- المتحف يستحق رصد جميع مراحل بنائه فى فيلم تسجيلى أو وثائقى.. أما حفل الافتتاح فيكفى «إعادة مونتاجه»
- توقعات أن يكون المتحف مادة ثرية للأفلام السينمائية الروائية وهذا فى حد ذاته توثيق له
بعد الانتهاء من جميع مراحل بناء وافتتاح المتحف المصرى الكبير، مساء السبت الماضى، فى حفل ضخم حضره رئيس الجهورية عبدالفتاح السيسى وزوجته السيدة انتصار ووفود عدة دول أجنبية ورؤساء وملوك وأمراء، تبادر الى الذهن تساؤلات ضرورية حول الطريقة الأمثل التى يمكن بها توثيق جميع المراحل الخاصة به بدءًا ببنائه وصولًا الى افتتاحه حتى فيما يخص كل المشاركين فى مراحل خروجه للنور، وكيف يمكن أن يكون هذا المتحف مادة ثرية فى الأفلام السينمائية سواء الأجنبية أو المصرية، ليكون بطلًا لقصتها على غرار ما حدث مع معالم سياحية مهمة ومتاحف فى دول أجنبية أخرى.
ورغم أنه تم بالفعل صناعة فيلمين وثائقيين حول آثار فرعونية مهمة فى المتحف، أولهما فيلم «أيقونة الإنسانية» من إخراج وتأليف تامر محسن ويرصد فيه رحلة نقل مقتنيات الملك توت عنخ أمون من المتحف المصرى القديم بميدان التحرير إلى المتحف الكبير بالجيزة، وكذلك فيلم «رمسيس راح فين؟» الذى يرصد نقل تمثال الملك رمسيس من ميدان رمسيس حتى مستقره الأخير فى المتحف المصرى الكبير، فإنه يبقى التوثيق للمتحف الكبير نفسه ومراحل صنعه وصولًا لحفل افتتاحه، وقصص خاصة بتصميمه وأجنحته وحجراته والقطع الأثرية التى تم استرجاعها من الخارج وغيرها من الحكايات المرتبطة به، أمرًا لا يقل أهمية عن اى مرحلة من مراحل البناء.
• المخرج أحمد رشوان
فى البداية أكد المخرج أحمد رشوان أن التوثيق لمراحل بناء المتحف كاملة وصولًا لحفل افتتاحه تم الانتهاء منها بالفعل من خلال الشركة المتحدة مع ضرورة النظر أن هذا التوثيق تم بالفعل منذ زمن عندما بدأت أولى مراحل بناء هذا المتحف، وأكد أن هناك شقين لهذا التوثيق خصوصًا لحفل الافتتاح، قائلًا: «هناك شق خاص بما وراء الكواليس لمراحل البناء والتجهيز وصولًا للحفل، والشق الآخر خاص بحفل الافتتاح فقط والذى يمكن إعادة مونتاجه»، مضيفًا: «من يفهم فى الاخراج يعى أن هناك شيئًا اسمه المادة الخام التى تم تصويرها وهذه المادة يمكن إعادة مونتاجها مجددًا ويمكن أن تتم الاستعانة بها فى صناعة أعمال فنية أخرى سواء سينمائية أو وثائقية أو تسجيلية».
وأكد رشوان أن المتحف نفسه سوف يتم توثيقه كمبنى بكل قطاعاته وحجراته فى أكثر من عمل فنى، لأن كثيرين سوف يرغبون فى التصوير بداخله سينمائيًا، وبالطبع ستكون الأفكار لا نهاية لها فى عمل أفلام روائية أو وثائقية أو تسجيلية.
وحول إعادة مونتاج حفل الافتتاح بحيث يصبح فيلمًا قائمًا بذاته متلاشيًا الأخطاء التى حدثت، قال رشوان: «لا يوجد مشكلة فى الأمر لأنه يمكن إعادة مونتاج الأجزاء الخاصة بالحفل خصوصًا مع وجود كاميرات عديدة صورت الحدث على أكمل وجه، لكن المخرج كل مشكلته وقت النقل على الهواء مباشرة أنه كان سريع فى النقلات والقطعات، وهذا الأمر لم يشعر به من حضر الحفل لايف».
• المخرج عادل لبيب
وعلى غرار ما حدث فى أفلام سينمائية عديدة كانت المتاحف أو الآثار هى البطل الرئيسى فيها، أكد المخرج عادل أديب أن المتحف المصرى الكبير يمكن أن يكون مادة ثرية للغاية لأفلام كبيرة هو بطل حكايتها، قائلًا: «أتوقع أنه خلال الـ5 سنوات المقبلة سوف نجد عدة أفلام عالمية يتم تصويرها داخل أروقة المتحف، وهذا فى حد ذاته توثيق للمتحف الكبير، مع مراعاة تسهيل التصاريح الخاصة بالتصوير، فمثلًا عندما نشاهد فيلمًا سينمائيًا تم تصويره فى معلم سياحى وتمر السنين، فإن هذا يعتبر توثيقًا لهذا المعلم، ولنا فى ذلك أمثلة عديدة».
أما بالنسبة للحفل وتوثيقه مع تفادى الأخطاء الإخراجية التى تحدث عنها متخصصون، أراد أديب توجيه التحية لمخرج الحفل بقوله: «أثناء النقل على الهواء مباشرة تكون الأخطاء واردة للغاية وأحيانًا من الصعب تداركها مع مراعاة النواحى النفسية من التوتر وخلافه حتى لو سبقها بروفات عديدة، وأرى أن الحفل لا يحتاج إلى توثيق مسجل أصلًا، لأن بالفعل تم رصده عالميًا من خلال الصحف والمجلات العالمية المبهورين به، فضلًا عن المادة الأرشيفية الرهيبة المتاحة عبر منصات التواصل الاجتماعى، ولذلك استبعد فكرة توثيق الحفل بمفرده، أما المتحف نفسه فسيكون مادة ثرية لاحقًا لأفلام عديدة سواء كانت تسجيلية أو وثائقية أو روائية.
وعبر السنوات، شهدت أماكن ومعالم اثرية وسياحية مهمة توثيقًا غير مباشرًا لها عبر شاشات السينما، ولعل أبرزها متحف اللوفر فى باريس الذى ظهر بطلًا للحكايات فى أفلام عديدة، ومنها «شفرة دافنشى» بطولة توم هانكس عام 2006، والفيلم الوثائقى «اللوفر مدينة الضوء» عام 2020 والذى يعتبر توثيقًا واقعيًا للمتحف نفسه ويعرض التطويرات الداخلية والقطع الأثرية الشهيرة فيه، وفيلم «امرأة مذهلة Wonder woman» بطولة جال جادوت عام 2017 ، وفيلم «Bande a’ part» الفرنسى عام 1964.
وليس ذلك فحسب، لكن هناك معالم شهيرة أخرى كانت بطلًا لحكايات عديدة ومنها فيلم «Ocean’s 8»، والذى دارت أحداث قصته الرئيسية فى متحف المتروبوليتان للفنون فى أمريكا، وهو نفس المتحف الذى كان بطلًا لحكايات أكثر من فيلم سينمائى أمثال «عندما قابل هارى سالى» عام 1989 و«Hitch» عام 2005، والمشهد الشهير فى فيلم «روكى» بطولة سلفستر ستالونى أثناء صعوده درج المتحف، وكذلك برج خليفة الذى كان بطل المهمة الرئيسية فى الجزء الرابع من فيلم «المهمة المستحيلة» لتوم كروز، وفيلم جيمس بوند الشهير للفنان الإنجليزى دانيال كريج «سقوط السماء Skyfall»، والذى تم تصوير مشهد منه فى المتحف الوطنى بلندن.
• المخرج عصام السيد
أما من ناحيته، فقد رأى المخرج عصام السيد أن الطريقة المثلى لتوثيق المتحف هى الشكل السينمائى عبر صناعة أفلام تسجيلية سواء عنه هو أو عن قطعه ومقتنياته الثمينة، مثل صناعة فيلم عن الملك رمسيس الثانى وقصة اكتشافه فى منطقة ميت رهينة مرورًا بوضعه فى ميدان رمسيس حتى وصوله إلى المتحف المصرى الكبير، ويكون التعليق الصوتى لأحد النجوم المصريين الكبار.
فيما رفض السيد كليًا فكرة أن يتم توثيق حفل افتتاح المتحف، قائلًا: «حفل افتتاح المتحف هو على هامش الحدث الأساسى، وهو لا يحتاج إلى توثيق، لأن التوثيق يكون للمتحف نفسه، ومع الأسف الناس أعطوا حفل الافتتاح أكبر من حجه الطبيعى مع أن غايتنا الكبرى هى المتحف نفسه الذى يشتمل على كم ضخم من المعروضات التى لم تُعرض من قبل، وبه أكبر كمية آثار لحضارة واحدة فى مكان واحد».
• المخرج مجدى أحمد
وأكد المخرج السينمائى مجدى أحمد أن المتحف نفسه هو ما يحتاج لتوثيق حتمى من خلال فيلم تسجيلى وتوثيقى كبير يتحدث فيه من ساهموا فى مراحل اكتماله، وأفلام تسجيلية ووثائقية أخرى عن القطع الأثرية والأجنحة المهمة فيه.
بينما وصف على فكرة توثيق حفل الافتتاح نفسه أنها «غير موفقة على الإطلاق»، قائلًا: «كل ما يحتاجه حفل الافتتاح هو مجرد إعادة مونتاج فقط يصنعه مونتير ومخرج سينمائى محترفين، لأن النقل التليفزيونى له يعبر عن حالة توهان فضلًا عن المبالغة الكبيرة فى إعطاء مساحة كبيرة للرعاة، والحفل كله لم يخرج عن كونه كولاجًا غير مبنى على فكرة وغير مترابط وخالٍ من الروح المصرية».