في ذكرى رحيل دانتي.. محطات في حياة أبو اللغة الإيطالية وصاحب «الكوميديا الإلهية» - بوابة الشروق
الإثنين 15 سبتمبر 2025 11:35 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

في ذكرى رحيل دانتي.. محطات في حياة أبو اللغة الإيطالية وصاحب «الكوميديا الإلهية»

دانتي أليجييري
دانتي أليجييري
محمود عماد
نشر في: الأحد 14 سبتمبر 2025 - 12:35 ص | آخر تحديث: الأحد 14 سبتمبر 2025 - 12:36 ص

تحل اليوم الأحد الموافق الرابع عشر من سبتمبر ذكرى رحيل الشاعر والكاتب الإيطالي دانتي أليجييري، حيث ولد في الأول من يونيو عام 1265، ورحل في الرابع عشر من سبتمبر عام 1321، والذي يلقب بـ"أبو اللغة الإيطالية".

حياته الأولى

ولد دانتي في عائلة "أليجييري" المعروفة في فلورنسا، والموالية لحزب الجويلفيين المؤيد للبابوية، والمعادي لحزب الجيبيلينيين.

كان والده، أليجييرو دي بيلينسيوني، جويلفيا، لكنه لم يسع للانتقام بعد هزيمة الطويلفيين في معركة مونتابيرتي، أما والدته فكانت تدعى دونا بيلا أباتي، وتوفيت حين كان دانتي في الخامسة أو السادسة من عمره.

تزوج والده بعد وفاتها من لابا دي تشياريسسمو سيالوفي، وأنجب منها طفلين هما "فرانشيسكو" و"تانا" (غايتانا).

في عام 1277، وكان دانتي في الثانية عشرة من عمره، عقد قرانه على جيما دي مانيتو دوناتي، ابنة ميسير مانيتو دوناتي، في زواج مبكر كان شائعا آنذاك.

وقد أنجب منها عدة أبناء، يرجح أن من بينهم "جاكوبو"، و"بيترو"، و"جابرييل أليجييري"، و"أنطونيا" التي أصبحت راهبة واتخذت اسم الأخت بيتريس.


التعليم وبداياته الشعرية

لا يُعرف الكثير عن تعليم دانتي، لكنه يعتقد أنه تلقى تعليمه في المنزل، درس الشعر التسكاني، وتأثر بالمدرسة الصقلية التي بدأت بالانتشار في توسكانا آنذاك، كما اطلع على أعمال الشعراء البروفنساليين والثقافة اللاتينية.

كان معجبا بالشاعر فرجيل، ودرس اللغة الإيطالية العامية، واللاتينية، والبروفنسالية، وفي سن الثامنة عشرة، التقى دانتي بـ"جيدو كافالكانتي"، و"لابو جياني"، و"سينو دا بيستويا"، ولاحقا بـ"برانيتو لاتيني"، وشكل معهم ما عرف بـ"الأسلوب الجديد الحلو"، وقد خص دانتي برانيتو بإشارة خاصة في "الكوميديا الإلهية"، تقديرا لدوره في تعليمه.


دانتي والسياسة

كان دانتي ناشطا في الحياة السياسية والعسكرية في فلورنسا، وشارك في معركة كامبالدنو عام 1289 إلى جانب فرسان الجويلفيين، ورافق "كارلو مارتيلو دانجو" عام 1294 أثناء زيارته لفلورنسا.

كما عمل في مهن أخرى مثل الطب والصيدلة، وتقلد عدة مناصب مهمة في حكومة فلورنسا خلال تسعينيات القرن الثالث عشر.

بعد هزيمة الجيبيلينيين، انقسم الجويلفيون إلى فئتين الجويلف البيض: الذين انضم إليهم دانتي بقيادة فييري سيرتشي، والجويلف السود: بقيادة كورسو دوناتي.


في عام 1301، كان البابا بونيفايس الثامن يخطط للسيطرة على فلورنسا عسكريا، فأرسل شقيق ملك فرنسا، تشارلز دي فالويس، بصفته "صانع سلام" لتوسكانا، أُرسل وفد إلى روما للتفاوض مع البابا، وكان دانتي رئيسا لهذا الوفد.

