بعد تداول أخبار القبض على ما يسمى بالبلوجر وصانع المحتوى، تصدر مصطلح غسل الأموال وسائل التواصل الاجتماعي، محدثا جدلا واسعا حول طبيعة هذه الجريمة التي تعد من أخطر الجرائم الاقتصادية إذ توفر غطاء قانونيا للأموال المتحصلة من أنشطة غير مشروعة وتفتح المجال أمام تمدد الجريمة المنظمة مما يفرض ضرورة تكاتف الجهود بين الأجهزة القضائية والأمنية والمؤسسات المالية لمواجهتها والحد من انتشارها.
وألقت الأجهزة الأمنية القبض على 18 بلوجر خلال حملة أمنية موسعة نفذتها وزارة الداخلية على مدار الأيام الأخيرة، استهدفت أشهر صناع المحتوى على "تيك توك" ومنصات التواصل الاجتماعي، بعد سيل من البلاغات والاتهامات بنشر محتوى فاضح والتحريض على الفسق والفجور والتربح غير المشروع.
وأوضح المحامي بالنقض سامي حمدان مبارك، أن المشرع المصري تصدى لجريمة غسل الأموال من خلال القانون رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته، والذي عرف الجريمة بأنها: "تحويل الأموال أو الأصول المتحصلة من جريمة أصلية بقصد إخفاء أو تمويه طبيعتها أو مصدرها أو مكانها أو صاحبها أو صاحب الحق فيها، أو تغيير حقيقتها، أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك، أو عرقلة التوصل إلى مرتكب الجريمة الأصلية".
وقال حمدان في تصريح لـ"الشروق"، إن القانون يشترط أن تكون الأموال محل الغسل متحصلة من جريمة أصلية مثل الاتجار بالمخدرات أو بالبشر، أو جرائم الاختلاس والتربح والنصب وغيرها، لافتًا إلى عدم تحديد النصوص شكل معين للجريمة الأصلية أو حد أدنى لقيمة الأموال، إذ يكفي أن تكون متحصلة بطرق غير مشروعة لقيام أركان الجريمة.
وأكد أن القانون لا يشترط أسلوبًا محددًا لإثبات جريمة غسل الأموال، ما يمنح القاضي حرية واسعة في استنباط الدليل من مجمل الوقائع والأدلة المعروضة أمامه، الأمر الذي يعزز قدرة أجهزة العدالة على ملاحقة المتورطين في هذا النوع من الجرائم المعقدة.
وقال حمدان، إن العقوبات المقررة لجريمة غسل الأموال تتراوح ما بين الحبس الذي لا يقل عن ثلاثة شهور والسجن لمدة لا تتجاوز سبع سنوات وغرامة تعادل مثلي الأموال محل الجريمة مع مصادرة تلك الأموال المضبوطة، وذلك حسب نصوص المواد ١٣، ١٤، ١٤ مكرر، ١٤ مكرر/١ ، ١٥، ١٥ مكرر ، ١٦ من القانون ٨٠ لسنة ٢٠٠٢ وتعديلاته.
وترصد الشروق خلال السطور التالي أبرز المعلومات عن غسل الأموال:
- تعريف غسل الأموال
غسل الأموال هو عملية إخفاء أو تمويه المصدر الحقيقي للأموال المتحصلة من أنشطة غير مشروعة بحيث تظهر وكأنها أموال قانونية وغالبا ما تكون هذه الجريمة جزءا من جرائم أكبر مثل الاتجار بالمخدرات، الرشوة، الابتزاز، النهب، أو حتى الجرائم البيئية.
- مراحل غسل الأموال
وفقًا للتعريفات الدولية تمر عمليات غسل الأموال بثلاث مراحل رئيسية:
1 التنسيب إدخال الأموال غير المشروعة إلى النظام المالي مثل الإيداع في البنوك أو شراء أصول.
2 التغطية أو الطبقات إجراء سلسلة من التحويلات والمعاملات المالية لإخفاء أثر الأموال وفصلها عن مصدرها غير القانوني.
3 الدمج أو التكامل إعادة ضخ الأموال في الاقتصاد الشرعي على هيئة استثمارات أو مشاريع بحيث يصعب التمييز بينها وبين الأموال المشروعة.
- الإطار القانوني في مصر
ينظم القانون المصري جريمة غسل الأموال من خلال قوانين وتشريعات أبرزها، القانون رقم 78 لسنة 2003، القانون رقم 36 لسنة 2014، القانون رقم 17 لسنة 2020، القانون رقم 154 لسنة 2022.
وبحسب هذه القوانين يعد مرتكبا لجريمة غسل الأموال كل من علم أن الأموال متحصلة من جريمة وقام عمدا بتحويلها أو نقلها أو استخدامها لإخفاء مصدرها أو تمويه حقيقتها أو لمساعدة مرتكبي الجريمة الأصلية على الإفلات من العقاب.
- أمثلة واقعية على غسل الأموال
استقبال حساب مصرفي لتحويلات مالية كبيرة وغير معتادة لا تتناسب مع نشاط صاحبه، قيام العميل بإيداع أدوات مالية لحاملها وتحويلها لاحقا إلى أطراف متعددة، إجراء تحويلات مالية خارجية متكررة مع الادعاء بأنها ذات مصدر خارجي مشروع دون وجود دليل واضح.
- أساليب غسل الأموال
تقسيم المدفوعات إلى مبالغ صغيرة لإخفاء مصدرها، بيع المخدرات عبر الإنترنت وتلقي المدفوعات بالعملات المشفرة، تحويل الأموال بين دول وقارات لإبعادها عن مصدرها، دمج الأموال مع أرباح مشروعات قانونية مثل شركات الاستيراد أو أنشطة الكازينوهات.
- أصل التسمية
تعود تسمية غسل الأموال إلى عشرينيات القرن الماضي في ولاية شيكاغو الأمريكية حين لجأت عصابات المافيا إلى شراء مغاسل الملابس ودمج أرباح تجارة المخدرات مع أرباح هذه المغاسل بحيث تظهر الأموال كإيرادات مشروعة.
- مصادر الأموال غير المشروعة
الاتجار بالمخدرات، الرشوة والفساد، السرقة والنهب، تهريب البشر والمتاجرة بالأطفال، إدارة بيوت الدعارة، المقامرة غير القانونية.