مستشفى قلاوون.. صرح طبي مملوكي يُبعث من جديد بتوجيهات رئاسية - بوابة الشروق
السبت 4 أكتوبر 2025 7:44 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

مستشفى قلاوون.. صرح طبي مملوكي يُبعث من جديد بتوجيهات رئاسية

سوزان سعيد
نشر في: السبت 4 أكتوبر 2025 - 6:04 م | آخر تحديث: السبت 4 أكتوبر 2025 - 6:05 م

على مدار أكثر من 7 قرون، ظلّ مستشفى قلاوون شاهدًا على تاريخ الطب في مصر، يجمع بين عظمة العمارة المملوكية وريادة الطب العربي. واليوم، يُعاد إحياء هذا الصرح العريق بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كلف الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، بتطوير المستشفى التاريخي للرمد بحي الجمالية، ليعود مركزًا متكاملًا يجمع بين التراث والعلاج الحديث.

وبموجب خطة التطوير، تتحول المستشفى إلى مركز متخصص في طب العيون وطب الأسنان، وفقًا لمعايير السلامة والجودة والاعتماد الطبي، مع الحفاظ على طابعه الأثري الفريد. ويشمل المشروع الترميم المعماري والإنشائي، وتزويد المباني بأحدث المعدات والأثاث الطبي، إلى جانب دمج أنظمة الحوكمة والرقابة الرقمية لتحسين الكفاءة التشغيلية.

وتضم المستشفى 3 مبانٍ رئيسية هي: المستشفى الرئيسي، ومبنى الأسنان ومكافحة العدوى، ومركز الأبحاث، وفقًا لما أعلنته وزارة الصحة والسكان عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك".

ويسلط التقرير التالي الضوء على رحلة هذا المعلم التاريخي الفريد، من بيمارستان مملوكي أُنشئ في القرن الثالث عشر إلى مركز طبي حديث يُعاد بعثه من جديد.

- ضمن مجموعة السلطان قلاوون

تُعد مجموعة السلطان قلاوون من أهم المعالم التي تميز شارع المعز لدين الله، الذي يعج بالآثار الإسلامية الخالدة والمتنوعة من شتى العصور، مثل المساجد والمدارس والقباب والأضرحة والأسبلة، إلى جانب الوكالات والمنازل، منذ العصر الفاطمي وحتى نهاية عصر المماليك في القرن السادس عشر الميلادي.

تطل الواجهة الشرقية للمجموعة على شارع المعز لدين الله، وتتكون من قسمين:

* القسم البحري، الواقع إلى اليمين من الداخل عند الباب الرئيسي، وهو واجهة المقبرة التي دُفن بها السلطان المنصور قلاوون وابنه الناصر، وتعلوها القبة.

* القسم القبلي، الذي يضم المدرسة.

وبين المدرسة والقبة يوجد ممر طويل وضيق يؤدي إلى المستشفى، الذي بقي منه الإيوان الشرقي والإيوان الغربي، بحسب ما ورد في كتاب "كنوز أم الدنيا" للكاتب طارق بدراوي.

- قلاوون ينشئ بيمارستانًا للتكفير عن ذنبه

يُعد بيمارستان قلاوون أقدم مستشفى في مصر على الإطلاق، إذ تأسس عام 688هـ / 1284م. وكلمة بيمارستان في اللغة العربية تعني دار المرضى، إلا أن المصريين اعتادوا استخدامها للإشارة إلى المستشفيات التي تعالج الأمراض العقلية.

أنشأ السلطان قلاوون المستشفى تكفيرًا عن ذنوبه، بعدما قتل عددًا كبيرًا من المصريين لتوطيد حكمه ومنع الثورات ضده. فأمر ببناء بيمارستان يعالج مختلف التخصصات: من الرمد إلى الجراحة والحميات والنساء، بالإضافة إلى تدريس الطب وإعداد الأدوية.

- رعاية تتجاوز تقديم الخدمة الطبية

كانت المستشفى في الأصل دارًا لبعض الأمراء قبل أن يقرر قلاوون تحويلها إلى مستشفى، وخصص لها مبلغًا ماليًا لا يقل عن 100 درهم سنويًا. كما ألحق بها مسجدًا ودارًا للأيتام، وجعل الدخول إليها والاستفادة من خدماتها مجانيًا لجميع فئات المجتمع.

وكان المستشفى يقدّم لكل مريض كسوة بعد تعافيه، أو يتكفل بكفنه ودفنه في حال وفاته.

وقد استقبلت المستشفى نحو 4000 حالة رمد يوميًا، بحسب ما ورد في كتاب "من تاريخ طب النفس والأعصاب عند العرب والمسلمين" للمؤلف محمد إبراهيم الأتاسي.

- مجمع طبي متكامل وليس مجرد مستشفى

احتوت المستشفى على قاعات واسعة لاستيعاب المرضى، وصيدلية وحمامات ومختبرات، وعدد كبير من غرف التخزين، إلى جانب مطبخ لتقديم الطعام الطبي الذي يصفه الأطباء للمرضى، إذ كان يُعتبر الغذاء جزءًا أساسيًا من العلاج.

كما ضمّت المستشفى قاعات كبيرة للمحاضرات وتقديم الدروس وامتحان الأطباء الجدد، وأُلحقت بها مكتبة طبية ضخمة تحتوي على المخطوطات الطبية، تحيط بها حدائق تُزرع فيها الأعشاب الطبية المستخدمة في العلاج، وفقًا لما ورد في كتاب "سرقة التاريخ.. السطو الأوروبي" للكاتب رمزي محمود.

وقد عالجت المستشفى أمراض الحمى والدوسنتاريا وأمراض العيون، كما أُلحقت بها أراضٍ يصل دخلها إلى مليون درهم، بحسب كتاب "التاريخ الشركسي" للكاتب قادر إسحاق تاتخو.

- تصبح مستشفى للأمراض العقلية حتى أوائل القرن التاسع عشر

ضم بيمارستان قلاوون قسمًا متخصصًا في علاج الأمراض العقلية، بالإضافة إلى عيادة خارجية يتردد عليها مرضى الاضطرابات النفسية يوميًا. وقد خُصص لكل مريض مبلغ مالي كإعانة، وأقمشة تُمنح بموجب وقف المستشفى.

وفي عام 1825م، عندما جاء كلوت بك إلى مصر، نُقل مستشفى الأمراض العقلية من قلاوون إلى العباسية، في قصر لأحد أفراد أسرة محمد علي، كان يُعرف باسم السراي الحمراء، وأُزيل الطلاء الأحمر عنها وطُليت باللون الأصفر، فأطلق عليها اسم "السراي الصفراء"، وهو الاسم الذي لا يزال مستخدمًا حتى اليوم، بحسب ما ورد في كتاب "السرايا الصفراء.. رحلة في مذكرات محمد بك الخولي مدير مستشفى المجاذيب" للكاتب محمد الشماع.

- يتخصص في أمراض العيون مع بدايات القرن العشرين

في عام 1915م، تخصص بيمارستان قلاوون في أمراض العيون، لتنتقل تبعيته من وزارة الأوقاف إلى وزارة الصحة، بينما ظل المبنى تابعًا لـ هيئة الآثار نظرًا لقيمته التاريخية الكبيرة، وفقًا لما ورد في كتاب "كنوز أم الدنيا" للكاتب طارق بدراوي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك