‎«درس صينى لمواجهة» إسرائيل الكبرى - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 21 أغسطس 2025 6:21 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

‎«درس صينى لمواجهة» إسرائيل الكبرى

نشر فى : الأربعاء 20 أغسطس 2025 - 8:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 20 أغسطس 2025 - 8:10 م

فى تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية نقل الجنرال الأمريكى ديفيد بتريوس قائد القيادة المركزية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية وقائد القوات الأمريكية فى العراق سابقا عن وزير الخارجية الصينى وانج يى قوله لوفد دبلوماسى رفيع المستوى تابع للاتحاد الأوروبى إن «الصين لا يمكنها قبول هزيمة روسيا فى أوكرانيا لأنها ستخاطر فى هذه الحالة بالسماح للولايات المتحدة بتوجيه كامل قدراتها نحوها».

هذا الدرس الصينى يجب أن يكون جوهر استراتيجية الدول العربية التى هددها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو باقتطاع أجزاء من أراضيها لتحقيق الرؤية الصهيونية لإقامة «إسرائيل الكبرى».
‎فإذا كانت هزيمة روسيا فى أوكرانيا تعنى تفرغ أمريكا الكامل لمواجهة الصين وهو ما تعمل الأخيرة على منعه، فإن السماح لإسرائيل بالقضاء الكامل على المقاومة الفلسطينية، ونزع سلاح المقاومة اللبنانية قبل أن يكون فى مقدور الجيش اللبنانى التصدى لاستباحة إسرائيل لأراضى لبنان يعنى عمليا السماح لنتنياهو وحكومته العنصرية المتطرفة المضى قدما نحو تحقيق هذه الرؤية «الروحية التاريخية» على حساب الشعوب العربية.
‎والواقع يقول إن إسرائيل تتمدد فى أى أرض عربية إذا لم تجد من يتصدى لها. يحدث هذا فى الضفة الغربية المحتلة التى تطارد فيها السلطة الفلسطينية عناصر المقاومة المسلحة بدعوى حرمان دولة الاحتلال من أى مبرر لتدمير الضفة، وكأنها لا تمارس تدميرا ممنهجا وتهجيرا قسريا للفلسطينيين باستخدام القوة العسكرية وقطعان المستوطنين المسلحين.
‎كما التهمت إسرائيل مساحات واسعة من الأراضى السورية منذ انهيار نظام بشار الأسد ووصول نظام حكم يتفنن فى استرضاء تل أبيب وواشنطن، والتهمت مساحات واسعة من الأراضى اللبنانية مستغلة تراجع قدرات المقاومة اللبنانية المسلحة وضعف الجيش اللبنانى.
‎معنى ذلك أن «إسرائيل الكبرى» ليست «أوهاما» كما وصفتها البيانات الصادرة عن العواصم العربية، لكنها خطط حقيقية موجودة لدى صناع القرار فى تل أبيب الذين يتحركون بجدية نحو تحقيقها.
‎فى الوقت نفسه فإن إفشالها، بل وإجبار إسرائيل على العودة إلى حدود ما قبل حرب 5 يونيو 1967 ليس مستحيلا، لكنه يفرض على أنظمة الحكم فى الدول العربية ما هو أكثر من بيانات التنديد والإدانة، والتحرك على الأرض لامتلاك عناصر القوة الحقيقية فى بلادها من خلال السعى لإقامة بنية تحتية تعليمية وعملية تضمن لها امتلاك القوة، كما تفعل دول مثل إيران التى استطاعت لجم غطرسة القوة الإسرائيلية عندما أدرك الإسرائيليون أنها تستطيع قصف إسرائيل كما تقصف هى الأراضى الإيرانية، فاضطرت تل أبيب لوقف حربها ضد طهران بعد 12 يوما فقط دون أن تحقق أيا من أهدافها المعلنة وفى المقدمة منها تفكيك البرنامج النووى الإيرانى الذى أكدت أغلب التقديرات الاستخبارية أنه تضرر من العدون الإسرائيلى لكنه مازال موجودا وقادرا على تحقيق حلم طهران فى امتلاك الرادع النووى.
‎وحتى امتلاك الدول العربية أسباب القوة اللازمة للتصدى للأطماع الإسرائيلية، يجب عليها عرقلة اندفاع هذه الأطماع بعدم السماح لها بالخروج منتصرة من حربها ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، باستخدام كل الوسائل المتاحة لدعم المقاومة المشروعة للشعب الفلسطينى، وفرض حصار دبلوماسى واقتصادى على إسرائيل.
‎وإذا كانت الصين ترفض هزيمة روسيا فى أوكرانيا حتى لا تتفرغ لها أمريكا، فالدول العربية أشد احتياجا لعدم خروج إسرائيل منتصرة من حروبها الحالية حتى لا تتفرغ لتحقيق رؤية «إسرائيل الكبرى» على حسابها.

التعليقات