بعد نزوح متكرر، والعيش في مخيمات خيام أو بين أنقاض المنازل، وسط الجوع وانعدام الدواء، يواجه نحو مليون فلسطيني كارثة جديدة بعد قرار مجلس الأمن الإسرائيلي السيطرة على مدينة غزة، ما يهدد بدفعهم جنوبًا نحو مستقبل مجهول.
-مرهقون من النزوح والجوع: سكان غزة يواجهون مصيرًا مجهولًا
وبحسب صحيفة الجارديان، قالت "أم إبراهيم بنات"، 55 عامًا، وهي أم نازحة من شمال غزة هجّرت 4 مرات: "منذ الصباح وأنا أشعر بالخوف والقلق بعد سماعي نبأ إخلاء مدينة غزة. إلى أين سنذهب بالأطفال وكبار السن؟ أقسم أننا أنهكنا من النزوح والتجويع والطرد من مكان لآخر. نحن الآن أموات تمشي على الأرض".
-خطة إسرائيلية لتفريغ غزة
وبعد اجتماع استمر 10 ساعات، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الجمعة، أن مجلس الأمن صدق على خطة للسيطرة على غزة، في تصعيد جديد للحرب أدت لاستشهاد ما لا يقل عن 61 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وذلك وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.
وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، تشمل الخطة إدخال قوات برية إلى غزة، ما قد يؤدي إلى تهجير عشرات الآلاف، ويعطل إيصال المساعدات الغذائية، ويجبر مليون فلسطيني على الانتقال إلى الجنوب المكتظ بالفعل.
-شهادات من قلب المأساة: فقدنا كل شيء
"لقد دُمرت غزة بالكامل، فماذا بقي لهم ليفعلوه؟" تساءلت بنات، التي فقدت ابنتها مريم وزوجها وأطفالهما.
وأضافت: "فقدنا خيرة شبابنا، وأرضنا تحولت إلى سجن كبير محاصر برًا وبحرًا وجوًا، والدمار لم يعد يُحتمل، والأمراض تنتشر، والخيام تمتد بلا نهاية، والمياه ملوثة، والأسعار جنونية، والمستشفيات مدمرة، حياتنا مأساة كاملة. ماذا يريدون أكثر؟"، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.
رغم عدم صدور أمر رسمي بالإخلاء، يستعد الكثير من السكان للمغادرة مجددًا، آملين في العثور على ملاذ آمن جنوبًا.
ويقول أبو ناصر مشتهى، 35 عامًا، من حي الرمال: "إذا صدر أمر الإخلاء، سأترك كل شيء وأرحل، خوفًا على عائلتي وأطفالي. تكلفة البقاء باهظة، فقدت أمي في بداية الحرب عندما قصف الاحتلال منزلًا مجاورًا. بدأت بالفعل بوضع خطة تقشف ونقل الضروريات فقط. هذه بلا شك ستكون نهاية سكان غزة".
ومع تدمير معظم النظام الصحي وعرقلة دخول وكالات الإغاثة، يستعد الفلسطينيون لجولة جديدة من المعاناة. لجأ آلاف سابقًا إلى خانيونس ورفح، والآن ومع تحولهما إلى أنقاض، لا مكان واضحًا للفرار. رغم ذلك، يرفض كثيرون المغادرة، ويصرون على البقاء.
-التمسك بالأرض رغم الخطر: لن نرحل ولو صوبوا السلاح إلى رؤوسنا
ووفقا لصحيفة الجارديان، أوضح حسام السقا، 46 عامًا: "كيف يمكن تفريغ كل هؤلاء إلى الجنوب المزدحم أصلًا؟ نحن باقون في بيوتنا وعلى أرضنا. لن أرحل ولو كانت كل الأسلحة مصوبة إلى رأسي".
ويضيف: "أرى دعاية نتنياهو وإسرائيل مجرد ألعاب نارية إعلامية لترهيب الناس، لكنها لا تخيفنا، فالله معنا وهو أقوى من الجميع"، ويرى السقا وآخرون في غزة، أن الخطة محاولة للضغط على حماس بعد انهيار محادثات الوساطة التي قادتها الولايات المتحدة ومصر وقطر.
أما إبراهيم أبو الحُسني، صاحب الـ47 عامًا، الذي فقد ابنه "23 عامًا"، فقال: "هذه أرضنا التي نشأنا فيها منذ الصغر، ولن نتخلى عنها بسهولة." واختتم كلماته مؤكدًا: "سأعيش هنا، وسأموت هنا".