• أعبر عن حبى لوطنى من خلال الفن.. ومشهد القبلات ليس جريئا مقارنة بانتقاد الفساد ومحاولة تغيير أفكار راكدة
• المجتمع السورى أصبح مادة أدبية للعديد من الموضوعات التى يمكن تقديمها على الشاشة
• فيلمى القادم سيكون عن غزة.. وأنتظر عروضا مميزة لأعود بها للدراما
• مصر بلدى الثانى وجواز مرور أى فنان لقلوب الوطن العربى
• التمثيل شغفى والإخراج أضاف لى الكثير من المتعة والاكتشاف
• أبنائى يحبون الفن بكل أشكاله فهى جينات منى ومن والدهما
استطاعت الفنانة سلاف فواخرجى أن تأسر جمهورها بأداء قوى فى فيلمها الجديد «سلمى»، الذى يستكشف أعماق المعاناة الإنسانية فى سوريا فى ظل الظروف الصعبة، حيث يثير الفيلم الكثير من القضايا الاجتماعية الهامة، وعرض ضمن مسابقة آفاق السينما العربية فى الدورة 45 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، ويتناول العمل قصة امرأة وحيدة تحاول أن تجد حلًا لمشاكلها بعد اختفاء زوجها، لتجد نفسها فى النهاية أمام خيارين، إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية مع كل ما يحمله ذلك من تضحية أو أن تختار خلاصها الفردى مع عائلتها.
وتكشف سلاف فواخرجى فى حوارها لـ«الشروق»، عن الصعوبات التى مرت بها، وكواليس مشاهد الضرب مع باسم ياخور وحقيقة انتهاء خلافهما، وتعليقها على انتقادات القبلات فى الفيلم، وهل ستفكر فى إنتاج فيلم عن القضية الفلسطينية مستقبلا، ومتى ستعود للدراما والسينما المصرية.
< فى البداية.. كيف وجدت ردود الأفعال على فيلم «سلمى» بعد عرضه بالقاهرة؟
ــــ الجمهور المصرى فاجأنى برد فعله الإيجابى على الفيلم، كان متفاعلا فى قاعة العرض مع الأحداث بشكل مستمر من خلال التصفيق والضحك والبكاء متأثرين بالأحداث، وبعد انتهاء عرض الفيلم كانت ملامح السعادة تظهر عليهم، وأنا أتشرف بالمشاركة فى مهرجان القاهرة، لأنه مهرجان السينما الأهم والأعرق فى المنطقة العربية.
< هل قصة الفيلم حقيقية؟
ــــ قصة الفيلم حقيقية مأخوذة من واقع مجموعة من الأسر فى سوريا التى تعيش مئات القصص التى عانى منها الشعب السورى فى السنوات الأخيرة، سواء من الحرب والحرمان والموت والزلزال والفقر، حيث أصبح المجتمع السورى مادة أدبية للعديد من الموضوعات التى يمكن تقديمها على الشاشة، وجميعنا نضحك فى أوقات الحزن لأنها جزء من الحياة، والناس البسيطة لديها قدرة أكثر على الضحك والتعبير عن النفس يكون أكثر تأثرا بالكوميديا السوداء فى حياته، وهو ما ظهر فى أحداث فيلم سلمى لأنها هى المخرج الوحيد من حالة الحزن المسيطرة على الوضع العام نتيجة العنف والدمار.
< حدثينا عن كواليس فيلم سلمى ومشهد الضرب مع باسم ياخور؟
ــــ بالنسبة لضرب باسم ياخور شخصية سلمى فى الفيلم لم يكن حقيقيا بالطبع، وذلك لأننا على قدر عال من الاحتراف، ومشهد صفعة سلمى على وجهه كان حقيقيا، بينما مشهد الانهيار والصراخ فى المحكمة كان من أصعب المشاهد فى الفيلم، لأنه عبّر عن حالة المرأة السورية وكل الشعوب العربية التى تعيش مشاعر متناقضة بين الضعف والقوة، لأننى بشكل شخصى أعيش تلك التفاصيل على أرض الواقع، وما يحدث جزء من حياتى، ولا أتعاطف معهم لمجرد أداء دور على الشاشة، وكان هذا المشهد بالنسبة لى تحديدا كونه يعبر عن آلاف النساء فى سوريا ممن يذهبن إلى ساحات المحاكم يبحثن عن أزواجهن المفقودين، سواء فى الحرب أو الزلزال أو غيره، ولا يتمكنون من إصدار شهادة وفاة، فقد تحولت سلمى من مجرد أم إلى معلمة ومضحية من أجل الأطفال، كما ضحت أكثر بعد ترشحها فى الانتخابات لتحمى مجتمعها بعطاء أكبر، وجسدت سلمى الإنسان النقى الذى يشبه الأرض الطيبة، يتحمل البشاعة والفساد والظلم وضياع الكرامة التى تكون منغمسة بالدماء.
< هل انتهى خلافك مع الفنان باسم ياخور مع عرض فيلم «سلمى»؟
ــــ انتهى الخلاف بيننا؛ ، فقد كانت سبب الخلاف السابق دخول بعض الأشخاص المغرضين على خط العلاقة بيننا لكى يفسدها، ومخرج الفيلم جود سعيد أصر على مشاركة باسم ياخور فى الفيلم لأنه يعلم مدى صداقتنا وعلاقتنا القوية، وساعدنا على إزالة الخلاف بيننا وتجمعنا مرة أخرى، لأنه كان يرى أنه الأنسب لهذا الدور، وباسم صديق عزيز منذ سنوات طويلة، وسعدت بمشاركته كضيف شرف فى الفيلم وكان إضافة حقيقية قوية للعمل، وبمثابة العدو الأكبر لشخصية سلمى وقدم نموذج الشر والفساد الذى يعانى منه الشعب السورى باحترافية شديدة.
< هل شخصية سلمى تشبهك فى الحقيقة؟
ــــ بالتأكيد؛ المرأة فى حد ذاتها كائن قوى، وتستمر فى العطاء والتضحية عن طيب خاطر دون مقابل، حتى أنها قد تشعر بالذنب فى بعض الأوقات اعتقادا منها بالتقصير، فشخصية سلمى تشبهنى فى هذا الأمر، بشجاعتها، وفى كل الشخصيات التى أقدمها أحاول بكل جهد أن تكون شبهى.
< هل من الممكن أن تخوض سلاف تجربة انتخابات مجلس الشعب؟
ــــ قطعا لا؛ أنا فنانة ولا أريد الدخول فى أى مجال آخر، وأعبر عن حبى لوطنى من خلال الفن، فشخصية سلمى تحولت عندما وصلت لأقصى مراحل الضعف والاستغلال، فكان عليها دخول تحد مع نفسها ومن حولها لدفع الضرر عن عائلتها، والدفاع عن حقوق مجتمعها الذى يتعرض للقهر، ونجحت فى هذا الأمر، حتى أصبحت بطلة.
< ما ردك على انتقادات مشهد القبلات فى الفيلم؟
ــــ هى ليست جرأة، وكانت مشهدا فى أحداث الفيلم، والجرأة الحقيقية فى طرح الأفكار وانتقاد الفساد ومحاولة تغيير أفكار راكدة، لكن الفيلم يشهد لحظات رومانسية ضمن حالة ضياع تعيشها البطلة التى كانت تسترجع معها ذكرياتها مع زوجها، ليرى المشاهد حال الفقدان الذى تعيشه سلمى، والانتقادات أصبحت أمرا واقعا وسهلا، وتجاوزت تلك المرحلة لأننى أحب عملى ولى أسلوبى الخاص، والنقد أمر رائع ولكن عندما يصل إلى حد السباب أتجاهله.
< ألم تقلقى من المنافسة مع عدة أفلام تحمل قضايا إنسانية فى المهرجان؟
ـــ هى صدفة بالطبع؛ أن نشارك نحن بعمل حقيقى يعبر عن واقع قضايا إنسانية، مثل ما يعانيه الشعب الفلسطينى أو اللبنانى أو السورى، وكذلك مشاركتنا فى مهرجان القاهرة السينمائى بهذه الأعمال كمنتجين وليس ممثلين فقط، ولكن تظل المنافسة جزءا أساسيا من عملنا، وهى أمر صحى، وخطوة الإنتاج بالنسبة لى ليست من أجل المكسب المادى ولكن من أجل تقديم سينما تحمل قيمة إنسانية خالدة ودائما ما تحمل رسائل أريد توصيلها عن طريق الفن.
< لماذا كانت نهاية الفيلم صادمة للجمهور؟
ـــــ نهاية الفيلم كانت تعنى أنها كانت تبحث عن سراب، وأن زوجها الذى ظلت تنتظره لن يعود، وعليها أن تستمد قوتها وشجاعتها فى الحياة من ذاتها، فقد قضت سنوات فى البحث عنه داخل المحاكم وتعرضت للنصب من العصابات من أجل مساعدتها فى الوصول إليه، والتعايش مع الورق والأرقام والصور للمفقودين وضياع الهوية، وفى النهاية أدركت الحقيقة، بأن الفقدان الحقيقى هو الأرض والأمان والعائلة والشغف بالحياة، والهوية السورية متأصلة داخل النفوس لا تتزعزع، فهى ليست بطاقة أو ورقة يتم طباعتها.
< تحملين الجنسية الفلسطينية.. كيف رأيتِ تضامن مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الأخيرة للسينما الفلسطينية؟
ــــ الفنان حسين فهمى قدم دورة مشرفة لأقدم مهرجانا سينمائيا فى المنطقة العربية، وأرى مجهودا غير محدود منه فى الدورة الأخيرة، خاصة مع ما مر به من حزن كبير لرحيل شقيقه الفنان مصطفى فهمى، ولكنه يدير المهرجان بحرفية شديدة وناجحة، وجذب انتباهى التبنى القوى للمهرجان للقضية الفلسطينية، سواء من خلال مشاركة عروض الأفلام أو المسابقات الخاصة أو الجوائز الخاصة، وأعطى نموذجا مشرفا لتحمل المسئولية، وكما قال فى كلمته بحفل الافتتاح «العرض لازم يستمر»، ولا يوجد أى حديث يكافئ حق ما يتحمله الفلسطينيون وما يواجهونه، فنحن نعيش بهذا العنف والدمار والإبادة، وهناك حالة كبيرة من الحزن داخل قلوبنا للضحايا الذين يدفعون حياتهم ثمنا للحرية، والدفاع عن أرضهم وكرامتهم، وسعيدة بعودة البوصلة الأساسية للقضية الفلسطينية للعالم الذى كان مغيبا، وتحول العالم لداعم كبير لاسم فلسطين، وفخورة بأننى أحمل الجنسية الفلسطينية لأنها شرف كبير.
< هل تفكرين فى إنتاج فيلم عن القضية الفلسطينية مستقبلا؟
ــــ بالتأكيد؛ فأنا دائما أفكر فى هذا الأمر، وقدمت من قبل فيلما عن هضبة الجولان فى سوريا بعنوان «رسائل الكرز» عام 2020، وكان أول عمل عن قضية إنسانية، والفيلم المقبل سيكون عن القضية الفلسطينية.
< متى تعودين للدراما والسينما المصرية؟
ــــ الجمهور المصرى مختلف تماما، والوقوف أمامه أو تقديم عمل فنى له أمر صعب، لأنه ذواق للفن، لذلك أنتظر عروضا مميزة لأعود للجمهور المصرى بها، وكل ما يسعدنى طوال فترة غيابى عن الأعمال المصرية واستقرارى فى سوريا هو توالى العروض الفنية على، وهو ما أسعدنى للغاية، وسأعود قريبا، فأنا لا أستطيع الاستقرار فى مصر وأترك وطنى فى أوقات الشدة وهو واجب على، سوريا وطنى وسأظل بها ولن أتركها، خاصة أن ذلك كان فى ظل وجود أهلى معى قبل وفاتهم، وعملت بالعديد من الأعمال الدرامية السورية وحققت بها نجاحات بفضل الله، ولكن هذا لا يمنعنى من المشاركة فى أعمال درامية مصرية، خاصة أن الجمهور المصرى منحنى فرصة كبيرة للنجاح وجماهيرية أعتز بها، لكن ظروفنا فى سوريا تمنعنى أحيانا من الوجود المستمر بمصر ولكنها بلدى الثانى، مصر تسحر، وهى بالنسبة لى هوليوود الشرق وجواز مرور أى فنان لقلوب الوطن العربى بأكمله.
< هل من الممكن أن تخضعى لعمليات تجميل؟
ـــــ التجميل أمر مهم لكل فنانة، ولكن ليس لدى حرب مع العمر لكى أحاول السيطرة عليه بعمليات التجميل، كل مرحلة لها متطلباتها، ولكنى أفضل الاهتمام الطبيعى ببشرتى، ويمكن الخضوع لبعض الأمور التجميلية من أجل دور فى عمل فنى فقط.
< أنتِ ممثلة ومخرجة وكاتبة ومنتجة مؤخرا.. ماذا تفضلين؟
ــــ التمثيل هو المحرك الأساسى لشغفى وعملى فى مجال الفن، ويحرك وجدانى لتقديم رسالة أو قضية، وعندما دخلت مجال الإخراج فى أولى تجاربى من خلال فيلم «رسائل الكرز» شعرت بأن مجال الإخراج قد يكون مكانى لأنه أضاف لى الكثير من المتعة والاكتشاف والتعلم، ولكنى لن أكرر تلك التجربة إلا من خلال قصة تؤثر فى وجدانى، أما الكتابة فساعدتنى خبرتى فى تقديم عدة سيناريوهات ولكنها ليست الأقرب لقلبى سوى فى حالات المقالات أو التعبير عما بداخلى ليحقق شغفى، أما مرحلة الإنتاج فكانت الأهم لى فى فيلم «سلمى» الذى شارك بالدورة 45 من مهرجان القاهرة، وفخورة بها لأننى قدمت من خلالها تجربة حقيقية عن معاناة الشعب السورى.
< هل ينضم أبناؤك للتمثيل بعد ظهورهم فى أكثر من مناسبة فنية؟
ــــ حمزة وعلى، لديهما حس فنى عال ويحبان الفن بكل أشكاله، وهى جينات منى ومن والدهما وائل رمضان، وخصوصا على، لأنه شارك معى فى تجربة درامية بسوريا عام 2023 بالموسم الرمضانى، ولكننى قررت الانتهاء من دراستهما أولا ثم الانضمام لمجال التمثيل.