قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق تسليم جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا، مما تسبب في ارتباك بين الأوكرانيين وحلفائهم الأوروبيين بشأن كيفية مواجهة التهديدات الروسية. ووفقًا لتقديرات جديدة، قد يؤثر القرار على ما لا يقل عن 9 مليارات دولار من الأسلحة والذخائر وأنظمة الدفاع الجوي التي كانت قيد الإنتاج أو الطلب.
لماذا تعلق الولايات المتحدة المساعدات؟
وفقًا لجريدة نيويورك تايمز، قدمت الولايات المتحدة نحو 67 مليار دولار من الأسلحة والمعدات العسكرية لأوكرانيا منذ بدء الحرب في عام 2022، وهو ما يمثل ما يقرب من نصف إجمالي الدعم العسكري الذي قدمه الحلفاء، والبالغ 136 مليار دولار.
لكن بعد إعادة انتخاب ترامب، ازدادت المخاوف بين الحلفاء من أنه سيوقف المساعدات العسكرية. ووفقًا لمصادر مطلعة، جاء قرار تعليق الشحنات بعد اجتماع متوتر في المكتب البيضاوي، حيث انتقد ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لعدم إظهار امتنان كافٍ للدعم الأمريكي.
برر مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية لنيويورك تايمز، وقف المساعدات، بأن التوجيه سيظل ساري المفعول حتى يظهر زيلينسكي التزامًا بمفاوضات السلام مع روسيا، والتي يبدو أنها تهدف إلى إجبار زيلينسكي على الموافقة على وقف إطلاق النار بشروط يمليها ترامب.
ومع ذلك، لم يتم توضيح طبيعة هذا الالتزام أو الإطار الزمني للتعليق، مما يترك كييف وحلفاءها الأوروبيين أمام تحديات كبيرة للحفاظ على تسليح الجيش الأوكراني.
هل حدث هذا من قبل؟
لا توجد سابقة مباشرة لمثل هذا القرار في التاريخ الأمريكي الحديث. وبينما أوقفت الولايات المتحدة سابقًا شحنات أسلحة معينة، مثلما فعل الرئيس جو بايدن عندما أوقف إرسال قنابل تزن 2000 رطل إلى إسرائيل، فإن الحظر الشامل على المساعدات العسكرية لأوكرانيا يُعتبر خطوة غير مألوفة، بحسب نيويورك تايمز.
تجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يحظر فيها ترامب المساعدات عن أوكرانيا، حيث سبق له أن أوقفها خلال فترة رئاسته الأولى في محاولة للضغط على زيلينسكي لتقديم معلومات تضر بمنافسه جو بايدن. وقد أدى ذلك إلى مساءلته لأول مرة في الكونغرس.
ما هو التأثير المتوقع؟
وفقًا لمصادر أوكرانية تحدثت لنيويورك تايمز، فإن الجيش الأوكراني سيتمكن من الصمود لمدة تصل إلى ستة أشهر دون دعم أمريكي منتظم، لكن الوضع سيصبح أكثر صعوبة بمرور الوقت. وأشار عضو البرلمان الأوكراني فيدير فينيسلافسكي إلى أن البلاد تعتمد بشكل كبير على هذه الإمدادات للحفاظ على قدرتها القتالية.
كانت الولايات المتحدة قد التزمت بتسليم أسلحة ومعدات بقيمة 11.1 مليار دولار إلى أوكرانيا خلال العام الحالي، وهي عقود تم توقيعها بالفعل ولكن لم يتم شحنها بعد. وقدر مسؤول دفاعي أمريكي كبير سابق أن الرقم الأقرب للحقيقة قد يكون 9 مليارات دولار.
كم عدد الأسلحة التي تملكها أوكرانيا الآن؟
يتغير مخزون الأسلحة الأوكراني باستمرار مع تدفق الإمدادات من الحلفاء واستهلاكها في المعارك. وبحسب خبراء عسكريين، فإن قدرة أوكرانيا على الصمود تعتمد على نوع الأسلحة المتاحة، حيث تستهلك المدفعية بمعدل خمسة آلاف طلقة يوميًا، وهو معدل أقل قليلًا مما كان عليه في العام الماضي.
بينما تستطيع أوكرانيا إنتاج بعض أسلحتها مثل الطائرات المسيرة والمركبات المدرعة، فإن الدفاعات الجوية لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا، حيث يتم استهلاك الصواريخ الاعتراضية بنفس الوتيرة التي تصل بها تقريبًا، مما يجعل من الصعب التصدي للهجمات الجوية الروسية المتزايدة.
منذ انتخاب ترامب، كثف القادة الأوروبيون جهودهم لدعم أوكرانيا عسكريًا. فقد أعلنت بريطانيا وألمانيا وليتوانيا والسويد عن إرسال شحنات جديدة من الصواريخ الدفاعية، بينما أرسلت كندا مركبات قتالية وأجهزة محاكاة طيران لتدريب الطيارين الأوكرانيين.
كما زادت فرنسا وهولندا من تزويد أوكرانيا بالطائرات المقاتلة، واستثمرت كل من النرويج وفنلندا مئات الملايين من الدولارات في شراء أسلحة إضافية لكييف.
في خطوة تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، أعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، عن خطة بقيمة 841 مليار دولار لزيادة الإنفاق الدفاعي وتشجيع الإنتاج المشترك للأسلحة بين الدول الأعضاء.
ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود تواجه تحديات مالية وصناعية، حيث تكافح شركات الدفاع الأوروبية لتلبية الطلب المتزايد وسط قيود إنتاجية وتمويلية.