بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى العدالة الدولية إلى المجر، أعلنت الأخيرة أنها ستبدأ إجراءات الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية لتكون أول دولة في الاتحاد الأوروبي تقدم على تلك الخطوة.

ووصل نتنياهو إلى العاصمة المجرية بودابست، اليوم الخميس، حيث استعرض مع نظيره المجري حرس الشرف العسكري، رغم صدور مذكرة اعتقال دولية بحقه بسبب ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وقدمت حكومة رئيس الوزراء اليميني أوربان، الدعوة لنتنياهو في نوفمبر الماضي، بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، مذكرة اعتقال ضده ووزير دفاعه آنذاك يوآف جالانت.

ووصف أوربان، الحليف المقرب من نتنياهو، مذكرة الاعتقال بأنها "وقحة بشكل فاضح"، على حد زعمه.

** عضوية المجر في المحكمة

ووقعت المجر في عام 1999 على نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة، وصادقت عليه بعد ذلك بعامين، خلال الولاية الأولى لأوربان.

لكنها لم تصادق على الاتفاقية المرتبطة به لأسباب دستورية، وتدّعي أنها غير ملزمة بالامتثال لقرارات المحكمة الجنائية الدولية، بحسب صحيفة "بروكسل تايمز" البلجيكية.

ويتعين على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، مثل المجر، احتجاز المطلوبين بموجب مذكرات توقيف صادرة عن المحكمة إذا دخلوا أراضيها، لكن المحكمة ليس لديها وسيلة لفرض ذلك وتعتمد على الدول للامتثال لأحكامها، وفقا لصحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية.

وباستقبال نتنياهو تجاهلت المجر التزاماتها بتنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

** إجراءات الانسحاب وتداعياته

يعد الانسحاب من نظام روما الأساسي لعام 1998 "قرار سيادي" يخضع لأحكام المادة 127 من ذلك النظام. ولأية دولة طرف أن تنسحب من هذا النظام الأساسي بموجب إخطار كتابي يوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

ويصبح الانسحاب نافذاً بعد سنة واحدة من تاريخ تسلم الإخطار ، مالم يحدد الإخطار تاريخاً لاحقاً لذلك.

ولا تعفى الدولة بسبب انسحابها من الالتزامات التي نشأت عن هذا النظام الأساسي خلال كونها طرفاً فيه، بما في ذلك أي التزامات مالية قد تكون مستحقة عليها، ولا يؤثر انسحاب الدولة على أي تعاون مع المحكمة فيما يتصل بالتحقيقات والإجراءات الجنائية التي كان على الدولة المنسحبة واجب التعاون بشأنها والتي كانت قد بدأت في التاريخ الذي أصبح فيه الانسحاب نافذاً، ولا يمس على أي نحو مواصلة النظر في أي مسألة كانت قيد نظر المحكمة بالفعل قبل التاريخ الذي أصبح فيه الانسحاب نافذاً.

** نظام روما الأساسي وتعزيز سيادة القانون الدولي

تجدر الإشارة إلى أن مشاركة الدول في نظام روما الأساسي واستمرار دعمها للمحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ ولايتها المستقلة والمحايدة أمر ضروري للجهود العالمية الرامية إلى ضمان المساءلة وتعزيز سيادة القانون الدولي.

وقد نجح نظام روما الأساسي، مع المحكمة الجنائية الدولية في دفع الجهود الوطنية والدولية للتصدي لأخطر الجرائم بموجب القانون الدولي، مثل تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، والعنف الجنسي في الحروب، والتعذيب، والقتل العمد، وتدمير التراث الثقافي.