكلات النفسية شيوعا، إذ يقدر أن ما يقارب ثلث البالغين قد يمرون بها في مرحلة ما من حياتهم، مما يجعل العديد من الأشخاص يتساءلون، هل يمكن السيطرة على هذه الدوامة من القلق قبل أن ننغمس بها؟

-من قلق طبيعي إلى اضطراب معترف به
يؤكد الأطباء على أن الفرق بين القلق الطبيعي وبين وجود اضطراب يحتاج تدخل مختص هو ملاحظة ما إذا كانت المخاوف مسيطرة لدرجة تعطل حياتنا اليومية، فعندها من الممكن أن يكون السبب وراء ذلك هو ما يعرف باضطراب القلق العام.

ووفقا لصحيفة ديلي ميل، ففي عام 2024 حصل نحو 8.6 مليون شخص في إنجلترا على وصفات لمضادات الاكتئاب، وهناك أكثر من 650 ألف شخص في بريطانيا يتلقون دعما ماليا حكوميا بسبب اضطرابات القلق والمزاج.
كل هذه الأرقام جعلت الخبراء يتحدثون عن وجود "وباء قلق" يسيطر على العالم، الأمر الذي يضاعف من أهمية تعلم أدوات تهدئة العقل والتحكم في التفكير.

-الأفكار المقلقة مثل البذور

ويشير الخبراء إلى أن الأفكار القلقة تشبه البذور، كلما منحتها انتباهك ووفرت لها العناصر اللازمة لتنمو، تمددت وأصبحت أقوى، والعقل البشري بطبعه يوفر البيئة المثالية لانتشار هذه البذور.

لكن الجانب الجيد أن لدينا أيضا الأدوات التي تساعدنا على اقتلاع تلك الأفكار السلبية من الجذور ومنعها من الاستمرار.

-قطع دائرة القلق

وفقا لتقرير ديلي ميل، فالخطوة الأولى تبدأ عند إدراك أنك بدأت في الدوران في حلقة القلق، وهنا يصبح كل ما عليك فعله هو مقاطعة الفكرة فورا، ويمكنك أن تفعل ذلك ببساطة عبر إصدار صوت مسموع أو حتى داخل رأسك لتنبه عقلك أن هذه الفكرة غير نافعة.

كما أن هناك طرق أخرى تعتمد على الحركة قد تساعدك مثل التوجه إلى النافذة أو الباب وأخذ أنفاس عميقة ببطء لعدة مرات، أو الجري سريعا لعدة دقائق. الفكرة الأساسية أن تكسر دائرة التفكير وتمنع العقل من تكرار نفس الدائرة التي تنتهي دائما بنفس النتيجة.

-استعن ببروتوكول I.C.E
وإذا لم تكن الطرق السابقة كافية ينصح الأطباء ببروتوكول I.C.E والذي يمكن أن يستغرق أقل من 15 دقيقة، ويفيد بشدة أثناء نوبات القلق الشديد أو نوبات الهلع. وهو يعتمد على الثلاث خطوات التالية:

1- التعرف
يجب أن تكون البداية أن تحدد الشيء الذي يثير قلقك، وتلاحظ المشاعر المصاحبة له والمكان الذي تشعر به في جسدك.
قد يكون في الرأس أو الفك أو الرقبة أو القلب، أو المعدة أو حتى الجلد، وبمجرد ربط الفكرة بالشعور الجسدي تكون قد وضعت يدك على جذور القلق.

2- التهدئة
الخطوة الثانية هي الانفصال عن هذا الإحساس، وأسهل طريقة لذلك هي التركيز على نقطتين أمامك والمسافة بينهما. اختر مثلا زاوية صورة على الحائط أو رف علوي، ثم انقل تركيزك إلى نقطة أخرى قريبة وكرر التنقل بين النقطتين عدة مرات، ثم ركز على الفراغ بينهما.
فعندما يركز العقل على مساحة فارغة، يتوقف الجسم عن رد الفعل لأن لا يوجد شيء يثيره، وتبدأ كيمياء الجسم والعقل في التغير من وضع القلق إلى وضع التهدئة.

3- الاستبدال
وأخيرا وبعد أن يهدأ جسدك عد إلى الفكرة المسببة للقلق وستلاحظ أن الكيمياء القديمة المليئة بالتوتر قد تم استبدالها بكيمياء جديدة أكثر هدوءا، وإن ظهرت فكرة أخرى مزعجة كرر نفس العملية مجددًا.