انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة يوفر فرصة حقيقية لإعادة فتح النقاش فى مسألة «التعويض» الإسرائيلى على خلفية الاتفاق النووى مع إيران. ويجب على إسرائيل أن تعيد صياغة استراتيجيتها بشأن كل ما يتعلق بضمان سيادتها فى الجولان، وأن تقنع الإدارة الأميركية الجديدة بوجود ارتباط وثيق بين السيادة الإسرائيلية فى الجولان، وكبح مطامع إيران فى الشرق الأوسط. يدرك ترامب جيدا الخطر الذى تشكله إيران على المنطقة، وهو الذى وصف الاتفاق النووى بأنه «كارثة على إسرائيل»، ومن الواضح أنه يدرك جيدا الحاجة إلى تحقيق توازن فى المعادلة التى نشأت بعد الاتفاق.
يطلب نتنياهو اعترافا أمريكيا بالسيادة الإسرائيلية فى الجولان على أن إسرائيل تدرك أنه لا يكفى المطالبة بالحصول على وسائل قتالية متطورة للرد على تزايد قوة طهران. وبالنسبة إليها، فإن التعويض الاستراتيجى المناسب على الاتفاق النووى هو تثبت نهائى للمنطقة الفاصلة الواقعة تحت السيادة الإسرائيلية، وهكذا ينقطع المحور البرى «طهران ــ عين غيف» الواقع على قمة الجبل على مشارف القنيطرة ولا يصل إلى شواطئ بحيرة طبريا. وهكذا فقط يمكن كبح القدرة الهجومية التقليدية لإيران التى تتربص بإسرائيل من الجانب الثانى من الحدود فى الجولان.
إن اعترافا دوليا بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان التى تشكل 1% فقط مما كان حتى الفترة الأخيرة سورية، لا يشكل مصلحة إسرائيلية فحسب، بل هو قبل كل شىء مصلحة لجميع الذين يتطلعون إلى استقرار المنطقة وكبح النفوذ الكبير لإيران فيها. وحتى دول المحور السنى المعتدل لن تقف ضد خطوة معناها جباية ثمن جغرافى من محور الشر الشيعى. وقبل كل شىء، فإن الوقائع على الأرض أقوى بكثير من كل ثوابت الأمس.
لا يوجد أفق فى هضبة الجولان باستثناء الأفق الإسرائيلى، فالفصائل السنية الراديكالية وموطئ قدم لإيران ــ حزب الله ــ الأسد فى منطقة بحيرة طبريا، لن يتيحا استقرار المنطقة ونهوضها. ويتعين على المجتمع الدولى البدء فى التعود على النتائج الجيو ــ استراتيجية لانهيار الشرق الأوسط. إن حدود الشرق الأوسط التى عرفناها فى القرن الماضى تتبدد أمام أعيننا. والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية فى الجولان هو خطوة مطلوبة كجزء من إعادة تكوين المنطقة وترسيم حدودها من جديد، خاصة فى المجال السورى ــ العراقى الذى تغير بصورة لا عودة عنها.
إن القدرة الموجودة لدى إدارة ترامب على إجراء نقاش بناء مع روسيا بشأن الشرق الأوسط، وتبعية الأسد المطلقة لروسيا، يمكن أن يخدما المصلحة الإسرائيلية فى الجولان. ويتعين على إسرائيل العمل على تنسيق مصالحها مع الولايات المتحدة وروسيا فى ما يتعلق بترتيبات «اليوم التالى» للحرب فى سورية، والعمل بكل الوسائل من أجل حضور احتياجاتها فى النقاش بين الدول العظمى فى كل ما يتعلق بمستقبل سورية ونظام الأسد.
إن اعترافا أمريكيا بالسيادة الإسرائيلية فى الجولان، وهو ما طُرح فى اجتماع ترامب ــ نتنياهو، هو فرصة تاريخية لنشوء مرحلة تنسيق مكثف من جديد فى مواجهة المجتمع الدولى بقيادة الإدارة الأمريكية والكونغرس، ليس فقط بشأن ما يتعلق ببدائل السيطرة على المنطقة الواقعة بين مشارف القنيطرة وبحيرة طبريا، بل فى ما يتعلق بالإطار العام لتحقيق استقرار المنطقة. إن إسرائيل موجودة فى النقطة المثلى مكانيا وزمنيا من أجل تحقيق إنجازات تاريخية جوهرها إلغاء «قدسية» حدود 1967، والتشديد على ضرورة تغيير حدود المنطقة وترسيمها من جديد بما يتلاءم مع الواقع الحالى، ونجاحها مرتبط بقدرة زعمائها على الاعتراف بأهمية اللحظة، والخروج من منطقة السياسات المريحة وبيئة عدم اليقين، ومحاولة التأثير فى ما يحدث فى المنطقة من أجل إنشاء معادلة سياسية ــ أمنية جديدة.
هاآرتس
تسفى هاوزر
أمين سر الحكومة سابقًا