فوردو: الحصن النووي الإيراني الذي يعيد رسم حدود المواجهة مع إسرائيل - بوابة الشروق
الأحد 22 يونيو 2025 1:30 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

فوردو: الحصن النووي الإيراني الذي يعيد رسم حدود المواجهة مع إسرائيل

هايدي صبري
نشر في: السبت 21 يونيو 2025 - 4:54 م | آخر تحديث: السبت 21 يونيو 2025 - 4:57 م

في ظل التصعيد العسكري المتبادل بين إسرائيل وإيران، سلطت وسائل الإعلام الفرنسية الضوء على موقع "فوردو" النووي، الذي أصبح رمزًا لصمود البنية التحتية النووية الإيرانية أمام الهجمات الجوية.

ووسط تقارير عن استهداف منشآت نطنز وأصفهان في يونيو الجاري، بقي فوردو عصيًا على التدمير، ما دفع وسائل إعلام فرنسية إلى اعتباره "تحديًا استراتيجياً" يعقد الحسابات العسكرية لتل أبيب.

وبحسب هذه الوسائل، فإن تحصين فوردو داخل أعماق الجبال واحتوائه على يورانيوم عالي التخصيب، يجعله ليس فقط موقعاً حساساً، بل أيضاً ورقة ضغط بيد طهران قد تغير قواعد اللعبة النووية في الشرق الأوسط.

وتحت عنوان: "فوردو، الموقع النووي المدفون الذي يغير معادلة العدوان الإسرائيلي على إيران"، قالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إنه على الرغم من أن الضربات الإسرائيلية التي وقعت في يونيو الجاري، استهدفت عدة منشآت نووية إيرانية، في نطنز وأصفهان ومحيط طهران، بقي موقع فوردو، بشكل لافت، دون أن يصيبه ضرر.

ووصفت الصحيفة الفرنسية الموقع النووي بأنه محمي بطبقات من الغرانيت ومنظومات دفاع جوي تحت جبل "شاه كوه"، يقع هذا الموقع على بعد 180 كم جنوب طهران، ويشكل حالياً نقطة ارتكاز رئيسية لقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بنسبة تقترب من العتبة العسكرية (90%).

وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن "موقع فوردو لم يتعرض لأي ضرر"، وأن "الأنشطة المعلنة فيه مستمرة بشكل طبيعي". وبسبب موقعه وطبقات الصخور التي تحميه، يرى خبراء أن اختراق فوردو يتطلب قصفاً هائلاً غير ممكن بالوسائل التقليدية.

بعد أيام قليلة من إصدار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً بالإجماع يدين انتهاكات إيران، تكشّفت أبعاد الهجوم الإسرائيلي الأخير.

وتحت عنوان "قلعة محصّنة.. "فوردو"، مصنع نووي مدفون تحت الجبال لا يمكن الوصول إليه"، قالت إذاعة "20 مينيت" الفرنسية إن "الموقع النووي الإيراني في فوردو يثير قلقًا بالغًا لدى إسرائيل والولايات المتحدة، خاصة مع تصاعد الضربات الإسرائيلية ضد المواقع النووية الإيرانية منذ 13 يونيو، موضحة أنه وبينما تضررت منشآت مثل نطنز وأصفهان، يبدو أن فوردو ما يزال صامدًا".

وأشارت الإذاعة الفرنسية إلى أنه "تم بناء الموقع سرًا بين عامي 2002 و2007، وفق وثائق حصل عليها جهاز الموساد، على نحو يخالف اتفاقيات باريس".

ووفقاً للإذاعة الفرنسية فإنه "لم يتم إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) إلا عام 2009، إذ يقع الموقع على بعد 40 كلم من مدينة قم جنوب طهران، ويضم نحو 3,000 جهاز طرد مركزي.

- الهجمات لم تلحق أضرارًا كبيرة بفوردو

وفي حين أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي تدمير منشآت حيوية في نطنز، فإن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، أعلن أن الأضرار في فوردو "طفيفة وغير ذات أهمية".

وبحسب السفير الإسرائيلي في واشنطن، يحيئيل ليتر، "العملية بأكملها لا يمكن أن تكتمل دون القضاء على فوردو". ذلك أن نطنز كان مُصمَّمًا لتخصيب اليورانيوم بنسبة أقل، بينما تم العثور في فوردو على آثار يورانيوم مخصب بنسبة 83.7% عام 2023 – وهي نسبة تقترب بشدة من العتبة اللازمة لصنع قنبلة نووية (90%).

- منشأة غير قابلة للتدمير بالغارات الجوية التقليدية

وفقًا للخبير ديفيد أولبرايت الباحث الفرنسي في "معهد العلوم والأمن الدولي"، إذا بقي موقع فوردو سليمًا، فقد يكون بوسع إيران إنتاج تسع قنابل نووية خلال شهر واحد فقط، خاصة وأن لديها مخزونًا يتجاوز 400 كغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، بحسب إذاعة "20 مينيت" الفرنسية.

وأشارت الإذاعة الفرنسية إلى أن "تدمير المنشأة صعب للغاية، لأنها تقع داخل بنكر تحت الأرض، حيث توجد أجهزة الطرد المركزي في غرفة ضخمة بطول 250 مترًا وعرض 13 مترًا، على عمق لا يقل عن 80 مترًا – وأحيانًا يُقال إنه أكثر من 100 إلى 300 متر، مما يجعل القصف الجوي غير مجدٍ.

ورأت الإذاعة الفرنسية أن تحصين الموقع يزيد بتزويده بأنظمة مراقبة متطورة، وأنفاق تحت الأرض، وحماية من "الحرس الثوري الإيراني".

- الخيارات العسكرية: قنابل خارقة، عمليات برية أو هجمات إلكترونية

ووفقاً للإذاعة الفرنسية فإن الاحتمال العسكري الوحيد القادر على اختراق الموقع هو القنبلة الأمريكية GBU-57 الخارقة للتحصينات، التي تزن 14 طنًا، وقادرة على اختراق نحو 60 مترًا من الأرض قبل أن تنفجر، لافتة إلى أنه حتى هذا السلاح قد لا يكون فعالًا ضد فوردو، ولا تملكه سوى الولايات المتحدة، التي ترفض حتى الآن تزويد إسرائيل بها.

أما عن الخيارات الأخرى، فقالت "20 مينيت" فإن عملية برية، مستبعدة حاليًا، أو هجوم سيبراني، كما حدث مع فيروس "ستاكسنت" عام 2010 الذي دمر آلاف أجهزة الطرد المركزي.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد ألمحت بأنه يمكن لإسرائيل اختراق "فوردو" بقوات كوماندوز أمريكية.

- هل يستخدم فوردو لصنع قنبلة فعلًا؟

وأشارت الإذاعة الفرنسية إلى أنه على الرغم من كل ذلك، لا توجد أدلة دامغة تؤكد أن فوردو يستخدم حاليًا لصناعة قنبلة نووية، موضحة أنه في اتفاق 2015، وافقت إيران على تحويل فوردو لمركز أبحاث على النظائر المستقرة. لكنها عادت عن هذا القرار عام 2019، عندما أعلن الرئيس حسن روحاني استئناف ضخ غاز اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي. طهران تصر على أن النشاطات ذات أهداف طبية وسلمية.

وتابعت: "حتى وكالة الطاقة الذرية لا تجزم بذلك، إذ صرح رئيس الوكالة رافائيل جروسي، بأنه لا يستطيع التأكيد أن إيران تتجه نحو تصنيع سلاح نووي".

- موقع نووي جديد قيد الإنشاء

ووفقاً للإذاعة الفرنسية فإنه "ربما فوردو ليس آخر التحديات؛ إذ تشير تقارير إلى أن إيران تبني منشأة نووية جديدة أكثر عمقًا وتحصينًا بالقرب من نطنز، يُعرف باسم "كوه كولان غز لا" (جبل المعول)، لا يسمح لمفتشي الوكالة الدولية بدخولها حتى الآن.

- فوردو: "جبل الهلاك" و"التحدي الأكبر"

يصفه البعض بـ"جبل الهلاك" من فيلم "سيد الخواتم"، وموقع فوردو يرمز لـ إصرار إيران على حماية برنامجها النووي مهما كلف الأمر، بفضل تصميمه المقاوم للضربات الجوية وباحتوائه على كميات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب.

بحسب "فاينانشال تايمز"، يقدر أن فوردو يمكنه تحويل كامل مخزون إيران الحالي البالغ 408 كغ إلى وقود لصنع 9 قنابل نووية في 3 أسابيع فقط.

- هل طلبت إسرائيل القنبلة من أمريكا؟

عندما سئل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قناة "فوكس نيوز" عمّا إذا طلب من دونالد ترامب تزويده بقنبلة GBU-57، أجاب: "لن أتحدث عن نقاشاتي مع الرئيس الأمريكي. لكننا أثبتنا أننا أمة الابتكار والمفاجآت. لدينا أوراق كثيرة لم نكشف عنها بعد".

- الحرب قد تسرع البرنامج النووي الإيراني

وبعض الدولية مثل "فاينانشال تايمز" و"واشنطن بوست" و"أكسيوس"، يخشون أن تؤدي الضربات الإسرائيلية إلى دفع إيران لتسريع مشروعها النووي سرًا، في حال شعرت بأن كل خطوطها الدفاعية مهددة.

- تكلفة الحرب باهظة بشريًا وماليًا

بحسب صحيفة "معاريف"، فإن تكلفة الحرب على إيران تبلغ نحو مليار دولار يوميًا لإسرائيل. وأسفرت الهجمات عن مقتل 430 شخصا بينهم علماء نوويون وقادة عسكريون، وإصابة أكثر من 3500 آخرين، معظمهم مدنيون، مقابل 24 قتيلًا في إسرائيل نتيجة الرد الإيراني بالصواريخ والطائرات بدون طيار (درونز).

من جهتها، قالت صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية، تحت عنوان: "فوردو، نطنز، أصفهان... أين تقع المواقع النووية الإيرانية؟ وأيها تم قصفه؟"، إنه منذ أن شن الجيش الإسرائيلي ضربات على عدة مواقع نووية في إيران، ورغم أن موقع نطنز تعرّض لأضرار جسيمة، فإن مواقع مثل فوردو تظل عصيّة على القصف الجوي.

- نطنز: الأكثر تضرراً من القصف

وتعد منشأة نطنز لتخصيب الوقود أكبر موقع إيراني لتخصيب اليورانيوم باستخدام الطرد المركزي. تقع على هضبة صحراوية في محافظة أصفهان، وتبعد 220 كم جنوب شرق طهران. تتألف من قسمين، أحدهما تحت الأرض لمقاومة الهجمات، بحسب الصحيفة الفرنسية.

وأشارت "ويست فرانس" إلى أنه "منذ بدء تشغيلها في فبراير 2007، تحتوي نطنز على أكثر من 10,000 جهاز طرد مركزي، تُستخدم لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، أي أعلى بكثير من الحد المسموح به في الاتفاق النووي لعام 2015 (3.67%).

وأضافت الصحيفة الفرنسية أن "اليورانيوم المخصب بنسبة 3 إلى 5% يستخدم في محطات الطاقة، أما تخصيبه إلى 20% فيُستخدم لأغراض طبية، في حين أن مستوى 90% مطلوب لتصنيع قنبلة نووية".

