اجتمعت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالتحرك الدولي لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة، برئاسة الأردن وعضوية كل من العراق بصفتها رئيس القمة العربية الحالية، وفلسطين، والجزائر، بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن، والصومال بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن، السعودية، قطر، مصر، المغرب، تونس، والأمين العام لجامعة الدول العربية، في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم الخميس، على هامش أعمال الدورة العادية 164 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري.
ويأتي الاجتماع العاشر للجنة استنادا إلى قرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري د.غ. ع رقم 8660 بتاريخ 2021/5/11 بشأن العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس المحتلة وأهلها بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف وحي الشيخ جراح، والذي قرر تشكيل لجنة وزارية عربية للتحرك والتواصل مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرها من الدول لا سيما المؤثرة دوليا.
وعرض نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشئون المغتربين في الأردن أيمن الصفدي، مستجدات التجاوزات والانتهاكات الإسرائيلية في القدس وجهود عمل اللجنة منذ اجتماعها التاسع الذي عقد في أبريل العام الجاري، والتحركات والاتصالات التي قامت بها، إلى جانب الدول الأعضاء، مع الدول المؤثرة والمنظمات الدولية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية التي تستهدف مدينة القدس المحتلة وأهلها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وسبل مواجهة ووقف هذه الاعتداءات المدانة والانتهاكات المرفوضة والمتزامنة مع استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، والتصعيد الإسرائيلي الخطير في الضفة الغربية.
إدانة عزل القدس
أدان أعضاء اللجنة الإجراءات الهادفة إلى عزل مدينة القدس والتضييق على ساكنيها وآخرها المصادقة على خطة الاستيطان في منطقة E1 تمهيدا لمحاصرة البلدة القديمة وعزلها عن محيطها الفلسطيني، وفي محاولة لتقويض إقامة الدولة الفلسطينية، وفي اعتداء سافر على حق الشعب الفلسطيني في تجسيد دولته المستقلة.
كما أدان أعضاء اللجنة جميع الإجراءات الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي والطابع التاريخي والديني لمدينة القدس، ووضع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وأكدوا أن هذه الممارسات والانتهاكات مخالفة للقوانين الدولية والقرارات الشرعية الدولية، إضافة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكد ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وبطلان ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إحاطة لوزيرة الخارجية الفلسطينية
وفي الإطار ذاته استمعت اللجنة إلى إحاطة من وزيرة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، فارسين شاهين، حول ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم العدوان والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، بما فيها الاستهداف الممنهج لمدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وأهلها، من حملات استيطان وتهويد وقتل واعتقال وإبعاد وهدم منازل ومصادرة أراض وأملاك، ومحاولات طمس الهوية العربية للقدس، وما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك، من اقتحامات يومية للجماعات اليهودية المتطرفة بأعداد غير مسبوقة، بحماية ورعاية سلطات الاحتلال، يتخللها رموز وطقوس يهودية، في محاولة لترسيخ التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، إضافة لتكثيف الحفريات غير المشروعة أسفله.
وأشارت الوزيرة إلى مخاطر تنفيذ حكومة الاحتلال للمخطط الاستيطاني الاستعماري، الذي يسعى إلى عزل مدينة القدس المحتلة عن محيطها الفلسطيني، وتكريس تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة عن بعضها، ما يقوض تجسيد دولة فلسطين وتواصلها الجغرافي، ويفاقم الصراع في المنطقة.
وطالبت الوزيرة الفلسطينية بتحرك عربي ودولي أكثر فعالية لوقف الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية.
الانتهاكات ضد المسجد الأقصى
وأدان أعضاء اللجنة التصاعد غير المسبوق في الانتهاكات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف وهويته الإسلامية، بما في ذلك اقتحامات الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف وتصريحاتهم العنصرية التحريضية، والإجراءات التصعيدية الإسرائيلية الرامية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، ومحاولتها المدانة لفرض وقائع وممارسات تهدف إلى التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك الحرم القدسي الشريف.
