يوئيل غوجنسكى، تسفى ماغين، وعوديد عيران
خلال زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مصر فى فبراير 2015، وقّع الجانبان مذكرة تفاهم لإقامة أول محطة نووية فى منطقة الضبعة الواقعة فى شمال غرب مصر، وفى 19 نوفمبر 2015 وقعت مصر وروسيا اتفاقية تقوم موسكو بموجبها بتشييد 4 مفاعلات نووية فى مصر، طاقة كل منها 1200 ميجاوات من الكهرباء. فحجر العثرة الرئيسى الذى يقف فى طريق تنفيذ المشروع يتعلق بمسألة التمويل. فوضع مصر الاقتصادى لا يسمح لها بتحقيق مشروع من هذا النوع، وهناك شك فى أن تكون المملكة العربية السعودية التى تدعم نظام السيسى اقتصاديا، قادرة على تمويل هذا المشروع الطموح فى ضوء الضغوط الشديدة المتعلقة بالميزانية التى ترزح [المملكة] تحتها بفعل انخفاض أسعار النفط.
ولذا لابد من إلقاء نظرة على المسار الآخر فى الدبلوماسية الروسية فى منطقة الشرق الأوسط، ألا وهو: مشاريع بناء مفاعلات نووية مدنية. إن روسيا ليست لاعبا جديدا فى السوق النووية المدنية فى منطقة الشرق الأوسط، ولكن يلاحظ تصاعد إرادة التعاون بين موسكو ودول من المنطقة فى هذا المجال، يتجلى ذلك فى انخراط روسى متزايد فى بيع معرفة ومنشآت نووية ضمن المنطقة. وليست مصر الدولة الوحيدة التى تعمل روسيا على تعزيز التعاون معها فى هذا المجال. وتفيد التقارير بأن إيران تنوى أن تبنى بالتعاون مع موسكو مفاعلين نووين إضافيين فى «بوشهر»، بمحاذاة المفاعل القائم فى هذا الموقع والذى بدأ بتوليد الطاقة عام 2011. وبالإضافة إلى إيران، وقعت روسيا اتفاقات متعددة، بعضها لبناء مفاعلات وبعضها الآخر لنقل المعرفة [الخبرة النووية] لحليفات الولايات المتحدة فى المنطقة. وقد شرعت الشركة الحكومية الروسية «روس أتوم» ببناء أربع مفاعلات نووية، طاقة كل منها 1200 ميجاوات، فى«أكويو» فى [جنوب] تركيا.
إن الطلب المتزايد على الطاقة فى الأردن، وعدم وجود احتياطات نفطية دفع بالمملكة إلى أن ترغب فى بناء قدرة نووية مدنية على أراضيها. وفى مارس 2015، وقّع الأردن مع شركة «روس أتوم» اتفاقا لبناء مفاعلين نووين؛ ومن المقرر أن يبدأ الأول بالعمل بحلول عام 2024، والثانى بحلول عام 2026.
***
المملكة العربية السعودية أيضا أطلقت برنامجا نوويا مدنيا، من أجل تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة، لا سيما أنه فى نهاية العقد القادم [2030]، ويطلب السعوديون مساعدة خارجية، من أجل امتلاك القدرات ذاتها التى تقوم إيران ودول مجاورة أخرى فى المنطقة بتطويرها، أو توشك على تطويرها. ولهذا الغرض، أنشئت فى المملكة سلسلة من المشاريع ووقعت اتفاقيات، وآخرها مع روسيا. فقد وقعت الدولتان فى يونيو من العام الحالى [2015] اتفاقا تقوم روسيا بموجبه ببناء ودعم برنامج نووى مدنى فى المملكة.
وأبعد من التعاون النووى بين مصر وروسيا، تقوم روسيا بتزويد مصر بمقاتلات متقدمة، وكما هو متوقع، بمنظومة الدفاع الجوى الصاروخية [بعيدة المدى] من طراز Sــ300. ومن المتوقع أن تتسلح إيران أيضا بمنظومة من هذا النوع، فضلا عن طائرات متطورة وأنظمة سلاح إضافية. كما أن المملكة العربية السعودية، بالإضافة للتعاون النووى مع روسيا، من المحتمل أيضا أن توسع نطاق مشترياتها من منظومات أسلحة روسية متقدمة. وأخيرا، وبعد تدخل روسيا عسكريا فى سوريا، بتحالف مع إيران، أصبحت إسرائيل تواجه منظومة متراكبة مكونة من جيش سورى وجيش إيرانى وقوات حزب الله، مدعومة بالتواجد العسكرى الروسى فى سوريا.
لا يمكن لإسرائيل أن تتجاهل منحى تسلح جاراتها الشامل بمنظومات أسلحة روسية متقدمة، أو دخولها المتسارع للمجال النووى، ولا سيما أن هذه البرامج قد تشكل قاعدة لتوسيع المعرفة فى هذا المجال، وغطاء لامتلاك قدرات نووية عسكرية، وبنوع خاص إذا كان نقل المعرفة العتيد يشمل قدرة تخصيب [اليورانيوم]. إن روسيا حريصة من جهتها على المحافظة على علاقات إيجابية مع إسرائيل، لكن هناك شكا فى ما إذا كان بمستطاع إسرائيل إقناع روسيا بتضمين الاتفاقيات الموقعة بينها وبين دول فى المنطقة ترغب فى امتلاك منشآت نووية، بنودا مقيدة ــ مثل تلك المدرجة فى الاتفاق بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة فى الشأن النووى.
باحثون فى معهد دراسات الأمن القومى
مباط عال
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية