انطلقت اليوم الأحد أعمال الدورة 113 لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
من جهته قال السفير الدكتور سعيد أبو على، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس قطاع فلسطين و الأراضي العربية المحتلة، نتابع جميعاً حرب الافناء والابادة المتواصلة بقطاع غزة فيما يجسد الوحشية بكل معانيها اسقاطاً للقوانين والقيم والمبادئ السماوية والإنسانية وامتحاناً فظيعاً للضمير الإنساني".
وأضاف أبو علي خلال كلمته:" إنه العار بعينه الذي يلحق المجتمع الإنساني وهو يشهد هذه المجزرة المتواصلة 563 يوماً بحق أبناء غزة الذين إن لم تقتلهم آلة الموت الرهيبة قتلهم الجوع والظمأ وفقدان الدواء.
وتابع:" يتصاعد هذا العدوان الأثم وبصورة غير مسبوقة في ظل عجز وفشل المنظومة الأمن الجماعي والنظام العالمي الذي يتصدع مع تصدع الأمم المتحدة ومنظومتها وآلياتها، مشيرا لتواصل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وحرب التجويع والتي تهدف الفرض التهجير القسري مع افشال كافة جهود الإغاثة الإنسانية بل واستخدام آلية مهيئة للكرامة الإنسانية لتوزيع المساعدات الإنسانية كمصيدة لاستهداف المجوعين بالرصاص الحي، موضحا أن منذ تطبيق هذه المنظومة استشهد أكثر من 770 من منتظري المساعدات وإصابة أكثر من 5 ألاف ما يؤكد أهداف هذا النظام الفاشي بتواصل التدمير الممنهج لكافة مقومات الحياة في القطاع لتنفيذ مخطط التهجير القسري والذي يصرح به المسؤولين الإسرائيليين علناً.
وأكد أبوعلي أن الوضع في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية لا يقل خطورة عما يجري في قطاع غزة إذ يتواصل العدوان الإسرائيلي حيث بلغ عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر 2023 أكثر من ألف شهيد وأكثر من 7 آلاف جريح وذلك في ظل استهداف الاونروا والمخيمات في الضفة الغربية بغرض انهاء رمزيتها لقضية اللاجئين الفلسطينيين حيث تم تدمير أكثر من 1500 مبنى في المخيمات وتم تهجير أكثر من 52 ألف من سكان المخيمات هذا بالإضافة لتواصل هجمات المستوطنين المدعومة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي بممارسة الإرهاب والاعتداءات المتواصلة على أبناء الشعب الفلسطيني في إطار سياسة الاحتلال الرسمية الممنهجة، والتهويد وممارسة التمييز العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري في إطار استراتيجية الضم الزاحف وتنفيذ ما يسمونه خطة الحسم لتصفية القضية الفلسطينية.
وشدد السفير سعيد أبو على، علي أن تظل الأونروا هي عنوان الالتزام الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين ولحين التوصل لحل عادل لقضيتهم على أساس قرارات الشرعية وفي مقدمتها القرار 194 وعلى مدار السنوات الماضية تعرضت الأونروا لحملات ممنهجة لإنهاء عملها وتصفيتها وقد بلغت تلك الحملة ذروتها بإصدار الكنيست الإسرائيلي قرار بحظر الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي بدء تطبيقه منذ يناير الماضي بحريه على المخيمات شمال الضفة وإنهاء وجود الأونروا ومدارسها ومقراتها بالقدس، هذا بالإضافة لما تواجهه الأونروا في قطاع غزة من استهداف متعمد المقراتها وخدماتها لمنعها من قيامها بتفويضها الأممي والذي أسفر عن استشهاد 330 من موظفي الأونروا.
وأضاف، تعاني الأونروا من أزمة مالية طاحنة تؤثر بشكل غير مسبوق على تقديم الخدمات في كافة مناطق عمليات الوكالة، مؤكدا على دعم الجامعة العربية للأونروا وجهودها لتوفير التمويل اللازم للاستمرار في القيام بمهامها،داعيا جميع دول العالم المحبة للسلام والعدل إلى تقديم ما تستطيع لدعم الأونروا وتمكينها من مواصلة دورها في هذه الظروف المصيرية، كما دعا لتجديد تفويض الأونروا في سبتمبر القادم والانحياز للجوانب الإيجابية بشأن التقييم الاستراتيجي للأونروا ودورها الهام والحيوي وحياديتها وفاعليتها والحفاظ على بقائها واستمراريتها بكافة المهام الموكلة لها وفق تفويض تأسيسها.
وفي الاطار ذاته قال أبو هولي - عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية و رئيس دائرة شؤون اللاجئين، إن أمام هذا الواقع المعقد تتعرض "الأونروا" لتحديات سياسية وتشغيلية ومالية نتيجة حظر أنشطتها في القدس الشرقية وإغلاق مقرها الرئيسي في حي الشيخ جراح أو إغلاق مدارسها وتقويض ولايتها في الضفة الغربية وقطاع غزة مع سريان القانون الإسرائيلي في 30 يناير 2025 ، بالإضافة إلى إستهدافها عسكريا والذي أسفر عن تدمير ما يزيد عن 70٪ من منشأتها في قطاع غزة وإستشهاد 327 موظفًا من العاملين لديها، في سعي منها لتفكيك الأونروا الشاهد الحي على النكبة وتقويض ولاية مجالات الممنوحة لها وفقًا لقرارات الجمعية العامة ذات الصلة بما في ذلك القرارين 194 و 302 في محاولة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف خلال كلمته، إن ما تتعرض له الأونروا من تحديات تشغيلية ومالية في ظل عدم وجود أي تعهد إضافي يغطي العجز المالي في ميزانيتها الإعتيادية التي تبلغ قيمتها 200 مليون دولار والتي ستتحمل مخاطر جسيمة قد تنتهكها، أو إنهيار بيئة العمل أو تراجع خدمات الموظفين أو تفاقم الأزمة الإنسانية في
مناطق العمليات كافة.
و من جهتها قالت الدكتورة جيلان شرف، أستاذ الإعلام والاتصال أمين الشؤون التعليمية بمعهد البحوث والدراسات العربية، إن هذا المؤتمر المهم الذي ينعقد في ظرف بالغ الحساسية والتعقيد، في ظل ما يعيشه أهلنا في قطاع غزة من أوضاع إنسانية وتعليمية كارثية، لم يشهد لها العصر الحديث مثيلاً.
وأضافت خلال كلمتها بالنيابة عن عن كل من الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، والدكتور محمد كمال، مدير معهد البحوث والدراسات العربية، إن الألكسو، ومعهد البحوث والدراسات العربية، يواصلان دعمهما الثابت لقضية الشعب الفلسطيني العادلة، لاسيما في الجوانب التعليمية والثقافية، التي تشكل أحد أهم ميادين الصمود في وجه الاحتلال وممارساته.
وأوضحت أن خلال المؤتمر الأخير بمشاركة واسعة من ممثلي الدول العربية المضيفة و المؤسسات الشريكة، بما فيها الأونروا، تم بحث سبل تعزيز جودة التعليم في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتحسين أوضاع المعلمين، وضمان استمرارية المناهج التربوية التي تراعي الخصوصية الهوية الوطنية والقومية، وتحفظ الهوية الفلسطينية في وجه محاولات الطمس والتزييف.
كما توجهت بالتحية في هذا السياق للدور المحوري الذي تضطلع به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ولا سيما في قطاع غزة، حيث تستمر في توفير الخدمات التعليمية لأبنائنا الطلبة و الطالبات في قطاع غزة في ظل ظروف غاية في القسوة والتحديات.
وشددت على الدعم الكامل والمتواصل لتجديد ولاية الأونروا، وضمان استقلالية عملها، ورفض أية محاولات للنيل من دورها أو تقويض رسالتها.
وقالت د. جيلان شرف، إن التعليم في فلسطين ليس مجرد خدمة، بل هو معركة وعي وكرامة، وهو جبهة من جبهات المقاومة.
وأضاف، من هذا المنطلق، تؤكد الألكسو ومعهد البحوث والدراسات العربية استعدادهما الدائم لتقديم كافة أشكال الدعم الفني والأكاديمي .
كما أكدت على أن مسؤوليتنا الجماعية تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه تعليم أبنائها وبناتها، هي مسؤولية أخلاقية، وإنسانية، وتاريخية لا تحتمل التأجيل أو التقصير.
بدورها، قال سحر الجبوري ، رئيس مكتب ممثل الأونروا بالقاهرة وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، إن إجتماع اليوم يأتي في لحظة مفصلية تتطلب منا جميعاً وقفة مسؤولة وموقفاً موحداً من أجل الحفاظ على واحدة من أقدم وأهم مؤسسات الأمم المتحدة، والتي ما زالت تمثل شريان الحياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
وأشادت، خلال كلمتها باحتضان الدول المضيفة التي لم تتوانَ يوماً عن تقديم الدعم والملاذ لمجتمعات اللاجئين الفلسطينيين، يداً بيد مع الوكالة، رغم كل التحديات الداخلية والإقليمية، مؤكدة ان احتضانهم المستمر للاجئين هو تعبير ملموس عن التزام ثابت تجاه العدالة والكرامة الإنسانية، مثمنة أيضا دور الجامعة الدول العربية و جهودها الملموسة الداعمة، وآخرها عقد الاجتماع التشاوري للآلية الثلاثية مع الاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي مع الأونروا.
وأوضحت، أن رغم تجديد الاهتمام العالمي بحقوق اللاجئين مؤخراً في فعاليات اليوم العالمي للاجئين في 20 يونيو، فإن العالم يقف عاجزاً أمام الانتهاكات الجسيمة بحق اللاجئين الفلسطينيين، دون اتخاذ إجراءات جادة توقف المجازر اليومية.
وأشارت، إلى أن في ظل هذه التطورات المقلقة، تواجه الأونروا أزمة وجودية غير مسبوقة، ليس فقط من حيث التمويل، بل أيضاً من حيث شرعية وجودها والدور الحيوي الذي تؤديه في الحفاظ على حقوق اللاجئين الفلسطينيين، فمن جهة، تتعرض لحملة ممنهجة شرسة من الادعاءات التي تستهدف تقويض مصداقيتها، والنيل من تفويضها، و الجميع يعلم الهدف الحقيقي هو القضاء على الوكالة وبالتالي تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومن جهة أخرى، تتراجع مواردها بشكل حاد وتتشبث بحبال دعم متآكلة، في الوقت الذي يفترض فيه أن تتلقى تمويلاً متزايداً يواكب الاحتياجات المتفاقمة للاجئين الفلسطينيين.
كما أوضحت ان في ظل هذا الواقع المتأزم، يظل ضغط التوقعات من جهة اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، القاسم المشترك بين مناطق عمليات الوكالة، رغم اختلاف السياقات السياسية والاقتصادية والأمنية.
و بالإشارة للوضع في غزة، أشارت الجبوري أن هناك مليونا إنسان يتعرضوا لعقاب جماعي، فيُجَوَّعون ويُعَطَّشون بينما تقبع المساعدات الإنسانية على الجانب الآخر من الحدود.
وقالت، إن مشاهد الهُزال باتت مألوفة، لا سيما بين الأطفال، وقد فُرضت ما تُسمى بـ “آلية المساعدات الإنسانية" لتحلّ محل منظومة الأمم المتحدة القائمة على المبادئ، والتي تُشكل فيها الأونروا العمود الفقري، مؤكدة أن هذه الآلية الهجينة ليست سوى تشويه قاتل للعمل الإنساني، معربة عن الرفض التام للخطط الرامية إلى انشاء مدينة إنسانية والتي هي أبعد ما تكون عن الإنسانية، وتنتهك مبادئ القانون الإنساني الدولي. فهي تقوّض الحياد وتفرغ العمل الإنساني من مضمونه، وهي مرفوضة شكلا وموضوعا.
وأضافت، رغم الصعاب والاعتقالات والمضايقات والتهديدات واستشهاد أكثر من 320 زميل وتدمير 70% من منشأتنا، يواصل 12,000 من موظفينا الفلسطينيين تقديم ما أمكن من خدمات أساسية، بما فيها تعليم نحو 25,000 طفل في مساحات التعليم المؤقتة والملاجئ التابعة للوكالة، والرعاية الصحية بمعدل 15,000 استشارة طبية يوميًا، مؤكدة أنه لا توجد لأي جهة أخرى، أممية كانت أو غير أممية، القدرة البشرية أو اللوجستية، وحتى الثقة المجتمعية التي تمكّنها تبوأ هذا الدور على نطاق واسع. كما تقوم فرقنا بتوفير المياه وجمع أطنان من النفايات لـ600 ألف شخص شهريًا، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لـ730 ألف شخص، بمن فيهم 520 ألف طفل.
وقالت الجبوري :" نحن على أعتاب تجديد تفويض الأونروا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، نشدد على أن استمرار الوكالة ليس هدفًا بحد ذاته، بل يأتي انعكاسًا لاستمرار غياب الحل العادل والدائم لقضية لاجئي فلسطين".
وأضافت، لقد عبّرنا مرارًا عن استعدادنا الكامل لتسليم خدماتنا ومنشآتنا وخبراتنا، ضمن إطار زمني متّفق عليه، إلى إدارة فلسطينية مهيّأة تحظى بالتوافق والدعم اللازمين، ومن هذا المنطلق، ينبغي أن تُدرج الأونروا بوضوح في أي خطط سياسية متكاملة لحل النزاع، كعنصر مساعد في الانتقال من الإغاثة المؤقتة إلى الحل الدائم.
وأكدت، أن على الدول الأعضاء تقرير المسار الُمقبل، إما السماح بانهيار الوكالة أو دعمها لضمان انتقال تدريجي لخدماتها، مشيرة لما ورد في خطاب الأمين العام الذي رافق تقرير التقييم الاستراتيجي، "من الضروري أن تتخذ الدول الأعضاء إجراءات فورية لحماية حقوق لاجئي فلسطين وتفويض الأونروا والسلام والأمن الإقليميين".