إسرائيل ليست أمريكا - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:30 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل ليست أمريكا

نشر فى : السبت 4 فبراير 2017 - 11:05 ص | آخر تحديث : السبت 4 فبراير 2017 - 11:05 ص

بنيامين نتنياهو فخور بالجدار الذى بناه على طول الحدود مع مصر. ويربّت على كتف دونالد ترامب ويثنى عليه لأنه تبنى الفكرة الإسرائيلية الذكيّة التى منعت منعا باتا دخول آلاف اللاجئين والمهاجرين من العمال من دول أفريقيا إلى إسرائيل. لكن رئيس الحكومة بخلاف ترامب شخص إنسانى، فهو يغلق بيد حدودا ويسمح بالأخرى لمائة طفل سورى بالدخول على الرغم من خطر تحول هؤلاء الأولاد الذين سيستوعبون ويكبرون فى القطاع العربى إلى أعداء لإسرائيل، مثل القطاع كله.


لكن بدلا من أن يخرج الجمهور إلى الشوارع مع هتافات تأييد لرئيس حكومته الممتاز ــ ويتباهى هو أيضا بأن رئيس العالم تبنى فكرة إسرائيلية ذكية، فإنه يتثاءب. هنا ليست أمريكا. هناك عشرات الآلاف يخرجون إلى الشوارع والآلاف يحتشدون فى المطارات، وتشتعل وسائل التواصل الاجتماعى بالغضب والإدانات، وحتى أعضاء فى الحزب الجمهورى رفعوا أصواتهم ضد الجنون الذى استولى على البيت الأبيض.


لكن فى إسرائيل صمت مطبق. وحدها الصحافة البلشفية التى لا تستطيع رؤية الذكاء، وتعتبر الصداقة بين الرفاق فسادا، وتدق إسفينا بين أمن الدولة والأمن الاقتصادى لكبار مسئوليها، تواصل النباح.


فى الواقع، فإن نصف الجمهور الأمريكى وفقا للاستطلاعات الأخيرة يؤيد خطوات ترامب التى تقشعر لها الأبدان، ولا يريد ناخبوه أن يروا أمام أنظارهم إسبانا ولا ليبيين ولا مغاربة ولا عراقيين ولا يهودا وإسرائيليين. كل من هو غريب عليه أن يرحل. هم يقولون إن أمريكا للأمريكيين، والمطلوب لون واحد وصوت واحد وربما لباس واحد. لكن النصف الآخر لا يتنازل بسهولة. صحيح أنه لم يفز فى الانتخابات العامة بـ«الـ30 مقعدا» [التى كان من شأنها أن تحرم ترامب من الغالبية الجمهورية فى الكونجرس الأمريكى]، هذا الشيك المفتوح الذى اعتبرت ميرى ريغيف أنه يسمح لها بالتصرف برعونة، وربما هو لا يزال يشعر بالمرارة بسبب الكارثة التى أصابته، لكنه لا يسكت. فهو يتأثر بما يسمعه وما يراه، ويتصرف كأنه فى عشية «ربيع عربى». هو يخرج إلى الشوارع، يرفض، يعبئ، يتظاهر، يطلق الشعارات، ويقدم طلبات الاستئناف إلى المحاكم. إنه نصف الجمهور الذى ليس مستعدا لأن تفلت من يديه القيم الأمريكية التى شبّ عليها. وعندما يعتبر ممثلو الجمهور الأمر الرئاسى المتوحش «غير أمريكى»، فإنهم يقصدون بذلك التناقض بين ما يمثل فى نظر الأمريكيين تمثال الحرية، وجدار الفصل الذى يقيمه ترامب فى وجه بؤساء العالم.


وعندنا، ماذا يحدث؟ هنا لا يخرجون إلى الشوارع فى برد شهر يناير. فى الدول العربية فقط يقومون بثورة فى يناير دفاعا عن القيم، والتظاهرة المتخيلة الوحيدة هى الجلسة الكئيبة أمام شاشة التلفزيون ما بين الساعة الثامنة والتاسعة مساء فى انتظار نشرة الفساد اليومية. ومن يقدم الاعتراضات ضد السياسات المجنونة لحكومة الخطر الوطنى هم فى أحسن الأحوال منظمات حقوق الإنسان، و«محبو العرب»، و«كارهو إسرائيل». يحدث هذا على الرغم من أن نصف الناخبين فى إسرائيل يعتبرون من معارضى نتنياهو، وحتى فى الليكود لا تزال توجد جزر من التعقل والقيم، ومن يلتزم بها ينظر كل يوم إلى المرآة ويذرف دمعه. هل خرج أحد إلى الشارع وهو يحمل لافتة؟ أو سجل اعتراضا؟ أو أرسل تغريدة [إلى الشبكة العنكوبية؟ لا بأس، اليسار قاعد فى الزاوية وينوح على دمار الهيكل، لكن أين المجد الوطنى لليكود الذى انجرّ كخرقة بالية وراء قضايا زعيمه السياسية والأخلاقية؟


ترامب هو توءم نتنياهو، وباستثناء لون شعره، فلديهما قيم متشابهة، وهما يعتقدان أنهما وحدهما لديهما الصيغة السحرية التى ستعيد المجد لدولتيهما. والاثنان متأكدان من أن وسائل الإعلام تنظيم إرهابى، وأن الجمهور لا يدرك مدى عظمتهما. وعلى الرغم من ذلك، ما يزال ترامب يخطو بتثاقل وراء نتنياهو، وفقط عندما يستوعب أن الجمهور غبى ومسحوق وتافه، يكتمل التمازج بينه وبين نتنياهو.

تسفى برئيل
معلق سياسى
هآرتس
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات