• عزام: التلويح بالرسوم على المعدن الأصفر يضيف «علاوة جيوسياسية» على الأسعار
يرى عدد من المحللين الاقتصاديين أن تراجع الإدارة الأمريكية عن فرض رسوم جمركية على واردات الذهب سيساهم في تراجع الأسعار عالميًا، كما أن استمرار فرضها يصعد بأسعار المعدن الأصفر، خاصة إذا اعتبرها المستثمرون أداة تصعيد تجاري مما سيكون محفزًا لشراء الذهب كملاذ آمن، موضحين أنه لا يمكن التعامل مع الذهب على أنه سلعة مثل المعادن الأخرى، حيث يمثل جزءًا كبيرًا من احتياطيات البنوك المركزية عالميًا.
كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلنت أنه سيتم إصدار سياسة جديدة توضح أن واردات سبائك الذهب لن تخضع للرسوم الجمركية، بعد أن فاجأت الحكومة الأمريكية التجار بقرار إخضاعها للرسوم، مما أثار حالة من الجدل في الأسواق.
وأشار قرار نشر على موقع إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية على الإنترنت يوم الجمعة الماضي، إلى أن واشنطن قد تفرض على سبائك الذهب المستوردة الأكثر تداولًا في الولايات المتحدة رسومًا جمركية وفقًا لبلد المنشأ، مما قد يؤثر على سلاسل الإمداد العالمية للمعدن.
قال أحمد عزام، رئيس الأبحاث في مجموعة "إكويتي"، إن تراجع الإدارة الأمريكية عن فرض الرسوم الجمركية على الذهب سيهبط بالأسعار سريعًا، لكنه سيكون محفوفًا بالمخاوف بسبب إدراك السوق لمدى هشاشة شبكة الإمداد العالمية أمام القرارات السياسية المفاجئة.
وأوضح أن التلويح برسوم جمركية على الذهب يضيف "علاوة جيوسياسية" على الأسعار، لأن المستثمرين أصبحوا يضعون في حساباتهم أنه قد لا يكون محصنًا من الحروب التجارية، وهذا كفيل بدفعهم لزيادة حيازاتهم، لاسيما في بيئة عالمية تزداد فيها المخاطر.
وأوضح أن الذهب ليس مجرد سلعة تُتداول كالمعادن الصناعية؛ بل هو أصل مالي عالمي يرتبط بشبكة لوجستية دقيقة بين لندن ونيويورك وسويسرا ودبي ومومباي، مضيفا أن أي زيادة مفاجئة في تكلفة النقل عبر الرسوم الجمركية ستؤدي إلى انفصال سعري بين مراكز التداول، كما حدث مؤخرًا عندما قفزت عقود "كومكس" يوم الجمعة إلى مستويات تفوقت بأكثر من 100 دولار على السعر المرجعي في لندن، وهو فارق قياسي.
وأضاف أنه في حال مضت إدارة ترامب في فرض هذه الرسوم، قد يختبر الذهب عالميًا مستويات 3900 و4000 دولار، وقد تشهد الأشهر الثلاثة المقبلة مسارًا سعريًا مضطربًا، فبمجرد دخول الرسوم حيز التنفيذ قد نشهد صدمة في العرض وارتفاعًا مفاجئًا في الأسعار وستتعطل تدفقات السبائك إلى السوق الأمريكية، خصوصًا الكيلوجرامات المهيأة للتسليم في بورصة "كومكس"، وقد يقفز السعر الفوري في نيويورك سريعًا فوق 3600 و3700 دولار للأوقية، مع اتساع الفارق السعري عن لندن إلى أكثر من 100 و150 دولارًا، وستزيد مشتريات الصناديق الاستثمارية وصغار المستثمرين تحسبًا لنقص الإمدادات.
وتابع عزام، «على المدى المتوسط سيشهد السوق إعادة تموضع، وقد تتحول بعض الشحنات إلى أسواق بديلة مثل أستراليا أو أمريكا اللاتينية، لكن بتكلفة أعلى ووقت شحن أطول، مما يبقي الأسعار مرتفعة نسبيًا، ولكن إذا ترافق ذلك مع ضعف الدولار واستمرت التوترات الجيوسياسية، فقد يحافظ الذهب على مستويات 3650 و3800 دولار، كما قد تستغل البنوك المركزية خاصة في آسيا والشرق الأوسط اضطراب السوق لزيادة مشترياتها، مما يدعم الأسعار».
من جانبه قال ميشال صليبي، كبير محللي الأسواق المالية في شركة FxPro، إنه إذا استمرت الإدارة الأمريكية في فرض الرسوم على واردات الذهب، سيؤثر ذلك على الأسعار في السوق الأمريكية مقارنة بالأسواق العالمية مع ارتفاع تكلفة الاستيراد على شركات مجوهرات أو مستثمرين وبنوك، والتي ستنتقل للمستهلك النهائي، كما أن الرسوم قد تقلل حجم الاستيراد، مما يخلق نقصًا في المعروض بالسوق الأمريكي.
وأضاف أن تأثير القرار على المستوى العالمي يعتمد على حجم الطلب الأمريكي من هذه السبائك، حيث إن الرسوم من المتوقع أن تقلل الاستيراد الأمريكي بما يتراوح بين 10 و20%، موضحا أن هذا الفائض من المعروض من الممكن أن يتجه إلى أسواق مثل آسيا وأوروبا وهو ما سيضغط على الأسعار العالمية إذا كان الطلب في هذه الأسواق البديلة ضعيفًا، لكنه أوضح أنه إذا اعتبر المستثمرون هذه الرسوم أداة تصعيد تجاري وفرض سياسة حمائية سيكون ذلك محفزًا لشراء الذهب كملاذ آمن وبالتالي سيرفع الطلب ويدعم السعر عالميًا بشكل أكبر.
ويرى صليبي أن الذهب لا يزال مرشحًا للارتفاع ويستفيد من العوامل الجيوسياسية وحالة الضبابية في أمريكا والصراع بين دونالد ترامب و جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو ما يصب إيجابيًا في صالح الذهب الذي على الرغم من تراجعه حاليًا إلا أن التوقعات تشير إلى إمكانية عودته لمستوى 3420 دولارا، وفي حال اختراقه قد يصل لمستوياته التاريخية عند 3500 دولار.
من جانبه قال أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة في آي ماركتس للاستشارات المالية، أن الإدارة الأمريكية أعلنت أنه سيتم إلغاء الرسوم على واردات الذهب وهو ما أدى إلى عودة الأسعار عالميًا للتراجع، موضحًا أن القرار كان غير مدروس والاقتصاديين أوضحوا أن الإدارة الأمريكية تعاملت مع الذهب على أنه سلعة رغم أنه يمثل جزءًا من الاحتياطي الأمريكي، ولا يمكن أن يتم فرض رسوم عليه مثل المعادن الأخرى "الذهب ليس سلعة".
وأوضح معطي أن قرار فرض رسوم جمركية على الذهب رفع الأسعار خلال تعاملات يوم الجمعة الماضية، والحديث عن إلغائها حاليًا ساهم في تراجع الأسعار بنحو 1%، موضحًا أن فرض الرسوم الجمركية على أي سلعة يرفع أسعارها حيث أنه يحمل هذه الرسوم على السعر النهائي للسلعة للمستهلك، مشيرًا إلى أن التراجع عن القرار يؤكد أن الذهب يعد ملاذًا آمنًا مهمًا جدًا للاحتياطي الأمريكي.