بعد جائحة كورونا التي عاشها العالم، والتي أودت بحياة أكثر من 600 مليون شخص حول العالم نتيجة مضاعفات المرض، خاصة لدى كبار السن أو مرضى الأمراض المزمنة، انتشرت موجة من النصائح والمعلومات عن تقوية الجهاز المناعي، شملت تناول فيتامين "سي"، والحمضيات، والثوم، والكركم، والأعشاب المختلفة.

لكن وفقًا للعالم البريطاني دانييل ديفيس، عالم المناعة في إمبريال كوليدج لندن، فإن كثيرا مما يتداول حول تقوية المناعة مجرد خرافات، وقد سعى في كتابه الجديد "الدفاع عن النفس: دليل مدوّن لصحة المناعة" إلى دحض تلك الخرافات والرد عليها وبيان المفاهيم الصحيحة، بحسب صحيفة :ديلي ميل" البريطانية.

خرافات شائعة حول المناعة

- فيتامين "سي" يعزز المناعة

أوضح ديفيس، أن هذه خرافة شائعة تعود إلى العالم الشهير لينوس بولينج، الحاصل على جائزتي نوبل، الذي روج عام 1970 لفكرة أن فيتامين "سي" يمنع نزلات البرد؛ الأمر الذي حقق نجاحا كبيرا ودفع المصانع الجديدة إلى مواكبة الطلب الزائد على فيتامين "سي".

ولفت إلى أن تناول كميات كبيرة من فيتامين "سي" لا يمنع الإصابة بالبرد، بل قد يقلل مدة المرض عند 8% لدى بعض الأشخاص، ولكن هذا ليس دليلاعلى فعالية فيتامين "سي"؛ لأنه قد تكون هناك عوامل أخرى لم تؤخذ في الحسبان.

- يجب تقوية الجهاز المناعي بشكل عام

قال ديفيس: "من المهم تقوية جهاز المناعة ضد الأمراض المعدية، إلا أن زيادة قوته بشكل عام يؤدي إلى مهاجمته لخلايا الجسم السليمة؛ ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض المناعة الذاتية أو الحساسية، لذا يجب أن يعمل الجهاز المناعي بشكل مُنظم ليتمكن من الاستجابة بشكل مناسب".

- طرق تقوية المناعة تناسب الجميع

أشار ديفيس، إلى أن الجهاز المناعي يتأثر بالعوامل الجينية، والتي تختلف من شخص لآخر؛ لذا قد تساعد إحدى الطرق في تعزيز الجهاز المناعي لشخص، فيما لا يستجيب لها شخص آخر.

- تقوية الجهاز المناعي وحده كافية لمكافحة الأمراض

قال ديفيس، إن الجهاز المناعي يستطيع مكافحة الأمراض والدفاع عن الجسم بالتكامل مع العديد من العوامل الأخرى، مثل النظام الغذائي الصحي، وممارسة الرياضة، إلى جانب توفر ميكروبيومات الجسم التي تعزز المناعة.

وأشار ديفيس، إلى بعض المفاهيم الصحيحة حول الجهاز المناعي والتي قد لا تكون معروفة للجميع:

- القلق المزمن عدو المناعة الأول

أكد ديفيس، أن القلق المزمن من أهم الأسباب التي تضعف الجهاز المناعي للشخص، موضحًا أن التوتر طويل الأمد يتسبب في إطلاق هرموني التوتر، الأدرينالين والكورتيزول -اللذين يُساعدان الجسم على الاستعداد للرد؛ ما يثبط من نشاط الجهاز المناعي.

وأضاف أن هذه الاستراتيجية مناسبة على المدى القصير، حيث تمكن الشخص من إدارة المخاطر والتكيف مع المفاجآت؛ مما يحدث تغيرات في عدد الخلايا المناعية في الدم لمدة ساعة تقريبًا، لتعود إلى وضعها الطبيعي بعد انتهاء العرض، فيما يؤدي القلق المزمن إلى بقاء مستويات الكورتيزول مرتفعة، ما يؤدي إلى إضعاف الجهاز المناعي على المدى الطويل، ومن ثم الإصابة بالأمراض المناعية والسرطان.

ولفت إلى أنه لا يعلم حتى هذه اللحظة، هل يعود الجهاز المناعي للعمل بكفاءة بعد زوال مسببات التوتر طويل الأمد.

- لا يمكن قياس قوة الجهاز المناعي بدقة

أشار ديفيس، إلى أنه بالرغم من أن عدد خلايا الدم البيضاء يستخدم كمؤشر على صحة المناعة، إلا أن جميع خلايا الجسم هي جزء من الجهاز المناعي، ما يجعل من الصعب قياس قوة الجهاز المناعي بدقة.

- أدوية الالتهابات تعالج الاضطرابات النفسية

وأوضح ديفيس، أن الأشخاص الذين يعانون من بعض الاضطرابات النفسية لديهم مستويات أعلى من مؤشرات الالتهاب في دمائهم.

ووجدت دراسة أجريت على أطفال في التاسعة من العمر، ممن كانت لديهم مستويات أعلى من المتوسط من IL-6(السيتوكينات) - وهي جزيئات بروتينية تُنتجها الخلايا المناعية وتفرزها عند حدوث الالتهابات للتواصل مع الخلايا المناعية الأخرى-، أنهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب عندما بلغوا الثامنة عشرة.

وأضاف: "لم يتضح بعد ما إذا كان تثبيط السيتوكين، المستخدم مع مرضى التهاب المفاصل، مفيد للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية".

- كيف يمكن أن نقوي مناعتنا؟

قدم ديفيس بعض النصائح التي تساعد في تقوية الجهاز المناعي، ومنها تجنب القلق المزمن قدر الإمكان، والحصول على قسط كافٍ من النوم، إلى جانب تحسين ميكروبيومات الجسم لما لها من دور في تعزيز المناعة.