لم يكن هناك جديد حقيقى فى خطاب نائب رئيس الولايات المتحدة مايكل بنس الذى ألقاه يوم الاثنين الماضى فى الكنيست. لكن على الرغم من ذلك، فقد كان حدثا مهما بالنسبة إلى الدولة اليهودية وإلى مواطنيها. فالكلام الذى قاله نائب الرئيس الحالى للولايات المتحدة ولغة جسده التى رافقت كلامه، يدلان على وجود مؤيد لإسرائيل قلبا وروحا، فى البيت الأبيض، وانطلاقا من إيمان عميق.
فى كل عبارة قالها بنس ظهر واتضح التزامه بأمن دولة اليهود فى الشرق الأوسط وازدهارها. وأنا استخدم مصطلح «دولة اليهود» لأن خطاب نائب الرئيس الأمريكى كان إيديولوجيا ــ دينيا ــ انفعاليا، أكثر منه تصريحا سياسيا. بعد أن استمعت إليه أنا مقتنع، وأعتقد أنه فى إمكاننا أن نكون جميعا مقتنعين، بأنه ما دام مايكل بنس فى البيت الأبيض مع ترامب، أو من دونه، فإننا نضمن دعم واشنطن الذى لا يتزعزع لنا.
ولهذه الحقيقة أهمية بالنسبة إلينا. قبل كل شيء بسبب وجود احتمال ألاّ يُكمل ترامب ولايته كرئيس لسبب أو لآخر. إن احتمال حدوث ذلك ليس كبيرا، لكن يجب أن نأخذه فى الاعتبار.
السبب الثانى هو أن له تأثيرا فى الرئيس ترامب، ولديه قاعدة انتخابية كبيرة ملتزمة وسط المسيحيين الإنجيليين فى الولايات المتحدة. مايكل بنس ليس مجرد سياسى يحظى بالتأييد، بل هو أحد قادة هذا الجمهور، ويملك قوة سياسية ونفوذا داخل البيت الأبيض، ليس فقط خلال فترة ولاية رئيس محافظ مثل ترامب، بل أيضا خلال فترة ولاية أوباما وحكم الحزب الديمقراطى.
بناء على ذلك، من المعقول الافتراض أن زيارة بنس الحالية إلى الشرق الأوسط تهدف إلى حصوله على نقاط إضافية وسط ناخبيه، كما تهدف إلى إبراز كفاءته فى معالجة الشئون الخارجية للولايات المتحدة.
ليس صعبا أن نرى أن زيارة نائب الرئيس الأمريكى للمنطقة، وخصوصا لإسرائيل، تخدم جيدا الطرفين. بنس يحصل على تقوية مكانته بين ناخبيه، وتقوية وضعه كسياسى يهتم بالمسائل الخارجية. وإسرائيل تستفيد من إظهار التأييد للشعب اليهودى وللفكرة الصهيونية من جانب الدولة العظمى المهمة فى العالم.
من المعقول الافتراض أنه ستكون لإعلان التأييد نتائج مهمة على صعيد الأمن القومى، وعلى صعيد التأييد السياسى الذى ستحصل عليه دولة إسرائيل. هناك موضوعان سياسيان ــ أمنيان يحتلان مركزا أساسيا فى زيارة نائب الرئيس إلى الشرق الأوسط: الأول حل النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطينى، والثانى الخطر الذى تشكله إيران على السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط.
فى مسألة النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطينى، قام بنس بأمر واحد فى خطابه فى الكنيست، كما فى محادثاته مع الرئيس المصرى السيسى، ومع العاهل الأردنى الملك عبدالله، إذ أبقى الباب مفتوحا أمام المفاوضات. قد يبدو هذا الأمر مفروغا منه، لكن فى ضوء المقاطعة الفلسطينية، وخطاب أبومازن بشأن إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وفى ضوء احتجاج ملك الأردن، يمثل تصريح بنس فى الكنيست دليلا على أن الولايات المتحدة لا تزال تنوى مواصلة البحث عن عملية تسوية خلاّقة للنزاع الإسرائيلي ــ الفلسطينى.
فيما يتعلق بإيران، رسم بنس لأول مرة سياسة شاملة لكبح طموح إيران لتحقيق هيمنة دينية واستراتيجية فى الشرق الأوسط، وكبح طموح آيات الله للقضاء على دولة إسرائيل. لقد شرح جميع مكونات السياسة والاستراتيجية الأمريكية من أجل كبح إيران، وبدأ بتحسين الاتفاق النووى، وانتهى بدعوة الشعب الإيرانى إلى الثورة على النظام الدينى القمعى.
يتعين علينا عدم الذهاب بعيدا فى الحماسة، إن الإدارة الأمريكية الحالية لا تمتاز بالتمسك بوعودها ولا بسياسة واضحة، وخصوصا فى الساحة الدولية. لكننا نعرف اليوم، تقريبا، ما هى السياسة التى تنتهجها واشنطن حاليا إزاء إيران، ونستطيع أن نكون أكيدين أنه بحسب بنس، أن هذه هى السياسة والاستراتيجية هما اللتان سينتهجهما الأمريكيون فى المستقبل أيضا.
رون بن يشاى
محلل عسكرى
يديعوت أحرونوت
من مؤسسة الدراسات الفلسطينية