لكن عند دخول تشارلز دي فالويس فلورنسا مع الجويلف السود في الأول من نوفمبر 1301، استولوا على الحكم، ودمروا المدينة وقتلوا معارضيهم خلال ستة أيام، وفي عام 1302، حكم على دانتي بالنفي ودفع غرامة كبيرة، مع الحكم بإعدامه إن عاد إلى فلورنسا.

إسهاماته الفكرية والسياسية

يُعد دانتي من أوائل المفكرين الذين وضعوا أسس الدولة المدنية الحديثة في أوروبا، التي تفصل بين سلطة الكنيسة وسلطة السياسة.

كان يرى أن الحكام يجب أن يحكموا بالقانون لا بسلطة رجال الدين، وأن توازن السلطات يحمي المجتمع من طغيان أي طرف.

لم يكن دانتي معاديا للدين، لكنه انتقد استغلال الكنيسة للسلطة السياسية، وفي نزاعه مع البابا والإمبراطور، وقف إلى جانب العدالة والقانون، ودافع عن عامة الشعب في مواجهة الإقطاع.

كان يؤمن بأن الأخلاق والعلم والفن هي السبيل إلى الإرادة الحرة، وأن الإنسان يجب ألا يتمسك برأيه تعصبا قبل أن تنضج الحقائق مثلما ينضج القمح قبل حصاده.

 

الكوميديا الإلهية العمل الخالد

خلال منفاه، كتب دانتي أعظم أعماله، "الكوميديا الإلهية"، ووقعها باسمه مرفقا بعبارة: "الفلورنسي مولدا لا خلقا"، في إشارة لرفضه لبلده الذي نكر جميله.

بدأ دانتي تأليفها عام 1308، وأكملها قبل وفاته عام 1321، وتعد هذه الملحمة الشعرية من أعظم الأعمال الأدبية في العالم، وقد ترجمت إلى معظم لغات الأرض، ومن بينها اللغة العربية، حيث ترجمت بالشعر الحر لأول مرة في يناير 2003.

وتنقسم "الكوميديا الإلهية" إلى ثلاثة أقسام: الجحيم، المطهر، والفردوس ويضم العمل 100 أنشودة: 34 للجحيم، و33 لكل من المطهر والفردوس.

اختار دانتي الرقم 3 رمزا للثالوث، والرقم 100 باعتباره مضاعفا للرقم 10 الذي كان يُعد رمزا للكمال في العصور الوسطى.

أما سبب تسميت العمل بـ"الكوميديا"، فهو أنه يبدأ بمواقف محزنة وينتهي بنهاية سعيدة، على عكس التراجيديا التي تنتهي بمأساة، ووصفت بـ"الإلهية" تعبيرا عن الإتقان والعظمة، وليس لأن دانتي رأى الله في نهاية العمل.

ويُرجح بعض الباحثين أن "الكوميديا الإلهية" تأثرت بـرسالة الغفران لأبي العلاء المعري، حتى أن دانتي وجهت له اتهامات بسرقتها، لكنه برئ في النهاية.

المنفى والرحيل

قضى دانتي ما تبقى من حياته متنقلا بين المدن الإيطالية، وفي عام 1318، دعاه الأمير جيدو نوفيلو بولينتا للإقامة في مدينة رافينا، حيث أكمل الجزء الأخير من "الكوميديا الإلهية" وهو "الفردوس".

في عام 1321، رحل دانتي عن عمر 56 عاما أثناء عودته من مهمة دبلوماسية في فينيسيا، ويعتقد أن سبب الوفاة كان الملاريا.

دفن في كنيسة سان بيير ماجيور في رافينا، ثم نظم له قبر أفضل عام 1483 على يد القاضي بيرناردو بيمبو من فينيسيا.

ورغم رحيل دانتي منذ قرون، ولكن بقى إرثه الخالد المتمثل في عمله الشعري "الكوميديا الإلهية"، حيث سيظل واحدا من أهم وأفضل الملاحم الشعرية في التاريخ.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك