خط مباشر وثخين جدا يربط بين النتائج المحزنة لاختبارات «البرنامج الدولى لتقييم الطلبة PISA» فى جهاز التعليم العربى فى إسرائيل، وبين ثلاث حوادث قتل جرت فى الأيام الأخيرة فى المجتمع العربى: سمارة سمارة (33 عاما)، وعقل دعاس (49 عاما) فى الطيرة، وعادل الخطيب (17 عاما) فى شفاعمرو. وبذلك ارتفع عدد ضحايا الجريمة والعنف فى المجتمع العربى منذ بداية السنة إلى 89.
من الصعب الإشارة إلى خطوط تشابُه بين ضحايا القتل والجريمة التى تضرب المجتمع العربى. جزء منها كان عابرى سبيل أبرياء علقوا عن طريق الخطأ فى ساحة الجريمة، وجزء آخر، أشخاص عاديون تورطوا، من دون قصد، بعالم الجريمة السفلى، وجزء كان من (النساء) اللواتى قُتلن، لأنهن خرقن قواعد اجتماعية ودينية، وجزء لا بأس به من الضحايا كان «جنودا» فى منظمات الجريمة، دفعوا حياتهم ثمنا فى عمليات تصفية حسابات وما يشبه ذلك. مع ذلك، يمكن التقدير ــ بقدر كبير من الثقة ــ أن لديهم قاسما مشتركا واحدا على الأقل: هم، فى معظمهم، أو كلهم، خريجو جهاز التعليم العربى الرسمى فى دولة إسرائيل.
العنف والجريمة وانعدام الأمن الشخصى هى، بين أمور أُخرى، نتيجة مباشرة، ومؤلمة جدا للفشل الهائل فى جهاز التعليم الرسمى فى المجتمع العربى. لا يوجد تعبير ملائم أكثر من فشل هائل لوصف وضع فيه مستوى نحو (31%) من تلامذة جهاز التعليم الرسمى فى إسرائيل أدنى من المستوى المقابل لهم فى جهاز التعليم فى لبنان، والأردن، وإندونيسيا، وكازاخستان. كيف يمكن ألا نُصدم إزاء حقيقة أن أكثر من 50% من التلامذة العرب فى المدارس الثانوية لديهم صعوبة فى فهم ما يقرأونه؟ كيف يمكن أن نبقى لامبالين حيال أن معدل المتفوقين العرب فى اختبارات PISA هو صفر؟
هل من الممكن الفصل بين الإيديولوجيا اليمينية لمعظم وزراء التعليم فى العقدين الأخيرين وبين وضع التعليم فى المجتمع العربى؟ هل من الممكن الفصل بينها وبين حقيقة أن أيا منهم، لا فى المستويات العليا أو الدنيا، لم يتحمل ولن يتحمل المسئولية المباشرة عن نتائج الاختبارات؟ فى دول سوية نتائج كهذه تقود إلى استقالة فورية لغالبية المستوى الرفيع فى وزارة التعليم، وأولا فوق كل شىء استقالة وزير التعليم بالذات. فى إسرائيل مشغولون بأمور أُخرى، أكثر أهمية من التعليم. وإذا كان الأمر يتعلق بالعرب ـ إذن من الأفضل أن يكون الطابور الخامس غبيا قدر الإمكان.
مترجم وكاتب سياسى
هاآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية
نبيل أرملى