ضرورة مناقشة التفاوت فى الدخول مجددًا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:46 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضرورة مناقشة التفاوت فى الدخول مجددًا

نشر فى : الخميس 27 فبراير 2014 - 2:20 م | آخر تحديث : الخميس 27 فبراير 2014 - 2:20 م

كتب توماس فرانك مقالا على موقع صالون الإخبارى، يتحدث فيه عن سرعة تراجع الرئيس أوباما عن فكرة أن التفاوت الصارخ فى الدخول، هو «التحدى الواضح فى عصرنا، تحت ضغط استطلاعات الرأى وشخصيات بارزة من الحزب الديمقراطى». وذلك بسبب تخوفهم من الرجوع إلى شكل من أشكال الليبرالية التى لم يعد يفهمها أحد منهم. فطريقة المصرفيين التى أدت إلى كارثة 2008 ومن ثم الطريقة التى حصدوا بها ثمار التعافى الشاق ــ هى مشاهد أجبرت الأمة على إعادة اكتشاف الطبقة الاجتماعية، وكلما تعمقنا فى هذا الموضوع، سنشعر بالفزع عندما نعرف ما كان يحدث على مدى العقود الثلاثة الماضية.

•••

وأشار الكاتب إلى تعبير «عدم المساواة» الذى يعتبر غير كاف لوصف التصادم الكبير وتحطيم النظام الاجتماعى، والحاجة إلى مصطلح يصف جميع الأمور التى جعلت حياة الأغنياء باذخة وحياة العمال بائسة وغير مستقرة. وكان ذلك واضحا فى تزايد تكلفة الرعاية الصحية، والتعليم الجامعى، وفى تراجع التصنيع فى الغرب الأوسط وتضخم وول ستريت، وفى قوة جماعات الضغط، وفى فقاعة الدوت كوم، والإسكان، والسلع. وقد حدث ذلك بسبب الأحداث السياسية البارزة فى عصرنا: انهيار ائتلاف الصفقة الجديدة، وتراجع العمالة، والنزعة الشعوبية الجهنمية لليمين الجديد، وانهيار مكافحة الاحتكار وانتصار الدعوة لتخفيف القيود، وصعود رونالد ريجان، وبعده نيوت جينجريتش، ثم جورج دبليو بوش، وبعده حزب الشاى، وجميعهم من أنصار تخفيض الضرائب.

•••

ثم أضاف فرانك مصححا لصيغة أوباما. تعتبر كلمة «التفاوت فى الدخول» تعبيرا مهذبا، عندما تقولها لوصف خراب مدينتك، أو خوفك المستمر من أن تشملك الجولة المقبلة من عمليات التسريح من العمل. وهى كناية مخففة عن تحلل الطبقة الوسطى فى عالمنا. فما يميز عصرنا حقا هو زيادة التفاوت وفى نفس الوقت، عدم قدرة معظم التقدميين على الحديث عن ذلك بطريقة يمكن أن تشجع أى شخص على التحرك. ولنبدأ مع الكلمة نفسها: فكلمة «التفاوت» محيرة مثلها مثل تعبير «الليبرالية الجديدة»، المفضل لدى كثير من اليساريين لوصف هذه التطورات نفسها. وهى تختلط بسهولة مع قضايا أخرى تبدو مماثلة مثل التكافؤ بين الزوجين، والمساواة بين الجنسين والمساواة فى فرص الحصول على السكن. وكان أسلافنا يطلقون على ما نسميه «التفاوت» تعبير «المسألة الاجتماعية»، وكان يعنى الصراع بين الأغنياء والفقراء. وما يتفق عليه الجميع تقريبا عند تعريف عدم المساواة هو أنه مشكلة معقدة عالية التقنية، ذات العديد من الأسباب والتعبيرات المحيرة. وكما كتب كورنيش أودى فى يناير: «إذا سألت ستة من الاقتصاديين، فمن المحتمل أن تحصل على ست إجابات مختلفة».

•••

كما يرى الكاتب أن المسألة معقدة فى تفاصيلها، لكنها أيضا ــ فى الأساس ــ بسيطة للغاية: حيث يقع التفاوت لأن لدى القيادة نية حدوثه! وفى كتاب «سياسة الأغنياء والفقراء» الذى جاء ضمن أكثر الكتب مبيعا فى 1990، يطرح كيفن فيليبس الحقيقة الواضحة حول هذا الموضوع، قائلا: «مثلت الثمانينيات من القرن الماضى انتصار الطبقة العليا فى أمريكا». ولكن، بينما صار المال والجشع والترف من مفردات الثقافة الشعبية، لا يكاد يكون هناك من يتساءل عن السبب وراء تركيز مثل هذه الثروة الهائلة فى أيدى الطبقة العليا، وما إذا كان ذلك نتيجة لسياسة الدولة. وعلى الرغم من جيوش النائمين بلا مأوى على القضبان، ليس لدى القادة السياسيين، حتى من يعلنون اهتمامهم بالمشردين، ما يقولون عن الدور التاريخى للحزب الجمهورى، الذى لا يشجع الرأسمالية الأمريكية فحسب، لكنه يدفع بالسلطة، والسياسة، والثروة والدخل للانحياز إلى الجزء الأغنى من السكان. وبعبارة أخرى، يتزايد ثراء الأغنياء، لأن سياسات اليمين مصممة لجعلهم أثرياء. ولم تقتصر هذه السياسات على الجمهوريين؛ فقد تبنى كل من جيمى كارتر وبيل كلينتون، وباراك أوباما، وخبراء الاقتصاد فى إداراتهم وأعضاء حكوماتهم، المبادئ الأساسية لعقيدة السوق الحرة.

ولذلك، يتضح أن عدم المساواة، مسألة معقدة، حيث لم يتوقع أحد الأزمة المالية لعام 2008. علاوة على ذلك، يجب أن ينظر إليها باعتبارها مشكلة فنية، تحتاج خبراء لحلها، مثل عجز الموازنة أو الإنفاق المستحق. كما أشار إلى أن «التفاوت فى الدخل» مشكلة فنية ثانوية، يجب أن يترك حلها للخبراء. وهذا هو جوهر النزعة الشعبوية الأمريكية؛ وهو ما أدى إلى تجمع حركات المواطنين العاديين خلال التاريخ.

•••

واختتم فرانك مقاله مؤكدا أن «عدم المساواة» تمثل أهم القضايا الأساسية، وهى سبب وجود الليبرالية. فهى تتعلق بتحديد من نحن وكيف نعيش. وتتضاءل أمامها كل القضايا الليبرالية الأخرى تقريبا. وهذه هى الحرب العالمية الثانية فى القضايا السياسية، وإذا أردنا الفوز يجب أن تكون حرب الشعب وليس الأقلية. ومن الضرورة أن تنتقل الأمور الآن إلى أيدى غير خبراء الاقتصاد. فإذا كنا سنقوم بمعالجة قضية تدمير الطبقة الوسطى وحلها، يجب أن تأتى قوة الدفع من أسفل وليس من أعلى. وهى مهمة يتعين علينا أداؤها بأنفسنا».

التعليقات