المكتبة الإسلامية (1).. صحيح البخاري: أوثق كتب الحديث النبوي - بوابة الشروق
السبت 1 مارس 2025 6:05 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

المكتبة الإسلامية (1).. صحيح البخاري: أوثق كتب الحديث النبوي

محمد حسين
نشر في: السبت 1 مارس 2025 - 3:01 م | آخر تحديث: السبت 1 مارس 2025 - 3:02 م

اكتمل الوحي الإلهي بقول الله تعالى في سورة المائدة: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، في يوم عرفة من حجة الوداع، ليكون الإسلام دينًا مكتمل الأركان، مستندًا إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، حمل العلماء على عاتقهم مسئولية فهم الدين واستنباط الأحكام، فكان الاجتهاد بابًا واسعًا أثرى الأمة بعلوم شتى، وعلى مدار أكثر من 1000 عام، ظهر تراث إسلامي زاخر بالكتب في التفسير والحديث والسيرة، والفقه، وغيرها من العلوم.

في هذه السلسلة، نطوف معًا بين رفوف "المكتبة الإسلامية"، نستكشف في كل حلقة كتابًا أثرى الفكر الإسلامي، ونتأمل في معانيه وأثره في مسيرة العلم والدين.

الحلقة الأولى..

في تاريخ الإسلام، هناك كتب لم تكن مجرد مؤلفات، بل أصبحت مراجع خالدة، محط ثقة العلماء وعامة المسلمين على مر العصور.

ويعد كتاب "الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه"، الشهير باسم "صحيح البخاري" واحدا من أكثر مصادر الحديث النبوي صحةً وتوثيقًا.

- سيرة مباركة للإمام البخاري

هو أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، وُلِد في 13 شوال 194هـ / 21 يوليو 810 م في مدينة بخاري، إحدى مدن خراسان الكبرى "تقع اليوم في أوزبكستان"، نشأ في بيت علم وصلاح، إذ كان والده من أهل الحديث، لكنه توفي والبخاري صغير، فتولت والدته تربيته، وكانت امرأة صالحة ورعة.

فقد الإمام بصره في طفولته، لكن والدته دعت له حتى ردّ الله إليه بصره، فكانت هذه الحادثة بداية مسيرته المباركة، حسبما ورد بكتاب "هدي الساري" لـ ابن حجر العسقلاني.

ويقول الذهبي في سيرة "أعلام النبلاء"، أن الإمام البخاري بدأ حفظ الحديث منذ صغره، فحفظ عشرات الآلاف من الأحاديث وهو لا يزال فتى، ثم انطلق في رحلات علمية شملت أرجاء العالم الإسلامي، فزار خراسان، العراق، الحجاز، الشام، ومصر، والتقى بكبار المحدثين، مثل الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، الذين أشادوا بذكائه ودقة حفظه، وكان يستطيع تمييز الصحيح من الضعيف بذاكرة خارقة.

-تجربته في تأليف الجامع الصحيح

لم يكن جمع الأحاديث في "الجامع الصحيح" عملية عشوائية، بل كان مشروعًا علميًا دقيقًا استمر 16 عامًا، حيث طاف البخاري أنحاء العالم الإسلامي لجمع الأحاديث بأعلى درجات الصحة، وضع شروطًا صارمة لقبول الحديث، منها:

1- اتصال السند: يجب أن يكون جميع الرواة قد التقوا فعليًا ونقلوا الحديث مباشرة عن بعضهم.

2- عدالة الرواة: لا يروي إلا عن رجال موثوقين في دينهم وأخلاقهم.

3- تمام الضبط: لا يقبل الرواية عن من يُعرف بالنسيان أو سوء الحفظ.

4- عدم الشذوذ أو العلة: يتأكد من أن الحديث لم يُخالف روايات أكثر دقة ولم يُعرف عنه خطأ خفي.


بلغ مجموع الأحاديث التي جمعها 7275 حديثًا، ولكن بعد حذف المكرر، تبقى منها حوالي 2602 حديث.
وكان لا يكتب حديثًا في كتابه إلا بعد أن يصلي ركعتين استخارة لله، مما يعكس ورعه وتقواه.

وطُبع "صحيح البخاري" عدة مرات في مصر وغيرها، وفي عصرنا الحاضر سنة 1313 هـ أمر أمير المؤمنين السلطان عبدالحميد بطبع 5000 نسخة منه بمطبعة بولاق الأميرية، وأمر أن تراجعه وتصححه طائفة من علماء الأزهر، وأن توزَّع النسخ المطبوعة على العلماء ومواضع العلم، وقد منحت نظارة معارفنا منه 500 نسخة فوزعتها على أهليها.

واعتنى الأئمة ﺑ "صحيح البخاري"، فمنهم من شرحه ومنهم من اختصره.

فمن الشارحين له: الحافظ ابن حجر المولود سنة 773 هـ، وسمى شرحه: "فتح الباري" وهو 11 جزءًا، والقسطلاني المولود بمصر سنة 851 هـ، وسمى شرحه "إرشاد الساري" وهو 10 أجزاء، وكلا الشرحين مطبوع بمطبعة بولاق الأميرية.

ومن المختصرين له: الإمام الحسين الزبيدي، فرغ من مختصره المسمى "بالتجريد" سنة 889 هـ، وفقا لكتاب "تاريخ آداب اللغة العربية" لـ محمد دياب.

ونلتقي غدا مع كتاب جديد من المكتبة الإسلامية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك