احتفل الجنود الأمريكون الموجودين بالتمركزات الأمريكية في الأراضي المحتلة بعد صد صاروخ يمني في ديسمبر 2024، كأول اشتباك أمريكي ناجح بمنظومة ثاد الثورية، ولم تمضِ عدة أشهر حتى تداولت وسائل الإعلام المختلفة أنباء عن فشل تلك المنظومة في صد صاروخ يمني محلي الصنع تمكن من تخطي الدفاعات الأمريكية والإسرائيلية، ليصيب مطار بن جوريون، مسببا حالة من الذعر والإحراج لإسرائيل وأمريكا معا.
وتسرد جريدة الشروق مسيرة نظام ثاد الأمريكي الصاروخي منذ حرب الخليج حتى الصراع مع صواريخ جماعة الحوثي اليمنية، ووردت المعلومات بمواقع مؤسسة راند البحثية، وجلوبال سيكيوريتي، وموقع وور زون.
-من رحم حرب الخليج
تكبدت القوات الأمريكية خسائر فادحة أمام صواريخ سكود العراقية، حيث قتلت تلك الصواريخ 28 من جنود الحرس الوطني البنسلفاني، علاوة على ذلك فقد أطلق العراق خلال الحرب نحو 45 صاروخا على القواعد الأمريكية، و41 آخرين على دولة الاحتلال، دون أن يعترضها أحدا، وردا على ذلك اضطرت القوات الأمريكية استخدام مقاتلات إف 15 المتطورة لتعقب عربات إطلاق الصواريخ وضربها، ولكن منصات سكود كانت على قدر كافِ من التمويه المتقدم الذي أعاق قدرات المقاتلات الأمريكية، وخرجت العراق من الحرب بنحو 80 منصة صاروخية سليمة في أقل تقدير.
وبدأت أمريكا في مشروع صناعة منظومة صواريخ ثاد عام 1991، والذي استمر بين التصميمات والاختبارات والصناعة لتخرج المنظومة عام 2006، ليتم استخدامها لأول مرة عام 2008 كسلاح مضاد أمريكي لقدرات خصومها المتنامية من الصواريخ الباليستية.
-كيف تعمل المنظومة؟
يعمل الثاد على استهداف الصواريخ الباليستية التي تسير بشكل مقوس، حيث تخرج للفضاء الخارجي وتعاود الدخول للأرض عند منطقة الهدف، وفي تلك المرحلة يعمل الثاد الذي يترصد الصواريخ عند دخولها الغلاف الجوي لتدميرها.
يختلف الثاد عن كثير من الصواريخ الاعتراضية حيث يستخدم سلاح الصدم بدلا من المتفجرات، إذ يستفيد الثاد من سرعته البالغة التي تبلغ 10 آلاف كيلومتر/الساعة، ووزنه البالغ 900 كيلوجرام، ليرتطم بالصاروخ بقوة تعادل حافلة مدرسية بسرعة 1500 كيلومتر/الساعة، وفي ذلك يستفيد الثاد من الاستغناء عن حمل متفجرات تثقل حركته حيث يحتاج لمناورة عالية لالتقاط الصواريخ، وفي نفس الوقت يوفر عمل انفجارات تصل آثارها للهدف المطلوب حمايته.
-نقطة الضعف
يملك الثاد ثغرة في قوته إذ يحتاج مبدأ سلاح الصدم لدقة عالية، ولا يتم تفعيل تأثير الثاد التدميري إلا عند نصف متر من الصاروخ المعادي، وفي حالة تمكن الصاروخ من تجاوز الثاد والابتعاد فإنه يصبح عديم الجدوى بعكس الصواريخ الاعتراضية الأخرى التي تنفجر وتنشر الشظايا وموجة الانفجار على مسافات شاسعة لتضمن احتمالية أعلى للإضرار بالصاروخ المعادي.
-صراع الثاد والحوثيين
ظهر الثاد في بداية الأمر كسلاح أمريكي مضاد لصواريخ كوريا الشمالية، ونشرته أمريكا في واقعها المتقدمة بالمحيط الهادي كجزر هاواي وجزيرة جوام، بينما دعمت به حليفتها كوريا الجنوبية لردع صواريخ كوريا الشمالية ورغم تلك المناورات لم يحدث أي اشتباك يذكر مع كوريا الشمالية، بينما في مسرح مختلف بالشرق الأوسط وقعت معارك الثاد مع صواريخ الحوثيين فقط دون غيرها وكان الاشتباك الأول في الإمارات عام 2022، ونجح الثاد في اعتراض صاروخ حوثي وتحييده بينما أصابت بقية الصواريخ الحوثية أهدافها في حقول نفطية وقواعد أمريكية.
وقع الاشتباك الثاني في ديسمبر 2024 في الأراضي الفلسطينية المحتلة وكان بين منظومة ثاد تقودها قوة من 100 أمريكي وصاروخ يمني تم إسقاطه بنجاح، وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي طالبت أكتوبر 2024 الولايات المتحدة الأمريكية بإمدادها بالثاد ليتصدى للصواريخ الإيرانية تحديدا، وعلى إثر ذلك تم نشر الصواريخ.
-مخزون ضئيل
رغم الحديث الإعلامي عن قدرات الثاد فإن أمريكا لا تملك أكثر من 9 بطاريات، وتملك كل بطارية نحو 8 من الصواريخ المضادة غالية الثمن، إذ يتكلف الصاروخ الواحد 12 مليون دولار، بينما تتجاوز أسعار البطارية الواحدة الملياري دولار، نظرا للتقنيات الرادارية المتنوعة التي يحتاجها الصاروخ الصدمي لإصابة هدفه.