- تركيا باتت دولة تستطيع التحدث مع كافة الأطراف ويثق بها الجميع
- لتركيا هدف وحيد هو ضمان السلام والاستقرار في المنطقة
- الاعتراف بدولة فلسطين ولو جاء متأخرا، لكنه خطوة مهمة
- إسرائيل تستخدم التجويع سلاح دمار شامل في غزة
- نتنياهو وجيشه الإجرامي يستهدفون المدنيين الفلسطينيين بأحدث أنواع الأسلحة
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، إنه ما لم يتم إيقاف إسرائيل فإن الإرادة المعلنة لإقامة دولة فلسطين ستظل ناقصة.
جاء ذلك في كلمة خلال مشاركته في "منتدى البوسفور الدبلوماسي" بإسطنبول، حيث تطرق إلى اعتراف عدد من الدول الغربية بدولة فلسطين مؤخرا.
وأوضح الرئيس أردوغان أن حدة التنافس العالمي تزداد يوما بعد يوم، وأن دوامة الغموض وعدم الاستقرار تنتشر على شكل موجات متتابعة.
وأفاد بأن الأزمات والخلافات تنتقل للأسف إلى ميادين الحرب والصراع، لعدم التمكن من حلها بالطرق السلمية، ما يؤدي إلى وقوع مآس إنسانية كبيرة.
ولفت أردوغان إلى أن المشهد العام العالمي اليوم يظهر أن النظام المتشكل بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945) على يد القوى المنتصرة لم يفقد فعاليته فحسب إنما سمعته ومصداقيته أيضا.
وقال إن "القيم العالمية لم تعد متداولة، وآليات الإدارة انهارت، والنظام الدولي الذي استمد شرعيته من القواعد والمبادئ أصيب بالشلل التام، لتحل دوامة لا تنتهي من الحروب وعدم الاستقرار، مكان السلم والأمن الدوليين".
وأكد أن العالم يشهد أزمة نظام كبيرة لا يمكن لأحد إنكارها، إذ إن النظام العالمي الحالي تأسس قبل 80 عاما عقب الحرب العالمية الثانية، حتى لا تقع حرب أخرى، ولا تحدث إبادة جماعية مرة أخرى.
وأضاف أردوغان أن آليات مثل مجلس الأمن الدولي، هدفها الحد من الحروب ووقف الصراعات ومنع الكوارث الإنسانية، إلا أنها تحولت من مفتاح للحل إلى جزء من المشكلة.
وأشار إلى أن النظام الدولي انهار، وأن تركيا تقع في منطقة تتحمل كامل أعباء هذا النظام المنهار، إذ إن أغلب الأزمات والتوترات والمجازر والصراعات والظلم بالعالم تقع في هذه المنطقة.
وأردف أن تركيا رغم بروزها قلعةً للاستقرار في المنطقة، لكنها ليست بعيدة عن هذه الأحداث، قائلا "فكما لا نستطيع أن نرتاح بينما بيت جارنا يحترق، لا يمكن أن نشعر بالرفاه بينما منطقتنا تعيش أزمات".
وواصل: "أكثر من ذلك، الذين يعانون هذه الأزمات هم إخواننا وجيراننا منذ مئات السنين. هل يمكن للإنسان أن يدير ظهره لجيرانه؟ هل يمكن أن يبقى غير مبالٍ بآلام إخوته؟ بالطبع لا".
وأكد أردوغان أن تركيا عبر التاريخ لم تدر ظهرها لجيرانها، ولم تصم آذانها أمام نداءات الاستغاثة من أي مكان، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وهرعت لنصرة المستغيث بغض النظر عن دينه ومذهبه وعرقه.
وصرح: "لا نستطيع أن نبقى غير مبالين بما تشهده منطقتنا من آلام وظلم وصراعات لا منتهية، حتى وإن التزم الجميع الصمت، فإيجاد الحلول وقيادة الجهود نحو الحل واجبنا ومسؤوليتنا التاريخية والأخلاقية".
ومضى قائلا: "كل روح تُزهق في شوارع غزة أو اليمن أو سوريا أو السودان أو الصومال تنزع جزءا من أرواحنا".
وتابع الرئيس التركي أنه يستشعر في أعماق قلبه مأساة الأطفال الذين يكافحون الجوع في فلسطين. وشدد على أن لتركيا هدفا وحيدا هو ضمان السلام والاستقرار في المنطقة، وأنها تعمل من أجل ذلك.
الرئيس أردوغان لفت إلى أن إسرائيل تستخدم التجويع سلاح دمار شامل في غزة. وقال: "من حصروا مسألة غزة في إطار حركة حماس بدأوا يدركون أن الأمر ليس كما تصوروه".
كما بعث أردوغان تحياته للمشاركين في أسطول الصمود العالمي، "الذين يتعرضون لإرهاب الدولة الإسرائيلي"، سائلا الله أن يمهد طريقهم ويحميهم.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يسكب فيه بارونات الحروب الزيت على النار، تسعى تركيا من أجل سلام عادل، بما يشمل غزة وفلسطين عموما.
وأكمل الرئيس التركي أن الاعتراف بدولة فلسطين ولو جاء متأخرا، لكنه خطوة مهمة. وأضاف: "نحن لا نرى في التراجع عن الخطأ المرتكب بحق أشقائنا الفلسطينيين إلا أمرا يستحق التقدير".
وخلال الأيام الماضية، اعترف 11 بلدا بدولة فلسطين، وهي: بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ولوكسمبورج وبلجيكا وأندورا وفرنسا ومالطا وموناكو وسان مارينو، ليرتفع بذلك الإجمالي إلى 159 من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
الرئيس أردوغان شدد على أنه "ما لم يتم إيقاف إسرائيل ستظل الإرادة المعلنة لإقامة دولة فلسطين ناقصة، ويجب محاكمة نتنياهو وحكومته وطاقمه في ارتكاب الإبادة الجماعية ومعاقبتهم فورا".
كما أكد ضرورة فرض عقوبات رادعة على إسرائيل بما في ذلك حظر مشاركتها في البطولات الرياضية الدولية.
وفيما يخص خطاب نتنياهو في الجمعية العامة بالأمم المتحدة، أفاد أردوغان: "لم يتمكن زعيم شبكة الإبادة الجماعية من العثور على من يستمع إلى أكاذيبه وتهديداته فتحدث إلى المقاعد الفارغة".
وجدد تأكيده أن الاعتراف بفلسطين خطوة مهمة وإن جاءت متأخرة، متسائلا "ألم يكن من الممكن الدفاع عن فلسطين قبل مقتل 65 ألف بريء؟".
الرئيس أردوغان قال إن تركيا تعمل من دون أي عُقد وبما يليق بتاريخها وحضارتها وعظمتها، من أجل إحلال السلام والاستقرار والطمأنينة والعدالة.
وشدد على أن تركيا باتت دولة تستطيع التحدث مع كافة الأطراف ويثق بها الجميع.
وأكد أردوغان أن حكومته تساهم بأقصى قدر في حل القضايا الإقليمية والعالمية، من خلال سياسة خارجية تركز على الإنسان، واستباقية ومبادِرة ومتعددة الأبعاد.
وتابع: "فعلنا ذلك في جارتنا سوريا على مدى 14 عامًا، حيث وقفنا بكل ما لدينا من إمكانات إلى جانب السوريين المضطهدين في مواجهة ظلم النظام الذي تلطخت يداه بالدماء".
وأوضح أن تركيا لم تترك الشعب السوري وحده أبدا حتى حينما أدارت كثير من دول العالم ظهرها له.
وذكر أن النهج ذاته اتبعته تركيا في الحرب الروسية ـ الأوكرانية، "فبينما كان بارونات الحرب يصبّون البنزين على النار، عملنا نحن من أجل سلام عادل. والآن نفعل الشيء نفسه في فلسطين، في غزة".