كما أدان أعضاء اللجنة وبأشد العبارات اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي وعشرات المستوطنين للحرم القدسي الشريف وتعهده بالسماح للمستوطنين بإقامة طقوس دينية والغناء والرقص ورفع الأعلام الإسرائيلية داخل الحرم الشريف، وكذلك تصعيد الجماعات المتطرفة دعواتها لتقديم القرابين داخل الحرم ومحاولات بعضهم القيام بذلك، ودان أعضاء اللجنة كافة الإجراءات الإسرائيلية غير القانونية ضد الأراضي والممتلكات الوقفية.
كما استنكر أعضاء اللجنة القيود والعقبات التعسفية التي تفرضها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والتي تحد من وصول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف بحرية كالإغلاقات المتكررة والحواجز العشوائية والاعتداءات الجسدية والقيود العمرية، لا سيما خلال شهر رمضان المبارك وأيام الجمع والمناسبات الدينية.
وأكد أعضاء اللجنة رفضهم وإدانتهم للإجراءات الإسرائيلية التي تهدد الوجود المسيحي في القدس والتي كان آخرها قرار تجميد الحسابات البنكية العائدة لبطريركية الروم الأرثوذكسية في القدس، والاعتداءات المتواصلة والمرفوضة على مسيحيي المدينة من قبل المستوطنين المتطرفين والتضييق عليهم، وتزايد عمليات التخريب ضد الأديرة والكنائس والمقابر المسيحية ككنيسة الخضر والمقبرة المسيحية التاريخية في بلدة الطيبة، وكذلك الاعتداءات الهمجية التي تستهدف رجال الدين والراهبات والمصلين.
لا سيادة لإسرائيل على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية
وأعاد الوزراء التأكيد على أنه لا سيادة لإسرائيل على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وأن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين، ورفض أي محاولة للانتقاص من الحق بالسيادة الفلسطينية عليها، وأي اعتداءات أو إجراءات أحادية تمس المكانة القانونية للقدس، وضرورة الالتزام بمبدأ السلام العادل والشامل المشروط بزوال الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، والمتصلة جغرافيا والقابلة للحياة، وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو 1967، على أساس حل الدولتين، ووفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية ذات الصلة.
كما أكد الوزراء على تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالقضية الفلسطينية الصادرة عن الأمم المتحدة وخصوصا قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها 252 (1968)، 267 (1969) 476 و 478 (1980)، و 2334 (2016) وقرارات المجلس التنفيذي لليونيسكو ولجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو التي أكدت أن المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وجزء لا يتجزأ من أحد مواقع التراث العالمي الثقافي المهدد بالخطر بفعل الممارسات الإسرائيلية.
كما شدد المجتمعون على أهمية دور الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات العربية الإسلاميةوالمسيحية في القدس ومقدساتها في حماية هذه المقدسات والحفاظ على هويتها العربية والإسلامية والمسيحية، والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، وعلى أن إدارة أوقاف القدس وشئون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشئون والمقدسات الأردنية هي صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شئون المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف كافة وتنظيم الدخول إليه.
تعزيز التعاون والتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي
وفي ضوء ما سبق اتفقت اللجنة على تعزيز التعاون والتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي واللجان المنبثقة عنها بما يعزز الموقف ويضاعف الجهود العربية والإسلامية المشتركة لحماية القدس المحتلة وصون مقدساتها وتعزيز التحرك لدى المنظمات الإقليمية والدولية للاستمرار في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والأماكن المقدسة وخروقات إسرائيل للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة.
كما تم الاتفاق على حشد موقف دولي فاعل ضد محاولات إسرائيل تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف. وأيضا تعزيز الجهود العربية والاتصالات الدبلوماسية مع الأطراف الدولية المؤثرة للدفع نحو فرض اجراءات تقييدية ورادعة لوقف الاعتداءات على المقدسات، ووقف ارهاب المستوطنين وضمان مساءلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبتها على انتهاكاتها وجرائمها في مدينة القدس المحتلة.
وتم تكليف بعثات الجامعة وسفراء الدول الأعضاء في اللجنة للبناء على مواقف الأطراف الدولية المؤثرة التي صدرت مؤخرا ضد الممارسات والتصريحات الإسرائيلية المتطرفة، والعمل على إصدار موقف دولي حازم تجاه تلك الممارسات مع التحذير من خطورة تبعاتها على السلم والأمن في المنطقة والعالم بأسره.