- المؤتمر يوصي بدعم حقوق ذوي الإعاقة وتعزيز مشاركتهم في التعليم والمجتمع
شهد قصر ثقافة الشاطبي، فعاليات مؤتمر اليوم الواحد تحت عنوان "التمكين الثقافي بين إشكاليات المجتمع وذوي الإعاقة"، والذي أقيم برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية، ضمن برامج وزارة الثقافة، ونظمته هيئة قصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان.
وعقد المؤتمر، برئاسة د. محمد عبدالحميد خليفة أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية، جامعة دمنهور، تحت إشراف الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة، ونفذته الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر د. مسعود شومان.
وشهد المؤتمر، حضور د. منال يمني مدير عام فرع ثقافة الإسكندرية، د. ندا ثابت عضو مجلس النواب ورئيس مجلس إدارة جمعية قرية الأمل، ود. بشرى إسماعيل رئيس مجلس إدارة جمعية "استمروا في العطاء"، والأديبة منى عمر عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، وممدوح رشاد نائب رئيس حقوق الإنسان بمحافظة الإسكندرية، والفنان محمد شحاتة مدير قصر ثقافة الشاطبي، والإذاعية نجوى رياض، وعبير الحبشي مدير دار الصفا لرعاية ذوي الهمم، وسماح محمد وتامر صالح من قسم التمكين الثقافي بالفرع، ولفيف المثقفين والباحثين، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني.
وفي كلمته، أعرب رئيس المؤتمر، عن بالغ سعادته بتقديم تلك الفعالية التي نظمها فرع ثقافة الإسكندرية، بالتعاون مع نخبة من الأكاديميين والباحثين؛ بهدف إيقاظ الوعي المجتمعي بقضية الدمج، باعتبارها مسارا مستداما لاحتواء فئة ذوي الإعاقة ودمجها الكامل في نسيج المجتمع.
وأضاف أن هذا المؤتمر يسلط الضوء على الأبعاد النفسية والفنية والثقافية المرتبطة بهذه الفئة التي تستحق مزيدا من الاهتمام والاحتفاء بقضاياها، من خلال عدد من المتخصصين.
وأشار في ختام حديثه، إلى ضرورة العمل الجماعي والتنسيق بين جميع الجهات؛ لحشد الطاقات وتوحيد الجهود من أجل إنجاح قضية الدمج، واستثمار العقول وتحفيزها، ضمن إطار بناء الجمهورية الجديدة والإسهام في تحقيق التنمية الشاملة، موجها الشكر لكل من ساهم في إخراج المؤتمر بصورة مشرفة، والباحثين الذين شاركوا ببحوث علمية رصينة، تمثل لبنات أساسية في بناء الإنسان والنهوض بالوطن.
ومن ناحيته، عبر نائب رئيس حقوق الإنسان، عن سعادته البالغة بالمشاركة في هذا المؤتمر، مؤكدا أهمية التعاون القائم مع فرع ثقافة الإسكندرية.
وأشار إلى ضرورة تكاتف جميع الوزارات لدعم دمج ذوي الهمم والتعريف بحقوقهم، والعمل على حل مشكلات الأطفال ذوي الإعاقة بما يضمن توفير حياة كريمة ومستقبل أفضل لهم.
وبدورها، قدمت الأديبة منى عمر، تحيتها وتقديرها للهيئة العامة لقصور الثقافة، مشيدة بالنشاط الثقافي الملحوظ والحراك الواعي الذي يشهده فرع ثقافة الإسكندرية.
وأثنت على فكرة المؤتمر، الذي يدعم ذوي الهمم ويبرز قضاياهم، موجهة التحية إلى جميع القائمين على تنظيمه، مؤكدة أهمية تنمية المهارات الإبداعية لدى ذوي الهمم، وتسليط الضوء على النماذج المضيئة منهم، من خلال قصور الثقافة التي تسهم بدورها في صقل تلك المواهب ودعمها.
وعّبرت د. ندا ثابت، عن سعادتها باهتمام هيئة قصور الثقافة بمناقشة قضايا ذوي الإعاقة، معتبرة ذلك المؤتمر خطوة بالغة الأهمية نحو تمكينهم.
وثمنت دور الدولة في هذا الإطار، من خلال إصدار قانون رقم 10 لسنة 2018، الذي يضمن العديد من الحقوق لذوي الهمم، وإضافة مادة "التنمر" إلى التشريعات بجهود مجلس النواب، بما يعزز من احترام هذه الفئة والتعامل معها بمحبة وتقدير.
وفي كلمتها، نقلت مدير عام ثقافة الإسكندرية، خالص التحية والتقدير لقيادات الهيئة العامة لقصور الثقافة، ولإقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، على دعمهم الكامل لفعاليات هذا المؤتمر، الذي جاء هذا العام ليؤكد أهمية ترسيخ مفهوم الثقافة الشاملة، بوصفها إطارا إنسانيا يعزز مشاركة جميع أفراد المجتمع دون إقصاء أو تمييز.
وأكدت أن الثقافة لم تعد مجرد وسيلة للترفيه أو نقل المعرفة، بل أصبحت أداة استراتيجية فاعلة لترسيخ قيم التفاهم والتسامح، وبناء وعي جمعي يحترم التنوع وذلك بما تمتلكه من أدوات وقدرة على التأثير، في بناء بيئة دامجة، بما يحقق تفاعلا متكافئا بين أفراد المجتمع، ويسهم في صناعة مستقبل أكثر عدلا وتقدما.
وأعقب ذلك فقرة إنشاد ديني وإلقاء شعر، بمشاركة الطفل الموهوب أحمد بخيت عضو فرقة الأنفوشي للإنشاد الديني.
واختتمت الجلسة الافتتاحية بعرض فيلم وثائقي عن أبرز الأعمال الفنية لعدد من الفنانين التشكيليين من ذوي الهمم، وهم: د. رضا فضل، وكريم النجار "سفير التحدي"، ومنة الله مدحت سعد، وعبدالرحمن محمد شوقي.
وتواصلت فعاليات المؤتمر، مع الجلسات البحثية، وأدار الجلسة الأولى د. حنان حامد محمد خبير التدريس للأشخاص ذوي الإعاقة بوزارة التربية والتعليم، وتضمنت مناقشة بحثين، الأول بعنوان:
"دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع الثقافي وتأسيس الوعي المجتمعي" قدمه د. عادل السعيد البنا، أستاذ ورئيس قسم علم النفس التربوي، بكلية التربية جامعة دمنهور.
وناقش خلاله تفصيليا مفهوم الدمج الثقافي والتربوي لذوي الهمم في المجتمع، موضحا أهميته للأطفال، والشروط الواجب مراعاتها عند التخطيط للدمج وأهمها تأهيل ذوي الهمم نفسيا وتربويا، وخاصة أصحاب الإعاقات الحركية.
وجاء البحث الثاني بعنوان "صورة المعاق في الرواية العربية" ناقش خلاله د. محمد عبدالحميد خليفة، المشكلات التي تواجه ذوي الهمم في المجتمع ومنها تأخر الزواج، عدم القدرة في التعبير عن الذات، وعدم الثقة بالنفس أمام الآخرين.
وأوضح ذلك من خلال تسليط الضوء على عدد من الروايات التي ناقشت مثل هذه المشكلات من أبرزها: رواية "قاب قوسين من الياسمين" للكاتب محمد ناجي، و"حبيبتي بكماء" للأديبة السكندرية أمل رفعت، و"أسرار قوقعة" الكاتبة شهيرة الحسن، و"الحب المفقود والمغتربة" للأديب عمر سليمان، وغيرها من الروايات التي قدمت نماذجا إيجابية واستطاع من خلالها الكتّاب أن يوظفوا الرواية لتكون لونا أدبيا من ألوان القوى الناعمة التي تسهم بدورها في تغيير النظرة السلبية عن ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع.
وترأس الجلسة البحثية الثانية د. أحمد عبدالمقصود مسئول البحث العلمي والدراسات العليا بمركز طه حسين، جامعة الإسكندرية، وشملت أيضا مناقشة بحثين، الأول بعنوان "قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في الأدب والفن" تحدث خلاله د. رضا فضل مدرس بقسم التربية الفنية بجامعة الأزهر، عن دور الفن التشكيلي في حياة المعاقين من خلال تدريب الأصابع وإكسابهم المهارات الحركية، للشعور بالسعادة وإنجاز الأعمال.
وأوضح أثر الإعاقة الحركية على القدرة التعبيرية لذوي الهمم، واختتم حديثه مطالبا بإعادة تفعيل صالون الفن بالإسكندرية، الذي كانت تنظمه وزارة الثقافة ممثلة في قطاع الفنون التشكيلية، لتسليط الضوء على المواهب الفنية.
واستجابت نائبة البرلمان منى عمر، لذلك المطلب خلال فعاليات المؤتمر، بالتواصل مع د. وليد قانوش رئيس القطاع حاليا، والذي وعد بدوره بإعادة تنظيم فعاليات الصالون مرة أخرى.
أما البحث الثاني، جاء بعنوان "أعلام الثقافة والتنوير عبر التاريخ من الأشخاص ذوي الإعاقة"، أوضح خلاله د. محمد دسوقي الورداني خبير طرق تعلم وتدريب ذوي الإعاقة البصرية، مفهوم الإعاقة، موضحا الأنواع، والأسباب.
واستعرض نماذج من الأعلام العرب الذين تحدوا الإعاقة واستطاعوا أن يحولوها إلى قصص نجاح ناتجة عن إرادة وعزم ومنهم: الصحابي عبدالله بن أم مكتوم، وأبان بن عثمان بن عفان، والكاتب مصطفى صادق الرافعي، والموسيقار عمار الشريعي، الأديب العالمي طه حسين، والملحن سيد مكاوي، وغيرهم.
وتضمنت الفعاليات، شهادات إبداعية شارك بها كل من الأديب عمر سليمان، وحسين عاشور معلم خبير بمنطقة غرب التعليمية، ناقشا خلالها عددا من مشكلات ذوي الإعاقة، ودور الدولة في دعم تلك الفئة، وخاصة المؤسسات الثقافية من خلال تقديم الفعاليات الثقافية والفنية والأدبية بشتى صورها.
وأعقب ذلك عرض فني لفرقة الإسكندرية لفنون متحدي الإعاقة تدريب كابتن مصطفى جابر، تضمن باقة من الفقرات الاستعراضية منها أرض الشرق، التنورة، والنور مكانه في القلوب، وسط تفاعل كبير من الحضور.
وشملت فعالياته بالجلسة الختامية، تكريم رئيس المؤتمر، والباحثين ومديري الجلسات، وعدد من أسماء الراحلين من أعضاء هيئة التدريس الذين أسهموا بدورهم في مجال خدمة ذوي الاعاقة وهم د. محمد فتحي عبدالله أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة طنطا، ود. أحمد إبراهيم خليل أستاذ الأدب والنقد بالأزهر الشريف، ود. علاء عبدالمتعال أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان.
وخلص المؤتمر إلى عدة توصيات وهي:
- إقامة المؤتمر بشكل دوري لمناقشة مستجدات قضايا ذوي الإعاقة.
- ألا تقل نسبة مشاركة الباحثين من ذوي الهمم في فعاليات المؤتمرات القادمة عن 50%.
- طباعة الأبحاث العلمية المقدمة ونشرها للاستفادة منها.
- دعم الدمج الكامل في التعليم العالي، وخاصة بالكليات العملية.
- إعداد برامج تدريبية وتأهيلية لمعلمي التعليم العام للتعامل مع الأطفال ذوي الهمم.
- تهيئة المدارس الدامجة بالمباني والوسائل التعليمية اللازمة.
- إعداد أخصائيين نفسيين واجتماعيين مؤهلين في المدارس الدامجة.
- تطوير أساليب التقويم بما يتناسب مع قدرات الأطفال ذوي الإعاقة.
- عقد ندوات تثقيفية للتوعية بأهمية الدمج الثقافي والتربوي.