مددت محكمة الصلح في إسرائيل، اعتقال اثنين من مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لثلاثة أيام، لاستمرار التحقيقات من قبل الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام الداخلي (الشاباك) في القضية التي أطلق عليها الإعلام اسم "قطر جيت".
تفاصيل القصة
وبدأت التحقيقيات قبل أكثر من شهرين، لكن التحول اللافت في هذه القضية هو إصدار مذكرة اعتقال بحق هذين المستشارين، وهو ما يعتبر تطورا مهما يدل على وجود مواد كثيرة قد تثبت تورطتهما.
والرجلان المشتبه بأنهما مرتبطان بالقضية، هما يوناتان أوريخ، وإيلي فيلدشتاين، وكلاهما مساعدان لنتنياهو الذي أدلى بشهادته في القضية ذاتها.
وبحسب هيئة البث العامة الإسرائيلية، فإن نتنياهو ليس مشتبها به في القضية.
ويطال تحقيق "قطر جيت" أعضاء في الحكومة يشتبه بأنهم تلقوا أموالا من قطر للمساهمة في الترويج لها، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
ورفض نتنياهو، الذي يُحاكم بتهم فساد أخرى، الاتهامات المتعلقة بمساعديه وقطر، ووصفها بأنها "أخبار كاذبة" وحملة ذات دوافع سياسية ضده.
قطر تصف الاتهامات بأنها حملة تشهير
فيما نفى مسؤول قطري، الاتهامات، ووصفها بأنها جزء من "حملة تشهير" ضد بلاده، حسب ما أوردت وكالة رويترز.
وكان نتنياهو قد غادر فجأة محاكمة يخضع لها بتهمة فساد، يوم الاثنين، للإدلاء بشهادته في تحقيق منفصل بشأن علاقات محتملة بين مساعدين له وبين قطر، وفق ما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية.
وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان، الاثنين: "بعد تحقيق أجرته الوحدة الوطنية للتحقيقات الدولية، أُلقي القبض على اثنين من المشتبه بهم اليوم للاستجواب"، مشيرة إلى أن القضية لا تزال تحت أمر حظر النشر الذي فرضته المحكمة.
وأشارت تحقيقات أجرتها كل من هيئة البث العامة الإسرائيلية وصحيفة "هآرتس" اليسارية في الآونة الأخيرة، إلى وجود اشتباه في أن المساعدين نظما أو شاركا في حملة لتحسين صورة قطر في الخارج، وينفي المساعدان ارتكاب أي مخالفات.
الاتهامات تشمل غسيل الأموال والاتصال بعميل أجنبي
وتتضمن الاتهامات الموجهة ضد أوريخ وفيلدشتاين الرشوة، والاتصال بعميل أجنبي، وخيانة الأمانة، وغسيل الأموال، وجرائم ضريبية، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وتجرم المادة 114 من قانون العقوبات في إسرائيل "الاتصال مع عميل أجنبي"، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى لو لم يحدث ذلك ضررا فعليا للأمن القومي، ويكفي أن يُثبت بأن المشتبه به كان يعلم أو يُفترض به أن يعلم، أن الطرف الآخر يعمل لصالح جهة أجنبية معادية أو ذات مصالح سياسية وأمنية تتعارض مع مصالح إسرائيل.
وتصل العقوبة إلى الحبس لـ 15 عاما، وقد تمتد إلى السجن المؤبد، خصوصا إذا ارتبط الاتصال بنية التجسس أو تسريب معلومات حساسة.
وقانون مكافحة غسل الأموال في إسرائيل (2000) يفرض قيودا صارمة على حركة الأموال غير المشروعة. ويُعتبر تلقي أموال من جهة أجنبية، خصوصا إن لم يتم الإبلاغ عنها للسلطات المختصة، خرقا خطيرا يستوجب الملاحقة الجنائية.
وفي حال ثبت أن الأموال المُحولة كانت بهدف التأثير على صناع القرار في الحكومة، فإن القضية تأخذ بعدا سياسيا وأمنيا إضافيا.
والأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة فيلدشتاين أوريخ للاستجواب، في أعقاب نشر تسجيلات صوتية يقر فيها رجل الأعمال الإسرائيلي، جيل بيرجر، بتحويل أموال من إحدى جماعات الضغط القطرية إلى فيلدشتاين، وفق صحيفة هآرتس.
وتشتبه الشرطة في أن فيلدشتاين تلقى أموالا من رجل الأعمال الأمريكي، جاي فوتليك، وهو عضو مسجل في جماعات ضغط قطرية، مقابل نشر رسائل إيجابية عن قطر، حينما كان يعمل في الدائرة الإعلامية المقربة من نتنياهو، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
وأقر محامو فيلدشتاين، بحسب هآرتس، بأن موكلهم تلقى أموالا من بيرجر، لكنهم قالوا إن المدفوعات كانت "لخدمات استراتيجية واتصالات قدمها فيلدشتاين إلى مكتب رئيس الوزراء، وليس لقطر".
والمواد من 284 إلى 290 من قانون العقوبات تعالج قضايا الفساد السياسي والإداري. وتلقي رشوة من جهة خارجية مقابل تقديم خدمات سياسية أو حكومية يُعتبر جريمة شديدة الخطورة، تتراوح عقوبتها بين 5 إلى 10 سنوات سجن.
كما تُعد خيانة الأمانة، التي تتضمن استغلال المنصب لتحقيق منافع شخصية، جريمة يُعاقب عليها بالسجن حتى 3 سنوات.
وفي هذه القضية، يُشتبه في أن فلدشتاين تلقى أموالا من لوبي قطري مقابل تقديم خدمات مرتبطة بمكتب رئيس الوزراء. كما أن تحويل هذه الأموال قد يشير إلى وجود شبهة تبييض أموال.
وفي نوفمبر الماضي، ذكرت هآرتس أن أوريخ، وسروليك أينهورن، العضو السابق في فريق نتنياهو الإعلامي، أدارا حملة علاقات عامة لتحسين صورة قطر قبل استضافتها كأس العالم 2022. ويُزعم أن شركتهما، بيرسبشن، تعاونت مع شركة إسرائيلية أخرى لتصوير قطر، كقوة من أجل السلام والاستقرار. ونفى كل من أوريخ وبيرسبشن هذه الاتهامات، بحسب التقارير.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية باستدعاء صحفي يعمل في إحدى الصحف البارزة، للاستجواب.
نتنياهو يدلي بشهادته
وأشار نتنياهو، الاثنين، إلى أنه أدلى بشهادته في هذه القضية، واصفا التحقيقات بأنها ذات دوافع سياسية ومستنكرا توقيف اثنين من مساعديه.
وفي بيان عبر الفيديو، قال نتنياهو: "بمجرّد أن طُلب مني الإدلاء بشهادتي، قلت إنني متوافر وأريد الإدلاء بشهادتي فورا".
وأضاف: "فهمت أن التحقيق سياسي، لكنّني لم أُدرك إلى أي حد، وهم يحتجزون يوناتان أوريخ وإيلي فيلدشتاين رهينتين، لا توجد أي قضية، لا يوجد شيء على الإطلاق، فقط حملة مطاردة سياسية، لا شيء آخر".