ولفت أردوغان إلى أن إسرائيل ترتكب في غزة منذ عامين إبادة جماعية مروعة ومخزية أمام أعين العالم أجمع.
وشدد على أن نتنياهو وجيشه الإجرامي يستهدفون المدنيين الفلسطينيين بأحدث أنواع الأسلحة ويمطرون الأبرياء بالقنابل. وأضاف: "في غزة يقتل كبار السن والأطفال وحتى الرضع في الحضانات بوحشية على يد عصابة المجازر هذه".
وتابع: "في غزة، يُستخدم التجويع بلا هوادة سلاح دمار شامل، ويُقتل العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين يحاولون إنقاذ الأرواح، والصحفيون الذين يوثقون الإبادة الجماعية، أمام أعين العالم".
واستدرك الرئيس التركي: "لكن ماذا حدث؟ في الأمس، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، اضطر المجرم المسمى نتنياهو، إلى مخاطبة تلك المقاعد الفارغة في القاعة".
واستشهد في هذا الصدد بمثل شعبي تركي يحذر من مغبة إلحاق الأذى بالإنسان المظلوم، وأن العقاب على من يفعل ذلك يأتي رويدا رويدا ولو بعد حين.
وقال: "قُتل أكثر من ألفين و500 فلسطيني وأصيب 18 ألفا و500 آخرون في ما يسمى نقاط توزيع المساعدات منذ 27 مايو/ أيار (2025)، ومنذ 7 أكتوبر (2023)، استشهد نحو 66 ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء في غزة، فيما وصل عدد المصابين إلى نحو 170 ألفا".
ولفت أردوغان إلى أن تركيا فتحت مستشفياتها أمام فلسطينيين مصابين لعلاجهم، وأن أبوابها مفتوحة وستواصل تقديم كل الدعم الممكن في هذا الصدد.
وأضاف: "هناك الكثير من المعاناة والمآسي والمجازر التي تحدث في فلسطين والتي لا تُنشر في الإعلام، إلا أن صرخة أصحاب الضمائر الحية في مختلف أنحاء العالم تبعث الأمل في فلسطين وغزة".
وتابع: "انظروا، بينما نعقد نحن هنا المنتدى الدبلوماسي، تبحر سفن أسطول الصمود وتتقدم نحو غزة فاتحة أشرعتها في البحر المتوسط".
وقال: "ناشطون ومتطوعون عزل من جميع أنحاء العالم، من مختلف الأديان والألوان، لكن بضمائر حية، يحملون المساعدات إلى غزة".
وأضاف: "من هنا، نُرسل تحياتنا أيضا لركاب الأمل على متن أسطول الصمود، والذين يتعرضون لإرهاب الدولة الإسرائيلي، وندعو الله أن يرشدهم في طريقهم ويحميهم".
وأكد أنه "إذا كان للظالمين مكر، فإن لله مكرا أيضا، وهذا المكر سينتصر في النهاية"، مستشهدا بالآية الكريمة: "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين".
وشدد على أن "هذه الخطة لا تشبه سواها، فلا حساب فوق حساب الله. ولقد شهدنا هذا، ونشهده، وبإذن الله سنشهده في المستقبل".
وأوضح أنه في غزة وقعت خسائر كبيرة، ودفع المظلومون في غزة ثمناً باهظاً، وتعرض 2.5 مليون إنسان، محصورون في 365 كيلومترا مربعا، لأبشع إبادة جماعية في التاريخ".
وذكر الرئيس التركي أنه "رغم كل هذا الدمار والوحشية، فإن الإبادة الجماعية في غزة أدت أيضا إلى صحوة عالمية".
وتابع: "في الأمس، كما قلت قبل قليل، تحدث رئيس شبكة الإبادة الجماعية إلى المقاعد الفارغة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم يجد أحدا على استعداد للاستماع إلى أكاذيبه وتهديداته، ونرى أن الذين كانوا نائمين على آذانهم إلى وقتنا هذا، بدأوا يستيقظون من نوم الغفلة".
وأشار إلى أن "الذين يحصرون قضية غزة في خانة حماس يدركون شيئا فشيئا أن الحقيقة مختلفة تماما. ويتضح بشكل متزايد أن هدف إسرائيل لا يقتصر على غزة".
وبيّن أردوغان أن "الهجوم على قطر تحديدا كشف حقيقة نوايا إسرائيل، وبات واضحا مجددا أن هذا الوحش يجب إيقافه".
الرئيس أردوغان، شدد على أن الصحوة العالمية التي أحدثتها غزة هي السبب في زيادة عدد الدول التي اعترفت بفلسطين. وقال: "كما تعلمون، تجاوز عددهم 150 بلدا، ومن المؤكد أن الاعتراف بفلسطين، وإن تأخر، خطوة مهمة".
وأضاف أردوغان: "لا يسعنا إلا أن نشيد بأي محاولة لتصحيح الأخطاء التي لحقت بإخواننا الفلسطينيين على مدى عقود".
وتابع: "لكن لا يسعنا إلا أن نتساءل ألم يكن من الممكن اتخاذ هذه الخطوات في وقت أبكر؟ ألم يكن من الممكن الدفاع عن فلسطين قبل مقتل 65 ألف إنسان بريء؟ ألم يكن من الممكن الاعتراف رسميا بفلسطين قبل أن تُصبح (غزة) في وضع يصعب فيه التعرف عليها (تدميرها) على يد فريق الإجرام؟"
وأردف: "أعلم أن البعض سيزعجه هذا، لكن نحن مضطرون لأن نطرح هذه الأسئلة. وللجم عدوان إسرائيل، لا بد من أن يقوم المعنيون بهذا النقد الذاتي".
وعبّر أردوغان، عن إيمانه في ضرورة أن ينخرط الجميع داخل هذه المحاسبة الداخلية "حتى لا تضيع دماء المظلومين في غزة هدرا، وإلا فستظل دماء الأطفال والنساء والشعب الأبرياء تُضحى بها في حسابات سياسية".
وأوضح أن الإرادة المعلنة لإقامة دولة فلسطين ستظل ناقصة ما لم يتم إيقاف إسرائيل، وأنه يجب محاكمة نتنياهو وأعضاء حكومته وطاقم الإبادة الجماعية ومعاقبتهم فورا.
كما دعا الرئيس التركي إلى فرض عقوبات رادعة على إسرائيل بما في ذلك حظر مشاركتها في البطولات الرياضية الدولية، مؤكدا أنه لا يمكن تجاهل القرار الذي اتخذته إسبانيا في هذا الصدد.
ولفت إلى أن رئيس الاتحاد التركي لكرة القدم أبدى موقفه من هذا الأمر، وأن الحكومة التركية ستدرسه بالتأكيد.
وقبل يومين، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إنه ينبغي معاملة إسرائيل بالطريقة نفسها التي عوملت بها روسيا من خلال منعها من المشاركة في المسابقات الرياضية الدولية.
وأضاف سانشيز: "لا يمكن لإسرائيل أن تستمر في استخدام أي منصة دولية لتبييض صورتها".
ومن الناحية الاقتصادية، شدد أردوغان، على ضرورة إجبار حكومة إسرائيل على دفع فاتورة الدمار الذي تسببت به في غزة، والتي وصلت إلى نحو 100 مليار دولار.
وقال في هذا الإطار: "ينبغي أن تكون إجراءات تركيا التي اتخذتها ضد إسرائيل في التجارة وغيرها من المجالات مثالا يحتذى به لدى البلدان الأخرى".
وأكد أن الوقت حان لأن تبدأ الدول الأخرى في اتخاذ خطوات مماثلة، وإلا فلن تقتصر الفوضى على حدود الشرق الأوسط، بل ستستعر هذه النار في العالم أجمع.
وتعهد أردوغان، في ختام كلمته، بمواصلة العمل من أجل ضمان عدم انتشار النار أكثر، ولتحقيق السلام والطمأنينة في المنطقة.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 65 ألفا و549 شهيدا و167 ألفا و518 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 442 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.