في الوقت الذي ينصب فيه التركيز عند الحديث عن إصلاح مجلس الأمن الدولي على نظام التصويت لاسيما حق النقض "الفيتو" الذي تتمتع به الدول الخمس دائمة العضوية، لا يتم التطرق إلى آليات العمل السابقة على طرح مشروعات القرارت وتحديدا عملية الصياغة.
وعلى مدى الأسبوع الماضي، تردد في التغطيات الإخبارية مصطلح "حامل القلم" في تناول المجلس لقضايا مثل الأوضاع في مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور غرب السودان، وكذلك في قرار مجلس الأمن بشأن ملف الصحراء، حيث جاء التحرك في الحالتين من جانب حامل القلم؛ بريطانيا في الحالة الأولى، والولايات المتحدة في الحالة الثانية.
• دور حامل القلم في مجلس الأمن
مع تزايد نشاط مجلس الأمن بعد نهاية الحرب الباردة، أصبحت الدول الثلاث الدائمة العضوية (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) مسئولة عن إعداد معظم مشروعات القرارات، ومع الوقت تطورت هذه الممارسة غير الرسمية وأطلق عليها اسم "حامل القلم".
ويشير دور حامل القلم إلى عضو المجلس الذي يقود المفاوضات وصياغة القرارات بشأن بند معين من بنود جدول أعمال المجلس، وقد لعبت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا دورا رئيسيا في صياغة مخرجات عمل المجلس منذ ظهور هذه الممارسة غير الرسمية.
في المقابل، ينخرط الأعضاء المنتخبين بمجلس الأمن في ممارسة دور حامل القلم بشكل محدود على سبيل المثال في ملفات أفغانستان وغينيا بيساو والملف الإنساني في سوريا وغرب إفريقيا ومنطقة الساحل.
• دعوات لتنويع حاملي القلم
ووفقا لتقرير للمعهد الدولي للسلام، أصبح تنويع حاملي القلم موضوع نقاش في السنوات الأخيرة، ففي يونيو عام 2022 أثاره الأعضاء العشرة المنتخبون في مجلس الأمن في بيان مشترك صدر خلال المناقشة المفتوحة حول أساليب عمل المجلس، ثم في أغسطس من العام ذاته تناولته روسيا عبر تنظيم اجتماع بـ"صيغة آريا"، وهو اجتماع غير رسمي لأعضاء مجلس الأمن يُعقد بمبادرة من أحد الأعضاء لمناقشة مسائل معينة بشكل صريح وسري مع أطراف خارجية مثل الأفراد أو المنظمات غير الحكومية.
وفي مطلع مارس 2023، وجهت مالي رسالة إلى رئيس مجلس الأمن ترفض فيها فرنسا كمسئولة عن جميع القضايا المتعلقة بمالي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن زيادة مشاركة حاملي القلم تعتبر مسار هاما نحو اتباع نهج أكثر شمولا يُسهم في إرساء أسس إصلاح أوسع للمجلس، مع معالجة المخاوف التي أعرب عنها الأعضاء المنتخبون، بالإضافة إلى العديد من الدول المضيفة لعمليات حفظ السلام.
• نظام حاملى القلم وفاعلية مجلس الأمن
تشير منظمة "تقرير مجلس الأمن" (منظمة غير حكومية تأسست في نيويورك عام 2004) إلى أنه على الرغم من أن نظام "حامل القلم" قد يبدو فعالا، لكن آثاره الجانبية تقلل من فاعلية المجلس، حيث يُذعن الأعضاء الآخرون لحامل القلم، فضلا عن أنه إذا نشأت أزمة وكان حامل القلم غير راغب أو غير قادر على أخذ زمام المبادرة (على سبيل المثال لأنه يُدير بالفعل أزمة أو أزمتين أخريين)، فقد يبدو المجلس مشلولا أو يتأخر في اتخاذ الإجراءات، مما قد يؤثر على فعالية المجلس في معالجة النزاعات.
كما أن هذا النظام من واقع الممارسة يستبعد في الغالب الأعضاء المنتخبون في المجلس من عملية صياغة مشروعات القرارات، حيث لا يتم إشراكهم في المفاوضات إلا في نهايتها، وفي هذه المرحلة غالبا لا يكون بإمكانهم إجراء تعديلات جوهرية لأنها قد تخل بالصياغة المُتفق عليها بين الدول الخمس الدائمة العضوية والتي يتم التوصل إليها أحيانا بعد مفاوضات مُضنية. وبالتالي، قد يفتقر المجلس ككل إلى الأفكار والنهج الجديد الذي غالبا ما يطرحه الأعضاء المنتخبون.