استضاف قصر ثقافة الأنفوشي بالإسكندرية اليوم ماستر كلاس بعنوان "قيم وفلسفة العلاقات البصرية في تشكيل الفراغ المسرحي" قدّمه الفنان ومصمم الديكور عمرو عبد الله، وذلك على هامش الدورة الـ 15 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي (مسرح بلا إنتاج)، التي تحمل اسم الفنان محمد هنيدي، وتقام فعالياته في الفترة من 15 إلى 20 سبتمبر الجاري، تحت رعاية وزارة الثقافة ووزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وبقيادة الفنان إبراهيم الفرن رئيس المهرجان، والدكتور جمال ياقوت المؤسس والرئيس الشرفي للمهرجان، والفنان إسلام وسوف مدير المهرجان.
استهل الدكتور عبد الله حديثه بتأصيل مفهوم الفراغ المسرحي، واصفًا إياه بالحيز الوهمي الذي تقع على عاتق عناصر السينوغرافيا كالديكور والإضاءة، مؤكدًا أن هذه العناصر لا تقتصر على البعد الجمالي، بل تُعد أدوات رئيسية في توصيل إحساس الممثل، وتتكامل مع عاملي الزمان والمكان لتحقيق هذه الغاية. وطرح المحاضر محورًا رئيسيًا مفاده أن تجسيد العصور التاريخية على خشبة المسرح يتطلب فهمًا عميقًا لفلسفاتها الحاكمة، وبدأ بالعصر الإغريقي، القائم على البحث عن الجمال والرومانسية والتأمل، ويُترجم مسرحيًا عبر إزالة الظلال الحادة، واستخدام الخطوط الناعمة، وتصميم أزياء تبرز جماليات الجسد، مع هيمنة الألوان الباردة التي تبعث على السكينة.
وانتقل الحوار إلى الحضارة الرومانية، التي تتسم بالغلظة والقوة وتمجيد البطولة، وهو ما يستدعي تصميم تكوينات بصرية ثقيلة وكتل ضخمة (bold) تعكس فلسفة القوة. وبالنسبة للحضارة البيزنطية والمسيحية المبكرة، التي ترتكز على العلاقة الروحانية بالسماء، يمكن التعبير عنها بإضاءة خافتة آتية من الخلف مع إضاءة على الوجوه تضفي هالة رهبانية ونعومة على وجوه الممثلين. وفي تناوله للحضارة الإسلامية، أشار إلى أنها تجمع بين ما هو سماوي وأرضي، وتعتمد على الوجد والعمق والانتشار، ويمكن تجسيد ذلك باستخدام أقمشة تحمل خطوطًا عربية، أو عبر توظيف الخطوط الممتدة والناعمة أو الخطوط الرأسية بحسب الدلالة المطلوبة.
وشدد الدكتور عبد الله على أن كل ما سبق يندرج تحت إطار الدلالة وليس الرمز، مؤكدًا أن الدلالة لها علم متخصص يدرسها يسمى (السيميولوجيا)، موضحًا أن الرمز يقدم رسالة مباشرة ومغلقة، بينما الدلالة رسالة غير مباشرة تفتح المجال أمام الجمهور ليعمل فكره وعقله، مؤكدًا أن فن المسرح الحقيقي يكمن في توظيف هذه الدلالات الذكية. واختتمت الورشة بجانبها التطبيقي، حيث عرض المحاضر نماذج لأعمال مسرحية محلية ودولية، وقدم تحليلًا لكيفية توظيف تقنيات الإضاءة وعناصر الديكور لملء الفراغ المسرحي وتوصيل المعاني عبر دلالات بصرية مدروسة تخدم الرؤية الإخراجية.
يشارك في المهرجان هذا العام 17 عرضًا مسرحيًا، بواقع 4 عروض مصرية و13 عرضًا من خارج مصر من 12 دولة غربية وعربية، ويقدم المهرجان 6 ورش مميزة ومتنوعة يقدمها مجموعة من الفنانين والمدربين أصحاب الخبرة الكبيرة، وتضم لجنة تحكيم المهرجان هذا العام المخرجة والممثلة الأمريكية "مونيكا هنكن" رئيسة لجنة التحكيم، وعضوية كل من المخرج والفنان المصري تامر كرم، الفنان المصري إبراهيم السمان، الممثل والمخرج الفلسطيني إيهاب زاهده، المخرج والسينوغراف الكويتي نصار النصار، والفنانة المصرية نادت عادل مقرر لجنة التحكيم.