اكتشاف في متنزه وطني أمريكي يثبت أن البشر استخدموا منذ آلاف السنين تقنيات لنقل الأحمال - بوابة الشروق
الأربعاء 23 أبريل 2025 12:14 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

اكتشاف في متنزه وطني أمريكي يثبت أن البشر استخدموا منذ آلاف السنين تقنيات لنقل الأحمال

سان فرانسيسكو - (د ب أ-ت ك أ)
نشر في: الأربعاء 23 أبريل 2025 - 9:11 ص | آخر تحديث: الأربعاء 23 أبريل 2025 - 9:11 ص

على الرغم من أن متنزه وايت ساندز (الرمال البيضاء) الوطني، كان غارقا تحت المياه قبل 1200 عام، فإنه تحول الآن إلى مساحات من الأراضي الصحراوية القاحلة، تحمل في ثناياها بقايا من التاريخ البشري القديم، وتتميز منطقة اختبار الصواريخ بوايت ساندز المملوكة لوزارة الدفاع الأمريكية والمحيطة بالمتنزه، بأنها تحتوي على أكبر مجموعة في العالم من آثار الأقدام التي ترجع للعصر الجليدي، وتركها الأشخاص الذين يعتمدون في معيشتهم على بحيرة كانت موجودة بالمنطقة، وعثر العلماء من بين آثار الأقدام هذه على دليل جديد على نشاط إنساني قديم مسجل على صفحة الرمال، وهذا الدليل يغير فهمهم للتكنولوجيا المبكرة التي استخدمها الإنسان لتسهيل حياته.

وذكر موقع (إس.إف.جيت) الإخباري أن هذا الدليل الجديد، هو أيضا عبارة عن مسارات على الرمال ولكنها مختلفة عن النوع الذي تركته الأقدام، فهي تنم عن تحركات لما يشبه الزحافات لتدلنا على أقدم وسيلة من وسائل النقل البري المعروفة حاليا، وهذه الوسائل أو الزحافات كانت تصنع من عصي طويلة مع سلة أو شبكة، وإلى حد ما تبدو هذه المركبات البدائية مثل عربة يدوية بدون عجل، ويؤدي سحب المقبض أو المقابض إلى تحريك السلة المرتبطة بالعصي، مما يسمح للشخص بدفع الزحافة المحملة بالبضائع الثقيلة لتنزلق على الرمال.

وكتب كل من عالم الجغرافيا ماثيو بينيت وعالمة البيئة القديمة سالي رينولدز في مقال، نشر بموقع "ذي كونفرسيشن" وهي منظمة إخبارية مستقلة غير ربحية، يقولان إن "كل شخص لديه عادة أشياء يريد نقلها، ولكن ليس لدينا سجل لهذه الأشياء من الناحية التاريخية"، وفي هذه المقولة إشارة إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد، كأول استخدام للإنسان لتقنيات النقل، غير أن بينيت ورينولدز وزملاءهم بجامعة بورنماوث البريطانية، يقدرون عمر الآثار التي تركتها الزحافات في منطقة وايت ساندز بنحو 20 ألف عام قبل الميلاد، مما أدى إلى تغيير التقديرات بقرابة 16 ألف عام.

وعمل بينيت ورينولدز مع باحثين بجامعة كورنيل بنيويورك، ويهيئة المتنزهات الوطنية، وهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ومتحف الشمال بجامعة ألاسكا وبجامعة أريزونا، وذلك لدراسة مسارات الزحافات التي تم العثور عليها متشابكة مع آثار الأقدام البشرية الشهيرة التي ترجع للعصر الجليدي، في منطقة وايت ساندز عام 2023.

وفي ذلك الوقت كان العلماء يعتقدون أن وجود البشر في أمريكا الشمالية بدأ منذ 15 ألف عام، عندما بدأت الصفائح الجليدية في التراجع عن القارة، ولكن تم الكشف عن أن البذور وحبيبات الكوارتز الناعمة، وحبوب اللقاح المندمجة مع آثار الأقدام المحفوظة يبلغ عمرها 23 ألف عام.

