حرب نفسية ضد إضراب الأسرى عن الطعام - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:39 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حرب نفسية ضد إضراب الأسرى عن الطعام

نشر فى : الخميس 11 مايو 2017 - 9:55 م | آخر تحديث : الخميس 11 مايو 2017 - 9:55 م

السجناء الأمنيون والسياسيون الذين يشرعون فى تنفيذ إضراب عن الطعام يمثلون مشكلة صعبة، لا بالنسبة إلى سلطة السجون فحسب، وهى التى تعتبر أى عمل احتجاجى بمثابة خرق للنظام والأمن. بل أيضا بالنسبة إلى حكومة إسرائيل التى تعتبر أى احتجاج فلسطينى بمثابة انتفاضة وخطر أمنى. وفى محاولتها قمع الاحتجاج، ترفض إسرائيل إجراء أى حوار مع المُضربين عن الطعام والإصغاء إلى مطالبهم ومحاولة حل الأزمة، فهى لا تتفاوض مع إرهابيين ولا مع أسرى أمنيين مُضربين عن الطعام. وبدلا من ذلك، تحاول كسرهم بالقوة الجسدية، الإطعام القسرى ــ أو النفسية، وكسر معنوياتهم وإضعافهم وتصعيب مهمة الاستمرار فى الإضراب عليهم، بشتى السبل.
إن الشريط الذى نشرته سلطة السجون أمس الأول (الأحد)، والذى يُظهر قائد إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام، القائد فى حركة «فتح» مروان البرغوثى، يأكل فى زنزانته خلال الإضراب، عرضَه وزير الأمن الداخلى غلعاد إردان بصورة استعراضية متباهية بهدف إذلال البرغوثى ودق أسافين بين الأسرى المُضربين وضرب معنوياتهم. كما أن نشر هذا الشريط فى وسائل الإعلام هو محاولة من جانب حكومة نتنياهو وسلطة السجون لتعبئة الجمهور الإسرائيلى بأسره فى الحرب النفسية ضد الأسرى المُضربين عن الطعام.
إنها مناورة ترمى إلى إحراج البرغوثى ــ باليد الأولى يعطونه قطعة الحلوى وباليد الثانية يشغّلون آلة التصوير ــ وإلى تقديم احتفالية إذلالية جماعية أمام الجمهور الواسع: هاكم الأسير الأمنى القائد الفلسطينى الذى يتظاهر بأنه مُضرب عن الطعام يسرق فتات الكعك الذى فى زنزانته فى السجن الذى يقبع فيه منذ 15 سنة وليس متوقعا أن يخرج منه وهو على قيد الحياة. هكذا يحظى الجمهور بوجبة دسمة مسلّية من السادية ــ القومجية ويخرج الوزير إردان «رجلا» يحظى بدعم صامت من الجمهور الذى «يستنتج» أن البرغوثى ليس وحده هو المزيف فحسب، بل أيضا النضال نفسه مزيف.
لكن ظروف السجن المزرية التى يعيشها الأسرى الفلسطينيون، والتى كانت سبب الإضراب منذ البداية، ليست تزييفا وبعيدة جدا عن أن تكون مُضحكة. فالأسرى الأمنيون، على سبيل المثال، يحظون بزيارات من الأقارب من الدرجة الأولى فقط ومن وراء ستار زجاجى، ويسرى عليهم حظر تام ومطلق للاختلاء بالأزواج أو الزوجات، وتجرى هذه الزيارات بوتيرة متدنية جدا بسبب التقييدات الأمنية. ويُحظر على هؤلاء السجناء إجراء مكالمات هاتفية أو الاتصال بأى شخص فى الخارج بأى طريقة، كما أن فرص تقصير محكومياتهم تئول إلى الصفر، إذ ليس ثمة جهات مختصّة مهنية تلتقى بهم.
لكن، بدلا من محاولة الإذلال ودق الأسافين والتفرقة وقهر الجسد والروح للفلسطينيين على نغمات قهقهات الجمهور الإسرائيلى، كان من الأفضل لإردان توجيه تعليماته إلى سلطة السجون بالشروع فى إجراء مفاوضات جدية وحقيقية مع قادة الأسرى وممثليهم، كما جرى فى السابق، والتوصل معهم إلى تفاهمات واتفاقات. فالأسرى، فى نهاية المطاف لا يطالبون بالإفراج عنهم وإطلاق سراحهم، وإنما بتحسين ظروف حبسهم فقط. هكذا يمكن تجنب المعاناة والوفيات غير الضرورية.
هاآرتس
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات