نسل شهاب الدين.. رواية تناقش صراع الأجيال والفساد المجتمعي - بوابة الشروق
الجمعة 12 سبتمبر 2025 3:15 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

نسل شهاب الدين.. رواية تناقش صراع الأجيال والفساد المجتمعي

رواية نسل شهاب الدين
رواية نسل شهاب الدين
محمود عماد
نشر في: الأحد 7 سبتمبر 2025 - 5:25 م | آخر تحديث: الأحد 7 سبتمبر 2025 - 5:25 م

تقدم رواية «نسل شهاب الدين» للكاتب أحمد حسني وديع، والصادرة عن دار نيسان للنشر والتوزيع في بداية العام، والتي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة خيري شلبي للعمل الروائي الأول، مقاربة سردية لصراع الأجيال وتناقض التوجهات، وبلمحة من تأريخ واقع معاش يمثل بشكل ما واقع المجتمع المصري، وينطلق السرد من مناقشة فساد الأشخاص، وصولا إلى فساد المجتمع كله.

وذلك عبر بنية سردية لرواية أصوات متعددة الرؤى، يقدم فيها الكاتب شخصيات مختلفة بشكل كبير في كل شيء، بداية من العمر إلى الأفكار والتوجهات والأيدلوجيات.

هنا لا يوجد بطل أوحد، بل كل الشخصيات تأخذ جانب من بطولة مشتركة، فكل شخصية تسرد الأحداث من وجهة نظرها تقص علينا حكايتها وعلاقتها بالأحداث من منظورها هي، ليصبح في النهاية النص الروائي هو البطل الأول.

نرى رواية تعرض لنا صورة مصغرة للمجتمع المصري، هنالك الشاب الحالم، ومن تريد النجاح والسلطة، والضابط الفاسد صاحب النفوذ، والإرهابي التائب، والعمدة، والغفير، والمنقب عن الآثار، هنا تجتمع فئات الشعب المصري في تباين كبير من أجل صناعة مجتمع الرواية.

الرواية تبدأ من بطلها المهندس علي الشاب الحالم الذي شارك في ثورة 25 يناير، يجد علي أنه أصبح يمتلك ثروة كبيرة نقلتها له طليقته الراحلة المهندسة سلمى.

تمثل سلمى الطموح الجامح شاركت في ثورة يناير، ولكنها ذات طموح جارف في الوصول لسلطة والجاه، وهذا ما يصل بها لطلاق من علي المعاكس لها في كل الصفات، ولكنه المحب لها بصدق.

تترك سلمى أملاك زوجها الثاني الضابط الفاسد أحمد عامر لعلي في محاولة انتقامية من عامر، يمثل عامر في الرواية فساد جهاز الداخلية، ولكنه ليس شرا مطلقا.

نعود معه لجذوره، إلى والده الضابط الشهيد الذي استشهد على أيدي الجماعات الإرهابية، وربما تهميش والده في الخدمة وزجه في تلك المنطقة الخطيرة، ثم تهميش أحمد عامر وأسرته بعد موت أبيه هو ما دفعه ليكون ذلك الفاسد الملاحق بعد الثورة، وذلك من وجهة نظره بالتأكيد.

تظهر أيضا الجذور الخاصة بعلي وأسرته، عائلة العمدة شهاب الدين العريقة بأسيوط، ويظهر عم علي عادل ابن العمدة، الذي سلك طريق التطرف والإرهاب بسبب مؤمن شقيق زوجته، ويمثل عادل ذلك الاتجاه المعروف بالمراجعات التي تمت في السجون من قبل النظام للمتطرفين من الجماعات الإرهابية.

ثم يمثل يحيى ابنه نظرة على تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، كما يمثل الإثنان كيف يمكن أن يذهب الأغنياء والمتعلمين في طريق الإرهاب، وربما بأسهل الطرق.

علاقة علي بهالة المرأة المسيحية هي محاولة أيضا لطرح فكرة الحب والزواج بين المسلمين والمسيحيين، وكيف يمكن لإثنين بعيدين دينيا وعقائديا أن يجتمعا في الحب.

إن صراع علي وعمه عادل مع الضابط أحمد عامر يمثل صراعا من أجل البقاء، يريد عادل بقاء نسل عائلة شهاب الدين عن طريق ابن أخيه علي إعمالا بوصية والده العمدة شهاب الدين، ويريد أحمد عامر أن يظل ذلك الرجل صاحب النفوذ والسلطة مهما حدث، صراع بلا طائل لأنه في نهايته سيؤدي إلى خسائر فادحة في الجانبين.

نرى أيضا واحدة من الأفكار الجوهرية في الرواية، وهي الدوافع المتباينة لعلي وعمه عادل في الرواية، وربما هذا من أهم ما تناقشه الرواية، وهو تباين الأجيال وصراع أفرادها فيما بينهم، حيث يحرك كل جيل هدف عكس الآخر يتمسك عادل بالتاريخ والجذور والنسل، فيما يتمسك علي بالقيم والحلم والحب، وهو صراع يحرق الجميع في النهاية.


رغم اتخاذ الرواية سرد الأصوات كما ذكرنا في البداية، ولكن أهم ما يميز هذا النص، هو سلاسته، ولغته الفصيحة البسيطة التي تلعب على نقطة المشهدية، فتحيل النص إلى شيئا أشبه بسيناريو سينمائي.

يمكن أيضا اعتبار الرواية وثيقة أدبية توثق واقع المجتمع المصري من حيث بعض الوقائع فيه من فساد اجتماعي، وإرهاب وتطرف، وجشع، وحب لسلطة والجاه.

بهذا المزج بين التوثيق والتخييل، وبين تعدد الأصوات وسهولة اللغة، يقدم أحمد حسني وديع رواية تنجح في أن تكون شاهدة على مجتمع شديد التباين يحمل في طياته صراعا كبيرا بين أفراده ربما في كل شيء، وذلك دون أن تفقد الرواية عنصر التشويق الدرامي الذي يجعلها أقرب إلى صورة سينمائية تُشاهد وتقرأ في آن واحد.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك