أكد الدكتور عاطف محمد، خبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية باليونسكو، أن حدائق الحيوان المعاصرة أصبحت مؤسسات علمية متكاملة تؤدي أدوارًا استراتيجية في الحفاظ على التنوع البيولوجي، وليست مجرد مرافق ترفيهية كما يظن البعض.
وأشار في تصريحات لـ"الشروق" إلى أن هذه الحدائق، وخاصة المعتمدة من الرابطة العالمية لحدائق الحيوان والأحواض المائية (WAZA)، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الجهود العالمية لإنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض، ودعم الصحة البيئية العامة من خلال برامج التربية في الأسر، والأبحاث، والرصد الصحي والبيطري المتقدم.
وأوضح أن برامج الإكثار في الأسر تمثل أداة فعالة للحفاظ على التنوع الجيني للأنواع المهددة، حيث يتم تربية الحيوانات داخل بيئة خاضعة للرقابة الدقيقة بهدف إعادة إطلاقها إلى البرية لاحقًا، ما يضمن استمرارية السلالات ويمنع الانقراض.
وأضاف: "إحدى المهام الرئيسية لحدائق الحيوان المعتمدة هي دعم برامج التربية وتثبيت أعداد مستقرة من الأنواع المهددة في الأسر استعدادًا لإعادة تأهيلها بيئيًا وإطلاقها إلى مواطنها الطبيعية بعد زوال المخاطر."
كما أوضح أن الرعاية البيطرية والطب الوقائي أصبحت ركائز أساسية لعمل الحدائق، من خلال برامج تشمل الحجر الصحي الإجباري للحيوانات الجديدة، التطعيمات المخصصة حسب النوع، الفحوصات الدورية، وإدارة صحية استباقية تقلل من احتمالية تفشي الأمراض الحيوانية المنشأ التي قد تنتقل إلى الإنسان.
وأشار إلى أن حدائق الحيوان أصبحت مراكز متقدمة للمراقبة البيولوجية، لرصد الأمراض الناشئة التي قد تشكل خطرًا على الإنسان أو البيئة البرية. وأضاف أن التطعيمات تعتبر استراتيجية حيوية لحماية الأنواع المهددة ومنع تفشي الأوبئة التي قد تهدد مجموعات كاملة من الكائنات.
وأكد الدكتور عاطف أن الحدائق الحديثة تعد مراكز أبحاث متقدمة، بالتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث، وتشمل الاحتفاظ ببنوك الأمصال والأنسجة، ودعم جهود الحفاظ الميدانية، ومراقبة صحة الحياة البرية في البر والبحر.
وأشار إلى أن الحدائق تعمل على إعادة تهيئة البيئات الطبيعية داخل الحديقة، لتوفير ظروف قريبة من بيئتها الأصلية، ومنح الزوار تجربة تعليمية بيئية متميزة تعزز الارتباط بالطبيعة.
وختم بالقول إن دور حدائق الحيوان في المستقبل سيزداد أهمية في ظل التحديات البيئية والمخاطر المناخية، مؤكدًا أنها لم تعد رفاهية، بل ضرورة استراتيجية لحماية الكوكب وسكانه من البشر والحيوانات على حد سواء.