شارك وفد مصري برئاسة حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، في الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين "G20" الذي استضافته جنوب أفريقيا يومي 17 و18 يوليو 2025.
ضم الوفد ياسر صبحي، نائب وزير المالية للسياسات المالية، ومنة الله فريد، وكيل محافظ البنك المركزي للعلاقات الخارجية، وعلاء عبد الرحمن، مستشار وزير المالية للمؤسسات الدولية.
تناولت مشاركة المحافظ عددًا من الجلسات الهامة التي شملت قضايا الاقتصاد الكلي العالمي، والهيكل المالي العالمي، بالإضافة إلى مناقشات حول أبرز معوقات التنمية في أفريقيا والتمويل المستدام، وقضايا القطاع المالي والشمول المالي.
خلال الاجتماعات، دعا محافظ البنك المركزي المصري إلى تعزيز كفاءة وفاعلية المؤسسات المالية متعددة الأطراف، ودعم جهودها في تبني آليات وأدوات مالية مبتكرة لتحفيز استثمارات القطاع الخاص وتفعيل أدوات الحد من المخاطر، بما في ذلك إعادة توجيه حقوق السحب الخاصة. كما شدد على أهمية إجراء إصلاحات شاملة في الهيكل المالي العالمي، مع ضرورة تعزيز التمثيل الأفريقي. وأشار إلى أن إرساء إطار دقيق وشفاف للرصد والمتابعة يمثل خطوة محورية نحو تحقيق هذا الهدف المشترك وضمان استدامة نتائجه.
ونوه المحافظ إلى المخاطر المتزايدة الناتجة عن النمو السريع للمؤسسات المالية غير المصرفية وعدم كفاية الأطر التنظيمية والرقابية الخاصة بها، مما يستدعي تعزيز التنسيق الدولي لضمان الاستقرار المالي العالمي.
كما شدد على أهمية تعزيز الحوار بين الدول الدائنة والمدينة ووكالات التصنيف الائتماني والمنظمات الدولية لصياغة استراتيجيات متكاملة لإدارة الديون. مؤكدًا ضرورة توسيع نطاق مبادرة "الإطار المشترك" ليشمل الدول متوسطة الدخل التي تعاني من ظروف مشابهة، مع ضرورة تبني آليات مبتكرة لتخفيف أعباء المديونية وتعزيز الاستدامة المالية.
وفي سياق متصل، دعا حسن عبد الله إلى تعزيز إتاحة التمويل الميسر والمختلط للدول النامية، مؤكدًا أهمية الأطر الوطنية القائمة على قيادة الدولة لربط الاستثمارات بأولويات التنمية. كما شدد على الحاجة إلى توحيد التصنيفات البيئية وتطوير أدوات فعالة لتقاسم المخاطر، مشيرًا إلى التحديات التي تواجه العديد من الدول النامية، ومنها الضغوط التضخمية، ونقص أدوات التمويل الأخضر، وضعف تدفق المشروعات الاستثمارية المستدامة.
وفي إطار دعم جهود التنمية في القارة الأفريقية، أكد على ضرورة تطوير الأسواق المالية المحلية وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتحسين الإنتاجية ورفع جودة الخدمات. كما شدد على أهمية توسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشروعات البنية التحتية الاستراتيجية، وخاصة تلك العابرة للحدود، لما لها من دور محوري في تعزيز التكامل الإقليمي. وأعرب عن دعم مصر للبرنامج المقترح لتوطيد التعاون بين مجموعة العشرين والقارة الأفريقية في مجالات البنية التحتية والمناخ والابتكار التكنولوجي خلال الفترة 2026-2030.
وأوضح عبد الله أن الشمول المالي يمثل ركيزة أساسية لتحقيق نمو اقتصادي أكثر شمولًا وعدالة، داعيًا إلى توسيع نطاق الخدمات غير المالية المقدمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتبسيط إجراءات التعرف على العملاء، وتطوير قواعد بيانات دقيقة، إلى جانب ابتكار نماذج تقييم ائتماني بديلة، مع معالجة التحيز الرقمي والإقصاء المحتمل الناتج عن استخدام هذه التقنيات.
وخلال الاجتماعات، أشار المحافظ إلى استمرار الضغوط على الاقتصاد العالمي نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية، مؤكدًا الحاجة إلى تنسيق السياسات النقدية والمالية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي. كما شدد على أهمية ترسيخ توقعات التضخم وتحسين إدارة السيولة، مؤكدًا أن صلابة الاقتصاد الكلي تعد ركيزة أساسية لأي مسار إصلاحي فعال.