حذر رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية إسحاق عميت، من أن العالم يشبّه السجون في إسرائيل بأنها أصبحت مثل سجن "جوانتانامو" الأمريكي سيئ السمعة، منتقدا منع الصليب الأحمر من زيارة الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023.
جاء ذلك خلال جلسة مغلقة في المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية)، أمس الاثنين، بشأن التماس قدّمته منظمات حقوقية تطالب بالسماح للصليب الأحمر بزيارة الأسرى الفلسطينيين، عُقدت بحضور ممثلي الدولة فقط، دون حضور ممثلي الملتمسين، وفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
وقالت "هآرتس": "انتقد رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت، والقاضية دافنا باراك-إيريز، خلال الجلسة رفض الدولة السماح للصليب الأحمر بزيارة السجناء الأمنيين (تسمية تطلقها تل أبيب على كل الأسرى الفلسطينيين) في إسرائيل، وتقديم معلومات عنهم".
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن القاضي عميت قال لممثلي الدولة خلال الجلسة المغلقة: "الآن، ما يخرج إلى العالم هو أن السجون في إسرائيل هي جوانتنامو"، في إشارة لمعتقل أمريكي سيئ السمعة جنوب شرق كوبا، بدأت السلطات الأمريكية استخدامه سنة 2002، لسجن من تشتبه في كونهم "إرهابيين".
وأضاف عميت: "ما يُنشر في العالم هو أن هناك تجويعا (داخل السجون)، وأن عشرات السجناء يموتون، وأنتم تضعوننا، المحكمة، في الواجهة".
وبحسب المصادر، قالت القاضية دافنا باراك-إيريز خلال الجلسة: "عائلات السجناء في غزة لا تعرف بوجودهم في السجن، إنهم سجناء (X)... ألا يُعرف أنهم في إسرائيل؟".
و"السجين X"، لقب يُطلق في إسرائيل على سجين تكون هويته محظورة النشر، وبالتالي غير معروفة للجمهور، وأحيانا حتى للحراس الذين يحتجزونه.
وأضافت قاضية المحكمة العليا: "حتى في أصعب الفترات لم يكن هناك وضع كهذا. الدولة ملزمة بتسليم معلومات (عن مكان وهوية الأسرى)، وكان التعامل يتم وفقا لذلك دائما، وفجأة بات لا يُنقل أي شيء من المعلومات".
ووفق المصادر نفسها، سألت القاضية رئيس قسم الاستخبارات في مصلحة السجون الإسرائيلية: هل أنتم جهاز أمني ضعيف إلى هذا الحد بحيث لا تستطيعون التعامل حتى مع ممثل واحد من الصليب الأحمر من الولايات المتحدة؟".
من جانبها، قالت متحدثة باسم المحكمة العليا ردا على استفسار صحيفة هآرتس: "يجب النظر ببالغ الخطورة إلى تسريب التصريحات من جلسة عُقدت مع جهات الأمن وممثلي الدولة فقط، وذلك لدواعٍ تتعلق بأمن الدولة".
وردا على تقرير الصحيفة هاجم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قضاة المحكمة العليا، وزعم أن تصريحاتهم "تُعرض أمن الدولة للخطر وتمس بالردع، في إطار هجوم لا أساس له ضد مصلحة السجون".
وادعى أن مصلحة السجون وبتوجيه منه "غيّرت جذريا" ظروف احتجاز الأسرى، وفق ما نقلت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
وتوعد بن غفير الأسرى الفلسطينيين باستمرار منعهم من استقبال أي زيارة من أي جهة أجنبية ما لم يتلق الأسرى الإسرائيليون بغزة "أي زيارة من أي جهة أجنبية".
وأوقفت إسرائيل زيارات الصليب الأحمر للأسرى الفلسطينيين في اليوم الأول من الحرب، 7 أكتوبر 2023، كما توقفت أيضًا عملية نقل المعلومات للمنظمة بشأن الأسرى والمعتقلين الأمنيين، وفق تقرير "هآرتس".
وفي الوقت نفسه، ضيّق بن غفير الخناق على الأسرى الفلسطينيين بتطبيق تشديد كبير في ظروف اعتقالهم وحرمانهم من أبسط الحقوق، و"استمر ذلك رغم الشهادات عن المساس بحقوق السجناء الأمنيين وتحذيرات جهات أمنية في إسرائيل من أن تدهور ظروف اعتقالهم قد يضر بالمختطفين الإسرائيليين في غزة"، وفق المصدر ذاته.
وفي فبراير 2024، قدّمت منظمات حقوقية إسرائيلية، هي جمعية حقوق المواطن، وأطباء لحقوق الإنسان، و"هموكيد" لحماية الفرد، و"غيشا" (مسلك) التماسا يطالب بالسماح لممثلي المنظمة بزيارة السجون في إسرائيل.
وأضافت "هآرتس": "رغم مرور أشهر، امتنعت إسرائيل عن تقديم رد مكتوب على الالتماس، وطلبت تأجيل الرد نحو 20 مرة، وبدلًا من ذلك، عقدت (أمس الاثنين) جلسة سرية بحضور طرف واحد".
وفي يونيو الماضي، كشف تحقيق أجرته "هآرتس" أن الأسرى الفلسطينيين في سجن مجيدو يعانون من سوء التغذية، وأن بعضهم مرض وتوفي.
وفي يوليو الماضي، نشر مكتب المحامي العام الإسرائيلي تقريرا أشار إلى نقص خطير في الغذاء يصل إلى حد الجوع الشديد، وحرمان بعض الأسرى من مياه الشرب، إضافة إلى غياب الرعاية الطبية الأساسية، بحسب "هآرتس".
وأشار التقرير آنذاك، إلى أن "مرض الجرب قد وصل إلى مستويات وبائية في أجنحة السجون الأمنية، وأن العديد من الشكاوى ظهرت في مرافق السجون بشأن العنف غير المبرر ضد السجناء ومنعهم من الوصول إلى درجات التقاضي".