بذل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو جهودا كبيرة فى الأسبوعين الماضيين كى يثبت أن إسرائيل تتقيّد بشدة فى المحافظة على الوضع القائم فى جبل الهيكل [الحرم القدسى الشريف]. وقد وافق بعد مفاوضات مع وزير الخارجية جون كيرى، ومفاوضات غير مباشرة مع العاهل الأردنى الملك عبدالله، على تركيب كاميرات فى جبل الهيكل. واعترف بما يفهم منه أنه لا يحق لليهود الصلاة فى المكان. كما أنّب نائبة وزير الخارجية تسيبى حوتوفِلى على تصريحاتها بشأن هذا الموضوع، وعضو الكنيست باسل غطاس الذى زار الحرم. لكن من يتفحص بعمق السياسة الحكومية حيال جبل الهيكل يكتشف تناقضا. ففى وقت تعلن الدولة رسميا التزامها بالوضع القائم، تساعد وتدعم عددا من المنظمات التى كل عملها هو تقويض هذا الوضع.
وفقا لتقرير نشرته قبل عامين جمعية عيرعميم، ومنظمة «كيشف» [مركز حماية الديمقراطية فى إسرائيل]، هناك 19 جمعية فى إسرائيل يتركز نشاطها فى جبل الهيكل، بعضها يحصل على دعم مالى من الحكومة. فعلى سبيل المثال تحظى كلية علوم الهيكل التابعة لمعهد الهيكل [جمعية دينية تأسست سنة 1987 يتركز نشاطها فى إعادة بناء الهيكل] بمساعدة سنوية تقدر بمئات آلاف الشيكلات من وزارة التعليم. ويعمل المعهد على إعداد الأدوات اللازمة لبناء الهيكل وتأهيل رجال الدين لهذه المهمة. لكن الدعم الحكومى الأكثر أهمية يبرز فى تشجيع التلاميذ ــ عشرات الآلاف فى السنة ــ على زيارة معهد الهيكل، وإدخال الموضوع [اعادة بناء الهيكل] فى برنامج التعليم فى المدارس التابعة للتيار الحكوميــ الدينى (وفقا لما جاء فى مقال أورى كيشت«هآرتس«، 23/10). يضع هذا البرنامج إعادة بناء الهيكل كهدف يجب العمل على تحقيقه، ويعتبر ذلك «ذروة أمنيات الإنسانية جمعاء». ومعنى ذلك عمليا ونظريا تغيير الوضع القائم.
الحركة الشعبية من أجل تغيير الوضع القائم ليست كبيرة، فالمقصود بضع عشرات من الناشطين الثابتين، وبضعة آلاف من المناصرين فى الدائرة الأوسع. وقد سُجل خلال السنة الماضية دخول نحو 10,000 يهودى إلى جبل الهيكل، جزء كبير منهم قاموا بذلك أكثر من مرة واحدة. لكن لهذه الحركة مركزَى قوة: سيطرتها غير المتناسبة مع حجمها على حزبى الليكود والبيت اليهودي؛ وتسللها إلى جهاز التعليم.
إن المساعدة الحكومية لهذه الحركات تقوض الالتزامات السياسية لرئيس الحكومة بالمحافظة على الوضع القائم. وما لم تنجح حكومة إسرائيل فى تحريك عملية سياسية حقيقية، فمن الضرورى تهدئة الوضع على الأرض ومنع العنف. وهذا كله فهمه نتنياهو أيضا. ولذا يتعين على الحكومة اليوم أن تعيد دراسة علاقتها بالأطراف التى تعمل ضد سياستها هذه.
افتتاحية هاآرتس
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية