محطات في حياة أنجلا ميركل السياسية عبر كتاب مذكرات جديد - بوابة الشروق
السبت 28 ديسمبر 2024 12:36 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محطات في حياة أنجلا ميركل السياسية عبر كتاب مذكرات جديد

منى غنيم
نشر في: الجمعة 27 ديسمبر 2024 - 7:45 م | آخر تحديث: الجمعة 27 ديسمبر 2024 - 7:45 م

• تعاملت بشكل احترافى مع الأزمة المالية فى 2008 وجائحة كوفيد - 19.. وفتحت أبواب ألمانيا لمليون لاجئ سورى

صدر حديثًا للسياسية الألمانية والزعيمة السابقة لحزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى والتى شغلت منصب المستشارة الألمانية منذ 2005 وحتى 2021، أنجلا ميركل، كتاب بعنوان «الحرية: مذكرات 1954 - 2021» صادر عن دار نشر «ماكميلان» فى ترجمته الإنجليزية، تحدثت من خلاله عن أبرز الوقائع والتحديات السياسية والاجتماعية التى واجهتها خلال فترة شغلها المنصب.

فى البداية، وجب التنويه أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وانقشاع الحقبة النازية، بدا أن الألمان باتوا أكثر حرصًا وتحفظًا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وأصبحوا يتحلون بالرصانة فى التصربحات العامة، ويميلون للابتعاد عن الإثارة وافتعال المشكلات؛ وذلك بسبب السمعة السيئة التى لحقت ببلادهم من جرّاء الفكر النازى.

وبرغم ذلك، ظهرت بعض الشخصيات السياسية بعد الحرب على الساحة الألمانية ممن امتازوا بالخطابات المثيرة للحماس مثل هربرت فينر وفرانز جوزيف شتراوس، ولكن المجتمع الألمانى رفضهم لأنهم رفضوا الالتزام بهذا المبدأ، بينما على النقيض، أدركت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أهمية هذا النهج وتمسكت به بشدة.

ونقلت «ميركل» للقراء عبر صفحات الكتاب العديد من تصريحاتها السياسية وذكرياتها فى السلطة بمساعدة مؤلفتها المشاركة والمساعدة الشخصية لها بيآته باومان، وكان الكتاب دقيقًا فى مجمله، وقد حرصت «ميركل» على أن يكون الكتاب خاليًا من أى محاولات أدبية أو بصيرة شخصية، وأن يكون تقريرًا تفصيليًا فحسب لأحداث فترة حكمها.

وقد تمت ترجمة الكتاب إلى الإنجليزية الأمريكية بواسطة فريق يضم ثمانية مترجمين، حافظوا على الأسلوب الألمانى الأصلى الثقيل، كما أضافت دار «ماكميلان» للنشر بعض التوضيحات لجعل النص أكثر فهمًا للقارئ غير الألمانى.

واتضح من خلال صفحات الكتاب أن «ميركل» تغلبت على عقبتين رئيسيتين كامرأة فى عالم السياسة الألمانى: أولًا، كونها امرأة فى بيئة سياسية يغلب عليها الرجال، وثانيًا، كونها نشأت فى ألمانيا الشرقية الشيوعية؛ فقد وُلدت ميركل فى هامبورج بألمانيا الغربية، لكنها انتقلت إلى الشرق وهى طفلة، ولم تدخل عالم السياسة إلا بعد سقوط جدار برلين عام 1989، بعد أن تركت عملها كعالمة أبحاث وانضمت إلى الاتحاد الديمقراطى المسيحى، وسرعان ما تسلقت سلم الحزب بفضل إلمامها بالتفاصيل ومهاراتها التفاوضية.

وقد أشادت صحيفة الجارديان البريطانية بالكتاب كونه يحوى الكثير من التفاصيل عن الحياة السياسية الألمانية، ولكن أخذت عليه أنه لم يقدم الكثير عن ألمانيا الشرقية مما لا نعرفه بالفعل، حتى الأعمال البسيطة التى قامت بها «ميركل» كشابة معارضة، خاصة كونها ابنة قس بروتستانتى فى دولة ملحدة، لم تكن ذات أهمية تُذكر. كما أنه لم يقدم تقييمًا شاملًا لنظام ألمانيا الشرقية، لا لإنجازاته ولا لإخفاقاته، ولا حتى لأسباب انهياره.

ودخلت «ميركل» الساحة السياسية فى ألمانيا الموحدة بعد فضيحة فساد كبيرة أطاحت بمهندس الوحدة، هلموت كول، وقد فازت فى الانتخابات عام 2005 وأصبحت مستشارة ألمانيا بعد قيادتها لحزبها فى المعارضة أمام حكومة الاشتراكى الديمقراطى جيرهارد شرودر، ثم بقيت فى المنصب لمدة 16 عامًا حتى تقاعدها عام 2021.

وحظيت «ميركل» بإشادة واسعة على قيادتها الهادئة والمستقرة كقائدة لأكبر اقتصاد وأكبر عدد سكان فى الاتحاد الأوروبى، كما أنها برعت بشكل خاص كمديرة للأزمات، حيث تدخلت لحل المشكلات التى عجز الآخرون عن حلها، وكان شعارها الدائم: «نحن نستطيع القيام بذلك».

ومن الأمثلة البارزة على قيادتها العملية، كان قرارها فى عام 2015 بفتح أبواب ألمانيا لمليون لاجئ سورى هربوا من الحرب الأهلية التى أشعلها قمع الرئيس بشار الأسد الوحشى للاحتجاجات، وهذا القرار عكس إيمانها بأن «ألمانيا دولة هجرة»، وأن تدفق العمالة الأجنبية بانتظام أمر «لا مفر منه».

كما أخذتنا «ميركل» عبر أبرز الأزمات التى واجهتها، من الأزمة المالية فى 2008 إلى جائحة كوفيد - 19، وأشارت إلى بعض التفاصيل الشخصية مثل علاقتها الجيدة مع الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن، وخلافاتها مع الزعيم الروسى فلاديمير بوتين، الذى استخدم كلبه فى الاجتماعات لإثارة خوفها المعروف من الكلاب، أما عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، فقد اكتفت بسرد مقتضب ولم تُقدم أى رأى حول قادته.

ورغم نجاحاتها، تعرضت سمعة «ميركل» لضغوط كبيرة بعد تقاعدها، خصوصًا بعد غزو روسيا لأوكرانيا فى 2022. وواجهت انتقادات لزيادة اعتماد ألمانيا على الغاز الروسى من خلال مشروع خط أنابيب نورد ستريم. كما أن قراراتها بإغلاق المحطات النووية بعد حادثة «فوكوشيما» عام 2011 تركت ألمانيا تعتمد بشكل أكبر على الوقود الأحفورى.

وبشكل عام، أبرز الكتاب اهتمام «ميركل» الكبير بالقضايا البيئية، ولكنه عكس أيضًا قصورًا فى رؤيتها الاستراتيجية. ورغم إقرارها بأن ألمانيا بحاجة إلى تحديث اقتصادها لتكون جاهزة لعصر ما بعد الصناعة، فإن دعمها المستمر للصناعات التقليدية مثل السيارات والهندسة والكيماويات يكشف عن رؤية قصيرة المدى إلى حد ما.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك