صورة انتصار.. هكذا تستطيع إسرائيل إنهاء الجولة القادمة من القتال وفقًا لشروطها - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:33 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صورة انتصار.. هكذا تستطيع إسرائيل إنهاء الجولة القادمة من القتال وفقًا لشروطها

نشر فى : الأربعاء 20 يونيو 2018 - 10:05 م | آخر تحديث : الأربعاء 20 يونيو 2018 - 10:05 م

الجدل بشأن من هم المسئولون عن إلغاء مباراة كرة القدم بين منتخب إسرائيل والمنتخب الأرجنتينى سيستمر فى مرافقتنا، ولكن على الأقل، فى كرة القدم نعرف متى تبدأ اللعبة ومتى تنتهى؛ إنما الأمر يختلف فى حالات الحرب، وخصوصا تلك التى تميز ساحة القتال الحديث حيث نقاتل تنظيمات شبه عسكرية ونواجه بصورة أقل دولا وجيوشا نظامية.

فى مثل هذه الأوضاع من الصعب معرفة متى تبدأ الحرب وكيف. هذا ما حدث فى عملية الجرف الصامد، التى لم يشأ الطرفان الانجرار إليها، لكن بسبب تعاقب أحداث محلية وجدا نفسيهما فى جولة قتال مهمة. وهذا ما حدث فى حرب لبنان الثانية يوليو 2006، التى بدأت بهجوم خطْف على السياج الحدودى، وانتقلت إلى رد إسرائيلى ضد منظومة صواريخ حزب الله ومن هناك تدهورت إلى حرب واسعة.

وحتى من الأصعب معرفة متى تنتهى الحرب وكيف، ومن الإخفاقات الشائعة فى الخطط العملانية المتعددة للحرب الفجوة فى تحديد أوضاع نهاية الحرب وآلياتها. أى كيف نريد إنهاء الحرب العملية ومتى. وهذه المشكلة تزداد تفاقما بسبب طبيعة القتال ضد التنظيمات الإرهابية حيث تعريف النصر فى المعركة غير واضح مثلما هو عليه فى الحروب ضد جيوش نظامية.

فى هذه الحالات لا يتألف النصر من نواح مادية وكمية، مثل عدد المقاتلين أو وسائل القتال التى دمرناها للعدو، بل يشتمل أيضا على نواح «ناعمة» أكثر مثل مسائل السردية، أى الرواية التى سيرويها كل طرف عند نهاية الحرب، وصورة الوضع فى الجبهة الداخلية المدنية، ووضع إسرائيل الدولى وغيره. على سبيل المثال تقرير غولدستون الذى نشر بعد عملية الرصاص المسبوك وألحق ضررا بالإنجازات العسكرية المباشرة للعملية، وحرب لبنان التى بدأت تتضح إنجازاتها فقط بعد مرور عدة سنوات من الهدوء فى الشمال.

إن فحصا سريعا للعمليات الأخيرة المهمة التى تورطت فيها إسرائيل يؤكد خطورة المشكلة ويبرز الفجوة فى آليات إنهاء القتال. فآلية إنهاء حرب لبنان الثانية التى استمرت 34 يوما كانت عبر تدخل المجتمع الدولى، وخصوصا القرار 1701 الذى تبلور فى الأيام الأخيرة. كذلك فى عملية الرصاص المسبوك التى استمرت 22 يوما، كان أسلوب إنهاء القتال عبر قرار أحادى اتخذته إسرائيل بوقف إطلاق النار وسحب قواتها من قطاع غزة، واستمرت عملية الجرف الصامد 50 يوما، وانتهت فقط بتدخل مصر كوسيط بين الطرفين لوقف إطلاق النار.

هذا يعنى أن الطريقة التى اختارتها إسرائيل لوقف القتال كانت خطوات أحادية الجانب قامت بها قواتها أو عبر الاستعانة بجهات إقليمية ودولية. المشكلة أنه بعد أحداث الربيع العربى تضاءل نفوذ الدول العربية السنية المركزية وقوتها كثيرا. فالسعودية التى كان لها نفوذ فى الماضى فى لبنان وسورية، أصبحت تقريبا لا أهمية لها فى عمليات اتخاذ القرارات فى هاتين الدولتين. كذلك تضاءل نفوذ دول أوروبية كانت تتدخل كثيرا فى المنطقة فى الماضى، مثل فرنسا فى لبنان، إلى درجة يكاد أن يكون غير موجود.

بالإضافة إلى ذلك، يضيف ازدياد التدخل الإيرانى فيما يحدث فى الدول المجاورة لنا عنصرا إشكاليا إلى المعادلة ويشكل تحديا أكبر للقدرة على إيجاد آلية لإنهاء الحرب. كذلك فإن الوضع فى غزة لم يكن أفضل كثيرا، فإن أهمية المجتمع الدولى ومصر والسعودية وقطر قد تضررت.

من هذه الزاوية، فإن اعتماد بشار الأسد المطلق على التأييد الروسى، كما تجلى، بين أمور أخرى، فى تحرك الروس لتقليص الوجود الإيرانى فى جنوب سورية، ينطوى على بشرى جيدة. لأول مرة منذ وقت طويل هناك «حكم» يدير اللعبة فى سورية (لا يوجد حتى الآن مثله فى لبنان). لاعب له نفوذ كبير لدى متخذى القرارات فى دمشق وطهران، يستطيع أن يمارس ضغطا وأن يقود إلى إنهاء حادثة حرب إذا وقعت.

أيضا فى قطاع غزة عاد المصريون إلى التدخل فى أحداث السياج الحدودى وفى التصعيد الأخير الذى شمل إطلاق نحو 200 قذيفة وصاروخ، فتحركوا لدى «حماس» وحركة الجهاد الإسلامى وضغطوا عليهما لإنهاء الجولة. يأتى هذا بعد فترة طويلة من وقوفهم موقف المتفرج وامتناعهم من التدخل فيما يحدث فى القطاع.

بالإضافة إلى التحديات التى حدثت نتيجة الأحداث فى الشرق الأوسط، توجد أيضا فرص. صحيح أن تراجع لاعبين مهمين مثل الأوروبيين والسعوديين، وإلى حد كبير تراجع الأمريكيين أيضا عن المنصة الشرق الأوسطية، يثير القلق، لكن صعود لاعبين جدد يخلق احتمالات جديدة. يتعين على إسرائيل استغلال الوجود الروسى فى سورية ورغبة مصر فى العودة إلى التأثير فى قطاع غزة، من أجل توثيق ارتباط هاتين الدولتين بما يحدث فى المنطقة، وبالتالى إيجاد آليات إنهاء محتملة لأحداث تصعيد مقبلة، على أمل بألا تحدث. فى المقابل يجب مواصلة فحص طرق مبتكرة لإيجاد آليات ضغط ذات قيمة يمكنها أن تؤثر فى إنهاء الحرب.

رئيس سابق لوحدة الأبحاث فى شعبة الاستخبارات
معاريف
مؤسسة الدارسات الفلسطينية

التعليقات