وتكونت الآن لدى العلماء فكرة أفضل، عن الشكل الذي كانت عليه الحياة بالقرب من بحيرة أوتيرو، التي امتدت قرابة 1600 ميل من المنطقة التي أصبحت الآن ولاية نيومكسيكو.

ولم يكن باستطاعة الناس وقتذاك جر عظام الحيوانات فوق الرمال، وكتب الباحثون يقولون إنه لا يوجد حيوان من بيئة المنطقة لديه عظام من نفس الطول والعرض الذي اكتشف باسثناء الماموث، الذي كانت أنيابه "ثقيلة للغاية وغير عملية"، (وحتى عادة الماموث في سحب الأخشاب عبر الأرض لا يمكن أن تكون هي السبب في وجود هذه الآثار، حيث لم يتم العثور على بصمات ضخمة لهذا الحيوان في مكان قريب، كما أنه من المرجح أن تكون الآثار التي تم العثور عليها أكثر اختلافا، عن تلك التي يمكن أن تنتج عن الماموث)، ومن المستبعد أيضا أن تكون الآثار من نتاج حيوان الكسلان حيث لم يتم العثور على دليل على تواجده في المكان، كما أنها ليست ناتجة عن البقاية الطافية على بحيرة أوتيرو التي كانت خالية من آثار طمي البحيرة، وأيضا لا يمكن إرجاع السبب إلى القوارب الرفيعة التي تجوب البحيرة والمعروفة باسم الكاياك، لأن كثيرا من هذه المسارات وجدت في أماكن بعيدة عن البحيرة.

ومع ذلك كان من الممكن أن تنتج هذه المسارات، عن نشاط آخر وهو جمع أخشاب الوقود.

وقال دانيال أوديس عالم الآثار في متحف الشمال، وكبير العلماء السابق في هيئة المتنزهات الوطنية، لبوابة (إس.إف.جيت) إن فريق البحث اشتبه بدرجة كبيرة الآن، في أنهم كانوا يتعاملون مع مسارات أحدثتها الزحافات.

وأضاف أوديس "شعرت أن هذه الزحافات كانت شيئا واضحا للناس وقتذاك بحيث يمكنهم استخدامه، أعني أن أولئك الناس يتمتعون بالحداثة من الناحية التشريحية، ولديهم أدمغة كبيرة مثلك ومثلي، وربما كانوا أكثر إبداعا منا لأنهم ببساطة كان يتعين عليهم أن يكونوا كذلك".

وقرر كل من أوديس وبنيت بناء زحافة خاصة به لمعرفة ما إذا كانوا قد سلكا المسار الصحيح، واستخدما تلك المركبات المصنعة لجر حمولة بضائع، وفي إحدى الحالات استخدموها لحمل ابنة بينيت الصغيرة، وثبت أن المسارات الجديدة التي أحدثتها الزحافتان تماثل المسارات القديمة التي تم اكتشافها في منطقة وايت ساندز.

ويوضح أوديس قائلا "إذا كنت تمارس صيد الحيوانات وذبحها، فإن نقل حيوان ذبيح كبير الحجم عبر منطقة موحلة مثل هذه، يحتاج منك إلى طريقة للحفاظ على نظافة لحمه، وأنت لا تريد أن تجر طعامك على الأرض الموحلة، وبالتالي تكون الزحافة هي الوسيلة المثالية لرفعه من الأرض حتى يظل نظيفا، وبالإضافة إلى ذلك نقل الكثير من الأحمال بسهولة بالغة".

لم تكن تجربة بينيت بنقل ابنته عن طريق الزحافة، أمرا بعيد المنال بالنسبة للسكان في ذلك الزمان البعيد، فمن المحتمل أن تكون الزحافات القديمة قد استخدمت في نقل الأطفال الصغار عند الضرورة، كما يدل على ذلك آثار أقدام الصغار التي وجدت عند المسارات.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك