من جمال عبدالناصر إلى عبدالفتاح السيسي.. مواقف جمعت سميحة أيوب برؤساء مصر - بوابة الشروق
الخميس 5 يونيو 2025 10:28 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

من جمال عبدالناصر إلى عبدالفتاح السيسي.. مواقف جمعت سميحة أيوب برؤساء مصر

محمد حسين
نشر في: الثلاثاء 3 يونيو 2025 - 3:05 م | آخر تحديث: الثلاثاء 3 يونيو 2025 - 3:07 م

رحلت الفنانة القدير سميحة أيوب عن عالمنا، صباح اليوم، عن عمر ناهز 93 عامًا بشقتها بحي الزمالك، بعدما أمضت رحلة فنية ثرية وممتدة كان لخشبة المسرح النصيب الأكبر منها ليصبح "سيدة المسرح العربي" لقبها المستحق.

وخلال عمرها الفني الذي تجاوز 70 عاما نالت محبة جمهورها من مختلف الأجيال، وجمعتها برؤساء مصر بداية من الرئيس جمال عبدالناصر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ وانعكس خلالها مشاعر الحب والإعجاب والتقدير الرسمي.

* عبد الناصر.. تكريم في عيد العلم

روت سميحة أيوب في مذكراتها التي صدرت في كتاب لأيمن الحكيم تحت عنوان "سميحة أيوب أسطورة المسرح العربى":" أقول إن عبدالناصر أكثر الزعماء الذين أدركوا قيمة الفنان المصري والفن المصري والإبداع المصري، وعرف كيف يوظفه ويجعل منه رأس حربة في معاركنا الوطنية والقومية، وبالفعل لعب الفن المصري دورًا مؤثرًا وفعالًا".

وتابعت: "أذكر مثلًا عندما وقع العدوان الثلاثي كنا نقدم مسرحية "إيزيس"، لتوفيق الحكيم، لكن مدير الفرقة الأستاذ أحمد حمروش قرر أن يُشارك المسرح في المعركة، وبسرعة شديدة جرى إنتاج مسرحيات وطنية تُعرض من تلك الأجواء، وتقرر أن يُفتح المسرح أبوابه للجماهير مجانًا، ولما كان الظلام يسود القاهرة ليلًا بسبب الغارات الجوية، كان المسرح يفتح أبوابه بين الثانية والخامسة عصرًا، ولعب الفن المصري بكل أشكاله دورًا فاعلًا في المعركة؛ أغاني، وأناشيد، ومسرحيات، وأفلام سينمائية. وهو ما كان له أثره في رفع الروح المعنوية للشعب، وصمودنا في المعركة".

وتواصل ذكرياتها عن عهد عبدالناصر: "وبعد معركة التأميم والعدوان الثلاثي حاز عبدالناصر شعبية أسطورية؛ فقد امتلك كاريزما شخصية ومهابة استثنائية كانت تجعل من مجرد اللقاء به وسامًا في حد ذاته".

وتابعت: "لذلك كانت فرحتي طاغية عندما تم إبلاغي من رئاسة الجمهورية بأن اسمي بين المُكرمين في الاحتفال الكبير الذي كان يُقام بقاعة الاحتفالات الكبرى لجامعة القاهرة، ويحضره الرئيس عبدالناصر، ويُمنح فيه وسام الجمهورية في العلوم والفنون لعدد من العلماء والأدباء والفنانين تقديرًا لجهودهم وتاريخهم".

وزادت: "حالتي التي كنت عليها عندما تلقيت الخبر السعيد لا يُقال عنها إلا سكينة ونشوة وسعادة وحذر وهدوء وذُهول عميق، انقلبت في صباح يوم 14 ديسمبر 1964 إلى حالة من التوتر والخوف والترقب لما ينتظرني، وجاء دوري ونودي على اسمي، وصعدت خشبة المسرح لأتسلم الوسام من الرئيس. لحظات معدودات سلمت عليه وسلمّني الوسام، وقال لي كلمة واحدة، استقبلتها بابتسامة كأنها “مبروك”. إنه عبدالناصر بهامته المهمة، ونظرته العميقة، وحضوره الساطع. وكنت أُحلّق في تلك اللحظات من السعادة وأحتضن الوسام بفخر. رغم أن الأوسمة وقيمتها لم تكن لها أي قيمة عندي، لكن كانت قيمتها المعنوية لا تُقدَّر بثمن، فالشعور بأن يأتي ويُذهب. أما القيمة الأدبية فهي الباقية والخالدة".

السادات.. عفارم عليكي يا سميحة

تقول أيوب في فصل آخر من الكتاب :"في أغسطس 1975 بُعثت مديرًا للمسرح القومي، وكان أول قرار اتخذته أن أكون أول سيدة تشغل هذا المنصب، وحتى لا يُقال إنني أخذت المنصب، وتصادف أن جاء الرئيس الفرنسي رسميًا لمصر، جيـسكـار ديستـان، في زيارة رسمية وجاءتني دعوة رسمية لحضور حفل العشاء الذي يقيمه الرئيس السادات والسيدة جيهان للسيد ديستان وحرمه، وبعد العشاء جائني من يُخبرني أن الرئيس السادات يطلبني بالسلام عليه أنا وسعد أردش، وقدمني السادات بفخر لديستان، قائلا: “دي نجمة المسرح المصرية اللي بتلعب دورًا كبيرًا في رفع الوعي عند راسـنا”، ووعدنا أن يُرسل وزير ثقافته ميشيل جـي لمشاهدة العرض، وجاء فعلًا، ودوّن رأيه في دفتر المسرح، ووافق أن نصرف في باريس."

وتابعت: "والحق أن علاقتي بالسادات كانت طيبة، وكان يحمل لي تقديرًا ومحبة، أذكر أنه مرة قال لي: “يا سميحة أنا عاوز منك خدمة”، قلت له: "تحت أمرك"، قال: "عايزك تروحي للفنانة زينب صدقي وتشرحي لها إني ما حطتش اسمها في كشف المعاشات اللي قررت صرفه للفنانين الكبار لأنهم قالوا لي إنها ماتت وأنا ماكنتش عارف إنها موجودة”. وكان ذلك في أخريات حياتها. قالت له: “لا يا فندم.. اسمح لي أنا مش مقبول لها كده. أنا مقول إن الرئيس بيبلغ إنه اكتشف إن اسمك سقط سهوا”، فضحك الرئيس وقال لي: "عفارم عليكي يا سميح”، وأصدر توجيهاته بإعادة اسمها فورًا، وقال: "عفارم عليكي بالإقناع والتحريجة".

*مبارك.. الريس بيسأل عليكي

وأكملت: ومن جديد كانت «مجنون ليلى» سببًا في أزمة أخرى تطلبت تدخل الرئيس مبارك لفض الاشتباك فيها!.. فقد حدث أن تم الانتهاء من أعمال ترميم وتطوير وتجديد المسرح القومي، وكان علينا أن نختار عرضًا يليق بالمناسبة، نفتح به المسرح العريق، وقررت أن يكون عرض الافتتاح هو «مجنون ليلى»، ليس فقط لكونه العرض الناجح والمُعبر، بسبب الورداني، وإنما أيضًا بسبب موضوعه، وهو أنه من إنتاج المسرح القومي، وبالتالي فإنه عرض مصري وليس دعوياً. وفوق ذلك فإنه من العروض ذات القيمة التي تتناسب مع تاريخ «القومي» وعراقته. لكن الأستاذ كرم مطاوع ضغط ليكون عرض الافتتاح هو «إيزيس» تأليف توفيق الحكيم ومن إخراجه.

وأشارت إلى أن "وزير الثقافة بدأ متبنيًا برأيه، وكنت أنا كذلك مقتنعة برأيي ودافعت عنه، وخرج الخلاف إلى العلن، وكتب كرم مطاوع بهاجمي على صفحات الصحف، واستخدم اسم توفيق الحكيم، واتهمني بالوقوف أمام تكريم كاتبنا الكبير وهو في هذا العمر، وكانت مضايقه حقيقية. والحق أن علاقتي بتوفيق الحكيم كانت أكبر وأعمق ولا تقبل الشك، فالرجل نفسه كان يعتبرني ابنته البكر كما كان يقول لي. وكنت أكثر من مثلت أعماله على خشبة المسرح – أهل الكهف، السلطان الحائر، الصفقة، عودة الشباب، هل أتزوج، الزمار، وغيرها. ففوجئت بعنوان في الصحف يقول: «الرئيس مبارك يطلب إنهاء الخلاف بين سميحة أيوب وكرم مطاوع». ولم أكن أنتظر تدخل الرئيس لفض الخلاف. فمحبتي وتقديري لتوفيق الحكيم كانت السبب الأقوى لتنازلي عن موقفي. فقد قدرت أن الرجل في أرذل العمر، ولو «حصل له حاجة» سيتهمونني بأني السبب، ويحملوني موته مَقْتُولًا في «إيزيس»! وقررت أن آخذ المبادرة، وزرت توفيق الحكيم في بيته لأُخبره أن عرضه سيفتتح المسرح القومي. واستقبلنا توفيق الحكيم بفرح، وعادت له حيويته، وقام من سرير المرض، واستعادت ذاكرته، ووجهًا راح يحكي بطريقته الممتعة فيضًا من ذكرياته. وانتهت الأزمة بسلام."

واستطردت: وجاء الرئيس مبارك والسيدة سوزان لحضور حفل الافتتاح، ولأنني لست من النوع الذي يتكالب على صورة أو مكسب، وليس لي في التصوير أو التهليل لمسؤول مهما علا شأنه، فما أن استقبلت الرئيس ورحبت بالضيوف واطمأننت على راحتهم وبدأ العرض، حتى صعدت إلى مكتبي في المسرح وجلست أمارس عملي الطبيعي. ثم جاءني من يُبلغني: «الرئيس بيسأل عليكي». عندما انتهى العرض، لاحظ مبارك أنني غير موجودة فسأل بعفوية: «مدام سميحة فين المديرة بتاعتكم ولا إيه؟!» ونزلت، وسلّمت عليه، وهنأني، وقال لي: «أنا رضيت أمشي إلا لما أسلم عليكي وأشكرك وأهنيكي» والحق أن أصدق وصف يمكن أن أقوله عن مبارك هو أنه رجل طيب.

السيسي.. شكرا يا عزيز مصر

وخلال مشاركتها في عرض فني احتفالي بمناسبة عيد الشرطة 2024، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي تحية مباشرة للفنانة القديرة سميحة أيوب، قائلًا: "سعيد جدًا بالمشاركين في العرض، واسمحوا لي… السيدة الفنانة العظيمة سميحة أيوب.. أهلًا وسهلًا."

وردّت سميحة أيوب على الرئيس بكلمات مؤثرة أمام الحضور: "كلنا سعداء، وكان عندي أمنية أشوف سيادتك وجهًا لوجه، وربنا حقق لي الأمنية دي.. شكرًا يا ريس.. شكرًا يا عزيز مصر.. شعبك بيحبك يا ريس، وشكرًا على الأمن والأمان اللي عايشين فيه، والشعب كله حاسس بكل الإنجازات وبكل حاجة.. شكرًا يا ريس".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك