اعتبر مسئولان إسرائيليان سابقان أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وضرب البنية التحتية النووية والصاروخية الإيرانية، جعل المستقبل الأفضل في المنطقة في متناول اليد، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن هذا لا يعني أن الطريق إلى الأمام يخلو من العقبات.
واستعرض رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الأسبق عاموس يدلين والمدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أفنر جولو في مقال مطول مشترك نشرته مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية جانب من تلك العقبات ومنها أن إسرائيل معزولة دبلوماسيا، ومكروهة في الشارع العربي والميادين الأوروبية، وحتى في الجامعات الأمريكية، كما أن حركة حماس ما تزال القوة السياسية والعسكرية الأقوى في غزة وتحتفظ بدعم في الضفة الغربية.
- تحالف إقليمي بدعم أمريكي
ورأى المسئولان السابقان أن هناك إمكانية لتجاوز هذه العقبات وهو ما يتطلب تحالفا إقليميا جديدا يقدم بديلا معتدلا لكل من المحور الإيراني ومحور الإرهاب، على حد قولهما.
وأشارا إلى أنه سيتعين على هذا التحالف أن يتوسع لاحقا إلى شراكة متوسطية أوسع، وأن يحظى بدعم أمريكي ثابت.
واعتبرا أنه لتحقيق هذه الرؤية، لا تحتاج واشنطن وشركاؤها الإقليميون إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بالكامل، لكن يمكنهم بالتأكيد محاولة تغيير مساره نحو اتجاه أكثر أملا، وتابعا أنه للقيام بذلك، سيتعين على هذه الأطراف تبني الإطار الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، والذي يربط أي تنازلات إسرائيلية بإصلاح فلسطيني حقيقي.
واعتبر المسئولان الإسرائيليان السابقان أن تمكن ترامب من فرض وقف إطلاق النار على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يقاوم مطالب شعبية بإبرام صفقة تُعيد جميع الأسرى وتنهي الحرب، وفي الوقت نفسه، نجاح ترامب في إقناع مصر وقطر وتركيا بالضغط على حماس التي كانت مترددة أيضا في توقيع الاتفاق، يمثل مهارة دبلوماسية تذكر بما فعله وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر من دبلوماسية مكوكية لإنهاء حرب أكتوبر في سبعينيات القرن الماضي.
كما أشارا إلى أن الاتفاق الذي توسط فيه ترامب غامض، فالكثير من بنوده لم تُحدد بعد، ويبدو أن واشنطن قدمت ضمانات ثنائية وربما متناقضة للطرفين، لكن هذا الغموض متعمد، حيث صُمم ليتيح لكل طرف أن يعلن النصر بطريقته.
- النصر من منظور إسرائيل وحماس
وأوضحا أن إسرائيل تدعي النصر من خلال استعادة جميع الأسرى، وتفكيك حماس كقوة منظمة، ووجود خطة دولية لتفكيك حكم الحركة في القطاع ونزع سلاحها، إضافة إلى الاحتفاظ بمنطقة أمنية داخل غزة حتى اكتمال عملية نزع السلاح.
أما حماس، فتعلن أنها صمدت أمام الجيش الإسرائيلي لعامين، وأجبرته على الانسحاب من غزة، وتمكنت من إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الأجندة العالمية، وحصلت على ضمانات بعدم استئناف إسرائيل للقتال.
ورغم ذلك، يرى المسئولان الإسرائيليان السابقان، أن الحرب في غزة يمكن أن تشتعل مجددا، فخطة ترامب للسلام المكونة من 20 نقطة، تتضمن ثلاث مراحل، لم تُنفذ حتى الآن سوى المرحلة الأولى بوضوح ومعايير رقمية محددة.
أما المرحلة الثانية المتمثلة في نزع سلاح حماس وإنشاء سلطة حاكمة جديدة في غزة بمشاركة قوات عربية ودولية فستكون أكثر صعوبة في التنفيذ.
وأضاف المسئولان السابقان أنه "إذا فشلت الأطراف في تحقيقها، فقد تتحول غزة إلى لبنان آخر: دولة يحكمها رسميا حكومة معترف بها، لكنها فعليا تحت سيطرة تنظيم مسلح (حزب الله)، وفي تلك الحالة، قد تجد إسرائيل نفسها مضطرة للقتال في غزة من جديد حيثما واصلت حماس نشاطها.
كما أكدا أن المرحلة الثالثة من الخطة هي الأصعب إذ تنص على إنشاء مسار نحو إقامة دولة فلسطينية تتمتع بحق تقرير المصير، مشروطا بنزع السلاح الكامل من غزة وإصلاحات جذرية في السلطة الفلسطينية.
وأوضح المسئولان الإسرائيليان السابقان أن تلك ستكون المساهمة الإسرائيلية الأهم في خطة ترامب، بعد تنفيذ المرحلة الثانية، وستتطلب وقتا طويلا جدا لتحقيقها "إن أمكن أصلا"، على حد تعبيرهما.