في 13 يونيو، أعلن المتحدث العسكري الإسرائيلي، إيفي دافرين، أن إسرائيل ألحقت "أضراراً جسيمة" بالموقع، وأكّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكتشافها لأثر ضربات مباشرة على المنشآت تحت الأرض في نطنز.

- فوردو: الموقع غير القابل للاختراق

وقالت "ويست فرانس" إن فوردو هو ثاني أهم منشأة تخصيب إيرانية بعد نطنز، لكنه أكثر تحصيناً. يقع قرب مدينة قم، على بعد 160 كم جنوب طهران. بُني سراً بين 2002 و2007 داخل جبل، ولم يُعلن عنه حتى عام 2009، ما أثار شكوكاً حول نوايا إيران النووية.

وأنشئ في قاعدة عسكرية قديمة، ويقع على عمق 80 إلى 100 متر تحت الأرض. يضم حوالي 3 آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم (U-235)، المكون الأساسي للوقود النووي وللأسلحة النووية.

وكان يفترض أن يبقى الموقع غير نشط بموجب اتفاق 2015، لكن إيران أعادت تشغيله عام 2019. وفي عام 2023، اكتشفت الوكالة الدولية آثار يورانيوم مخصب بنسبة 83.7% في فوردو، رغم إعلان طهران تخصيبه حتى 60% فقط. وقد فسرت إيران ذلك بـ"تقلبات غير مقصودة".

- فوردو: الحصن المنيع

ورغم تعرضه لمحاولات استهداف، فإن أضرار فوردو "غير كبيرة"، وفقاً للمتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. تعد منشأة فوردو "قلب" المشروع النووي الإيراني حالياً، بما تضمه من 3 آلاف جهاز طرد مركزي مقارنة بـ16 ألف في نطنز قبل الهجمات.

بحسب "فاينشيال تايمز" البريطانية، فإن نطنز مصممة لتخصيب اليورانيوم عند مستويات منخفضة، بينما تحتوي فوردو على جسيمات يورانيوم مخصب بنسبة 83.7%.

- مفاعل خنداب (أراك سابقاً)

يقع بالقرب من مدينة خنداب في محافظة مركزي. صُمّم كمفاعل أبحاث، لكنه أثار القلق بسبب قدرته على إنتاج البلوتونيوم المستخدم في الأسلحة.

في يناير 2016، أُزيل قلب المفاعل وسكب فيه الخرسانة بناء على اتفاق 2015. لكن إيران تخطط لإعادة تشغيله بحلول 2026، حسب تقارير هيئة البث البريطانية "بي.بي.سي". ولم يتعرض مفاعل خنداب حتى الآن لأي هجوم إسرائيلي.

- أصفهان: تحويل اليورانيوم


وتتضمن منشأة أصفهان عملية تحويل خام اليورانيوم (الكعكة الصفراء) إلى مواد تستخدم في التخصيب أو تصنيع الوقود النووي. تعرضت المنشأة، التي تبعد 340 كم جنوب طهران، لأضرار بعدة مبانٍ حيوية، بما فيها مختبر، ومصنع تحويل، ومنشأة تصنيع وقود، حسب الوكالة الدولية.

- بوشهر: أول مفاعل نووي مدني في الشرق الأوسط

بدأ بناؤه عام 1975 بمساعدة ألمانية، وأكملته روسيا لاحقاً. دخل الخدمة عام 2011، ويقع على الخليج الفارسي. يستخدم اليورانيوم الروسي، ويخضع للرقابة الدولية. لم يتعرض للقصف حتى الآن، لكن مخاوف تتعلق بالأمان الزلزالي واحتمال استهدافه ما زالت قائمة.

- بارشين: الموقع السري المشتبه فيه

ووفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن موقع بارشين، الذي استُهدف سابقاً، تعرض مجدداً لهجمات. يحتوي على منشآت عسكرية ويُشتبه في كونه جزءاً من برنامج نووي عسكري.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك