سجل صائدو الدبابات بالجيش المصري، ملحمة تاريخية خلال حرب 6 أكتوبر المجيدة، فقد كانوا أول من عبر قناة السويس تحت قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلية؛ ليتسلقوا الساتر الترابي حاملين أدواتهم الثقيلة؛ ليتحولوا بعد ذلك إلى كابوس يطارد الدبابات الإسرائيلية، فلم يهابوا الوحوش المدرعة التي تزن 60 طنا، بل تقدموا نحوها بأسلحة "فهد"، مصوبين على الهدف بدقة ليحولوه إلى خردة، بعد أن كان يعد فخر لجيش إسرائيل لسنوات.
وتسرد جريدة "الشروق"، أبرز المعارك والأدوار التي نفذها صائدو الدبابات المصريون خلال وقائع الحرب، نقلًا عن كتب المعارك الحربية على الجبهة المصرية للواء جمال حماد، وكتاب "مذكرات حرب أكتوبر" للفريق سعد الدين الشاذلي، وكتاب "حرب يوم الغفران: ملحمة غيرت الشرق الأوسط" لإبراهام رابينوفيتش.
- صائدو الدبابات.. من مفاجآت الحرب
اعتمد الجيش المصري، على دبابات قديمة الطراز، وجنود مشاة مسلحين بقواذف "آر بي جي"، لمواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي المزود بدبابات أمريكية وبريطانية متطورة، كانت قد ألحقت خسائر بالقوات المصرية في حرب 1967.
غير الجيش المصري استراتيجيته، فاستورد قاذفات الصواريخ المضادة للدبابات من نوع "مالوتكا" السوفييتية، ودرب 5 كتائب متخصصة على استخدامها، لتعمل كقوات أمامية تستهدف الدبابات الإسرائيلية مباشرة، بدلًا من الاشتباك معها بدبابات أقل عددًا وقدرة.
- طليعة عملية العبور
عبر 6000 جندي مصري في الموجة الأولى، وتسلقوا الساتر الترابي الذي لم يكن قد سقط بعد، حاملين صواريخهم التي تزن 12 كيلوجرامًا.
توغل صائدو الدبابات، عميقًا داخل تحصينات خط بارليف، متجاوزين القلاع الحصينة؛ بهدف إعداد كمائن للدبابات القادمة لمساندة القوات الإسرائيلية، لتكون "قوة صائدي الدبابات" هي الدرع الأول الذي يحمي القوات المصرية من الهجمات المضادة، إلى حين عبور الدبابات المصرية بعد إزالة الساتر.
- تدمير الهجوم المضاد الإسرائيلي وخسائر فادحة
في 8 أكتوبر، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي، هجومًا مضادًا بأكثر من 200 دبابة، مستغلًا قوتها النيرانية لتدمير المواقع المصرية المتقدمة، لكن صائدي الدبابات كانوا في الانتظار، فسمحوا لها بالتوغل حتى أصبحت محاصرة، لتنهال عليها صواريخ "مالوتكا"، محدثة خسائر فادحة، ما أجبر الدبابات على الانسحاب واستسلام بعضها.
وانتهت المعركة بخسارة جيش الاحتلال الإسرائيلي المزيد من المواقع العسكرية.
- كيف يعمل صائدو الدبابات؟
شرح صائد الدبابات محمد المصري، الذي دمر 27 دبابة، طبيعة عملهم خلال لقاءات تلفزيونية ببرنامجي "الحياة اليوم" و"بالخط العريض".
وأوضح أن طاقم الصواريخ يتكون من 3 أفراد يعدون كمينا في انتظار الدبابات المتقدمة، وعند رصدها على مسافة 3 كيلومترات "وهو المدى الفعال للصاروخ" يتم إطلاق صاروخ "مالوتكا" وتوجيهه عبر المنظار لمدة أقل من نصف دقيقة، ليصيب هدفه مباشرة.
عند الانفجار، يولد الصاروخ لهبا قويًا يخترق تدريع الدبابة ويشعل النيران داخلها، ما يرفع الضغط الداخلي إلى 10 آلاف وحدة ضغط جوي، محدثا أثرا تدميريا هائلا.
- ملحمة المزرعة الصينية
أرسل جيش الاحتلال الإسرائيلي، عددا كبيرا من الدبابات لاختراق قناة السويس عبر "ثغرة الدفرسوار"، لكنها توقفت عند "المزرعة الصينية" أمام مقاومة مصرية شرسة.
وحاصر الحنود المصريون، الدبابات الإسرائيليين، وأطلقوا عليها الصواريخ من عدة جهات؛ ما أدى إلى تدمير 56 دبابة إسرائيلية في المعركة.
ونقل فيلم تسجيلي إسرائيلي بعنوان "معركة المزرعة الصينية" شهادة أحد الضباط الذين ذكروا شعورهم بالصدمة عند رؤية قذائف المالوتكا لأول مرة، ووصفوا حركتها البطيئة وصعوبة صدها قبل أن تصيب وتدمر الدبابة.
- أرقام بطولية
حقق عدد من صائدي الدبابات المصريين أرقامًا قياسية، كان أبرزهم: الرقيب محمد المصري، الذي دمر 27 دبابة ومجنزرة، وكان صاحب الضربة القاتلة التي دمرت دبابة العقيد الإسرائيلي الشهير عساف ياجوري، والمقاتل محمد عبدالعاطي، الذي دمر 23 دبابة ومجنزرة، وحصل على لقب "صائد الدبابات"؛ نظرًا لحصيلة أهدافه المميزة، والمقاتل إبراهيم عبدالعال، قناص ماهر دمر 18 دبابة ومجنزرة.
ووفق منتدى الدفاع العربي، فإن تلك الأرقام تعد الأعلى في التاريخ حتى عام 1973، إذ لم يسبق لأي جندي أن دمر هذا العدد من الدبابات، وكان الرقم القياسي السابق لجندي سوفييتي في الحرب العالمية الثانية وقد بلغ 8 دبابات فقط.